ملتقى التهجير القسري للجزائريين

الاستيطان أطال عمر الاستعمار في الجزائر

الاستيطان أطال عمر الاستعمار في الجزائر
  • القراءات: 1334
 مريم. ن مريم. ن

ينظم قسم التاريخ بجامعة قسنطينة "2"، بالتعاون مع مؤسسة "الإمام الشيخ عبد الحميد بن باديس"، يوم الرابع نوفمبر القادم، الملتقى الوطني "التهجير القسري للجزائريين وآليات الاحتلال الفرنسي في تكريس الاستيطان الأوروبي في الجزائر خلال القرن 19م"، مع إعادة قراءة عمليات التهجير، باعتبارها استراتيجية فاعلة في التغيير الاجتماعي، والقضاء على هوية البلد المحتل، وتفكيك الروابط التي تمكن الشعب من المقاومة والتصدي، بالتالي تسمح بترسيخ المجتمع الاستيطاني الجديد وتمليكه أدوات القوة والسيطرة.
جاء في ديباجة الملتقى، أن الاستيطان الأوروبي في الجزائر، مثل هدفا مركزيا للاستعمار الفرنسي من أجل إنجاح مشروعه بالجزائر، فمنذ أن قررت فرنسا الاحتفاظ بالجزائر وضمها لأراضيها في أولى سنوات الاحتلال (1834)، جعلت من الاستيطان جوهرا لسياستها الاستعمارية، واستراتيجية للاحتلال وإعادة تشكيل جزائر مختلفة عن تلك الأمة التي احتلتها سنة 1830، من خلال توسيع قاعدة حضور الأوروبيين، وخلق مجتمع جديد ينتمي إلى نفس النسق الحضاري الإمبريالي للاستعمار، والذي سيصبح مع طول أمد الاحتلال المعبر الأول عن روح الاستعمار، واستراتيجيته في الإدارة والتسيير والحكم والتحكم، من خلال انتهاج مختلف أساليب الإنهاك، من تفقير للجزائريين وتفكيك لبناهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بواسطة مصادرة أراضي القبائل والأعراش، وتهجير أهاليها، وكسر مقاوماتهم الشعبية.
وجاء أيضا، أن ترسانة التشريعات القضائية شكلت الاستراتيجية الأساسية التي ارتكزت عليها الإدارة الاستعمارية الفرنسية، لتوسيع الاستيطان الأوروبي في الجزائر والتمكين له، وقد هدفت إلى منح التبرير القانوني لعمليات التهجير الواسعة للجزائريين والاعتداء على ملكياتهم الخاصة، ومصادرة أملاكهم المشتركة، في إطار منظومة العرش والقبيلة، ومنح الشرعية لنقل هذه الملكيات إلى المستوطنين والمؤسسات الاقتصادية، التي مثلت أحد أبرز مقومات المشروع الاستعماري، الذي حول الأراضي الجزائرية إلى مجرد امتداد للمنظومة الاقتصادية الفرنسية.
يستهدف ربط موضوع التهجير القسري بالاستيطان، بالأساس، الكشف عن وضعية مجتمعين في جزائر القرن 19، المجتمع الجزائري وما تعرض له من إبعاد عن أرضه، ثم ما ترتب عن ذلك من مظاهر الفقر والحرمان ومجتمع المستوطنين وطرق توطينه وحمايته في محاولة لتغيير الواقع، بتحويل الدخيل إلى صاحب الأرض عبر المنظومة القانونية وسياسة الأمر الواقع.
أكد مضمون الديباجة، أن دراسة السياسة الاستعمارية انطلاقا من فحص استراتيجيات تثبيت المستوطنين وتغريب السكان الأصليين، ينتمي إلى حقل الدراسات المتخصصة في الاستعمار الاستيطاني، والتي تتأسس على التعامل معه وفق تعبير باتريك وولف، باعتباره "بنية" لا "حدثا"، بالتالي إعادة قراءة عمليات التهجير باعتبارها استراتيجية فاعلة في التغيير الاجتماعي، والقضاء على هوية البلد المحتل، وتفكيك الروابط التي تمكن الشعب من المقاومة والتصدي، بالتالي تسمح بترسيخ المجتمع الاستيطاني الجديد وتمليكه أدوات القوة والسيطرة.
بناء على ما سبق، يثير موضوع الملتقى إشكالية مركزية تتعلق بالأهداف التي قصد إليها الاستعمار الفرنسي من السياسات المستمرة في تغيير البنية الاجتماعية للجزائريين، عبر عمليات النفي والطرد والإبعاد والتهجير الجماعي، وعلاقة ذلك بسعيه لإنجاح المشروع الاستيطاني الذي يضمن له ديمومة الاحتلال وتثبيته والقضاء على مقومات المقاومة، مع استحضار مختلف النتائج التي تمخضت عن هذه الممارسات، بما في ذلك إعادة تشكيل روابط جديدة، أعادت تأطير الوعي الوطني والدفع به نحو أشكال مختلفة من المقاومة.
للإشارة، تندرج تحت هذه الإشكالية جملة من التساؤلات، منها "طبيعة الاستعمار الفرنسي للجزائر؟ وإلى أي مدى جمع بين نمطي الاستعمار الاستغلالي والاستيطاني؟" و«ما مدى حضور تاريخ الجزائر المستعمرة في الدراسات التي تهدف إلى تفكيك استراتيجيات اشتغال الاستعمار الاستيطاني ونتائجه؟"، وكذا "ما هي حدود نجاح سياسة التهجير القسري للجزائريين في توطين مجتمع الأوروبيين في الجزائر؟"، و«ما مدى مساهمة الاستيطان في إطالة عمر الاستعمار الفرنسي للجزائر؟"، أضف إلى ذلك "ما هي ردود فعل الجزائريين على سياسة الاستيطان، وكيف ساهمت هجرة الجزائريين في زيادة وعيهم بقضيتهم الوطنية، وفي توظيف التجارب النضالية السياسية التي اكتسبوها في بلاد المهاجر في النضال الوطني، واسترجاع الاستقلال الوطني؟"، وأيضا"ما هي التأثيرات والتحولات التي أحدثها الاستيطان الأوروبي على المجتمع الجزائري؟".