الكاتب المسرحي محمد بويش لـ"المساء":
الأيام البليدية بدأت محلية وفي غدها وطنية
- 734
التقت "المساء" بالكاتب المسرحي والمنسق العام للأيام المسرحية البليدية، محمد بويش، وطرحت عليه أسئلة حول هذه التظاهرة التي جرت بعاصمة الورود، مؤخرا، وكذا عن تنشيطه لورشة الكتابة المسرحية، فكان هذا الحوار.
❊ حدثنا عن ظروف تنظيم الأيام المسرحية البليدية؟
** فكرة تنظيم الأيام المسرحية البليدية تبلورت منذ أشهر عديدة، تحديدا حينما اتصل بي رئيس جمعية "زهرة اليوم"، الأستاذ عبد النور مراح، وطلب المساعدة لتجسيد مشروعه ميدانيا. حقيقة، لم يكن الأمر سهلا، نظرا لغياب الأطر المسرحية التي كانت تنشط بالبليدة رفقة الراحل سطوف، أي منذ عشر سنوات كاملة. لهذا اتفقنا على تنظيم طبعة تأسيسية لمهرجان وطني سيعرف النور يوما ما، لأننا نملك رؤية استشرافية للمسرح بالبليدة.
وهكذا وضعنا خطة عمل، تتمثل في تأسيس اللبنة الأولى لمشروعنا، ونعني بذلك تنظيم مهرجان محلي تشارك فيه فرق مسرحية من ولاية البليدة، بدون التعمق في مستوى العروض المشاركة، لأن همنا الآن خلق جمهور مسرحي يحضر العروض ويتفاعل معها، حتى يكون للبليدة مستقبلا، مهرجانها الجهوي وحتى الوطني، بشرط ـ كما ذكرت سابقا ـ امتلاك قاعدة ننطلق منها، تتمثل في المتلقي، لهذا نعمل حاليا على صناعة تلقي. وقد تلقينا في مهمتنا هذه دعما ماليا من بلدية البليدة ووزارتي الثقافة والشبيبة والرياضة، مكننا من تحقيق هذه الانطلاقة.
في المقابل، اتفقت مع رئيس الجمعية على تنظيم ورشات تكوينية، لأن أساس كل فرقة مسرحية هو التكوين، فاتصلت بأساتذة لإدارة هذه الورشات، وهم دراوي في ورشة الإخراج، وليد عبد الله في ورشة التمثيل، المتحدث في ورشة الكتابة الدرامية، سهام مباريك في ورشة الإعداد النفسي للممثل، ليلتحق بنا الكوريغراف العالمي سليمان حابس، الذي آمن بمشروعنا فشاركنا فيه. كما لبت أسماء معروفة دعوتنا لحضور حفل الافتتاح، وهي محمد شرشال وربيع قشي والدكتور بن خليفة، معبرين بذلك عن مساندتهم لنا في بعث الحركة المسرحية في البليدة.
❊ هل ترميم قاعة "محمد توري" وإعادة فتحها في وقت قريب، قد يساهم أيضا في بعث الحركة المسرحية بالبليدة؟
❊❊ أرجو أن يتحقق ذلك، لكن قاعة "محمد توري" ليست مسرحا جهويا، أي لا تمتلك التجهيزات اللازمة، وهو ما تفتقده ولاية البليدة بشدة، وأتوقف هنا لأشكر المسرح الوطني الجزائري على مساعدته لنا بخصوص العتاد. نعم يمكن للمسرح أن يستعيد بريقه في البليدة، ولا يتطلب ذلك مجرد إرادة، بل عتادا ومساعدة مالية أيضا.
❊ أطرت ورشة الكتابة، هل تعتقد أنها يمكن أن تعد لنا كاتبا مسرحيا؟
❊❊ أنا من الذين يؤمنون بأن الورشات تشكل إضافة للمتربص، لكنها لا تعلمه أسس الكتابة. مستحيل أن تعلمك ورشة، كتابة نص مسرحي، بل تضيف إلى زادك الثقافي، كي تستمر في الكتابة، لأنها موهبة تحتاج إلى صقل وتنمية، وفي هذا، أؤكد على القراءة لكي يتمكن المتربص من الكتابة، لهذا يجب قراءة أمهات الكتب في مختلف العلوم، خاصة للذي يريد التخصص في الكتابة المسرحية باعتبار أن المسرح أبو الفنون، فمثلا عليه أن يفهم في الفن التشكيلي، وإلا كيف له أن يدرك دلالة اللون الذي يختاره في عرضه، نفس الأمر بالنسبة للغناء والعديد من الفنون التي تستعمل في المسرح.
❊ في زمن تسارع المعلومة وغزو وسائل التواصل الاجتماعي، هل ما زال المسرح يخدم المواطنة؟
❊❊ التنظير العالمي الجديد والعولمة والظاهرة الرقمية والتكنلوجية، كلها دفعت بالمعرفة والفن إلى التراجع، وفي نفس الوقت هناك قبول لهما، لأن التكنولوجيا مثلا، تخطت خطوطها الحمراء، فأصبح الشاب يحاول الخروج من دائرة إدمان استعمال الهاتف النقال مثلا، فماذا يفعل؟ ربما يذهب إلى المسرح عله يتخلص ولو لساعة أو ساعتين من هاتفه. وقد شهدنا خلال الطبعة الأخيرة لمهرجان المسرح المحترف، الذي احتضنه المسرح الوطني الجزائري، إقبالا جماهيريا كبيرا، فقد كانت قاعة العرض يوميا ممتلئة عن آخرها. لكن عموما، المسرح لم يعد يجذب الجمهور كثيرا، أعتقد أن ذلك يرجع إلى اعتماد أغلب المخرجين على الاقتباس، وفي العادة، هذه النصوص التي تأتي إلينا من روسيا وأوروبا وأمريكا لا تناسب أيدولوجيتنا، كما أن الملتقي العادي لا يفهمها، لكن هناك مخرجون يشتغلون على نصوص محلية. أؤكد أنه من غير اليسير جذب الجمهور إلى المسرح، خاصة في ولايات مثل البليدة التي غاب عنها لمدة عشر سنوات.
❊ هل من نص مسرحي جديد لمحمد بويش؟
❊❊ صدر لي النص الثالث لثلاثيتي، التي كتبت نصها الأول بعنوان "الرهينة"، وعرف النور على ركح مسرح باتنة، والمخرجة نبيلة بن براهم، أما النص الثاني فبعنوان "رهين"، أخرجه على الركح شوقي بوزيد، وشاركت به في مهرجان الأردن، أما نصي الثالث والجديد فبعنوان "رهين بلا شكل"، سيقدم على الركح بتوقيع المخرج التونسي نزار الكشو.
عندي أيضا نصا تحت عنوان "رسائل من خلف الجدار" سيخرجه المخرج العراقي عبد الكريم القصي لمسرح بغداد، إلى جانب نص آخر أريد أن يجسد على ركح المسرح الوطني أو مسرح جهوي، والموسوم بـ"نص بينهما لا يلتقيان"، علما أنني أسعى دائما إلى طبع نصوصي وإصدارها في كتب، وسبق أن فعلت ذلك في دور نشر مصرية وتونسية ولبنانية.