6 فنانين يعرضون بفضاء فرانس فانون
الجزائر.. البلد المحظوظ بجمال طبيعته وتنوّع تراثه

- 198

اجتمع فنانون تشكيليون في فضاء "فرانس فانون" برياض الفتح؛ بغية إبراز جمال الجزائر من خلال لوحاتهم التي رسموا فيها بهاء بلدنا، وتنوّع تراثه العريق، يعرضوها، حاليا، في معرض تحت عنوان "جمال الجزائر".
عندما تزور المعرض المقام حاليا بفضاء فرانس فانون، تشعر أنك وسط عائلة فنية، تضم فنانين سعداء بعرض لوحاتهم في مكان واحد، ولا يترددون في تعريف الزائر بأعمال زملائهم بكلّ سعادة وفخر.
لقد تمكن الفنانون الستة ـ وهم خيدر حياة سغني، وحميدي فتيحة، وحسين منى، ومسدور أنيسة، وسالم أحمد أمين وبوشوشي عمر ـ من خلق حميمية في هذا المعرض؛ فلا نشعر، مثلا، بوجود تنافس بين الفنانين العارضين للوحاتهم، بل نلاحظ الكثير من التفاهم والانسجام بينهم؛ ما أضفى على هذه الفعالية جوا من الجمال، والراحة النفسية في نفس الوقت.
وبالمناسبة، تشارك خيدر حياة سغني في هذا المعرض بلوحات رسمتها بمختلف التقنيات (الزيتي، والأكريليك، والأكوارال). واختارت أن تعبّر عن جمال بلدها بإبراز تراثه من خلال لوحات رسمت فيها نساء من مختلف المناطق الجزائرية وهن يرتدين أجمل الملابس التقليدية، ويضعن أرقى الحليّ؛ مثل المرأة الترقية، والقسنطينية، والقبائلية، والعاصمية. هذه الأخيرة رسمتها في لوحة تضع الحايك والعجار، وتنظر إلينا بعينين لامعتين.
حياة أخبرت "المساء" أنها تواصل إنجاز سلسلتها "الجميلات" التي ترسم فيها نساء الجزائر "الفحلات" مثل الجميلات الثلاث. كما تعرض في هذه الفعالية مجموعة معتبرة من الدمى ترتدي ألبسة تقليدية، لتؤكد تنوع وبهاء تراثنا الجزائري، إلى جانب لوحات أخرى؛ مثل لوحة رسمت فيها طير "المقنين" ، والقصبة، والطبيعة، والأزهار، وحنان الأم، وشساعة الصحراء، والحصان، بالإضافة إلى إعادة رسمة للفنان كلود موني، ورسم لوحة عن الموسيقى، مستعملة في ذلك أسلوب الفن العفوي.
أما الفنانة فتيحة حميدي فقد رسمت عدة مواضيع تصب، هي الأخرى، في مجال التراث الجزائري عموما؛ مثل لوحة رسمتها عن الحاج محمد العنقى مستعملة في ذلك الأقلام الملونة. أما لوحة البحر فقد مزجت فيها عدة شواطئ؛ مثل بني حواء ولابوانت لتكون النتيجة شاطئ بحر يركن على رماله مركّب يقابله سفينة شراعية، بينما جاءت لوحة القصبة مفعمة بالتفاصيل، تظهر فيها امرأة ترتدي الحايك. وفي لوحة أخرى نجد "الصنايعي" الذي قالت عنه فتيحة إنه يرمز لكل الحرفيين الذين كانت تمتلئ بهم البهجة.
لوحة أخرى للتشكيلية رسمتها عن الحصان الأصيل؛ فهي تعشق الأحصنة، وكانت تمتطيها في صغرها. كما رسمت الفنانة لوحات عن تقاليد منطقة القبائل؛ مثل جني الزيتون، وأواني تصنيع الكسكسي، مستعملة في لوحاتها تقنيتي الأكريليك والرسم الزيتي، بينما تعرض الفنانة منى حسين ست لوحات، من بينها لوحة رسمت فيها امرأة تعزف على آلة بيانو نسبة إلى حبها للموسيقى، ورغبتها في تعلّم أصولها. كما رسمت أكثر من عمل عن المناظر الطبيعية في منطقة القبائل؛ منها الخيالية، ومنها ما التقطت صورا عنها وأعادت رسمها، مثل اللوحة التي رسمت فيها واجهة البيت العائلي الذي يقع بين تيقزرت وأزفون، حسبما صرحت بذلك لـ"المساء"، معترفة بحبها للفن الآسيوي. والدليل على ذلك استعمالها اللون الوردي بشكل جليّ في إحدى لوحاتها.
من جهتها، تشارك الفنانة أنيسة مسدور بلوحات من الحجم الكبير، استعملت فيها تقنية الرسم الزيتي ما عدا لوحة واحدة رسمت فيها غرداية بتقنية الأكريليك، قالت عنها في حديثها مع "المساء"، إنها تبتغي الترويج لتراث بلدها الجزائر من خلال رسمها نساء يرتدين الزي التقليدي، ويضعن الحلي الخاصة بمنطقتهن، مؤكدة حبها للتراث؛ فهي تعشق كل ما هو عتيق وجميل وبسيط في آن واحد. وفي هذا استعملت في لوحتين اللونين الأبيض والأسود؛ نسبة لعصر كانت فيه الصورة تُستخرج بهذين اللونين فقط. ورسمت، أيضا، لوحة عن الأب الذي نادرا ما يجد نفسه في لوحة فنية، عكس الأم.
وأكدت أنيسة حبها للمساهمة في الترويج لتراثنا، الذي، للأسف، زال بعضه؛ لهذا فمن الضروري جدا حمايته، وتثمينه، وهو ما تحاول فعله من خلال لوحاتها، مشيرة إلى قيامها بأبحاث حول المواضيع التي ترسمها.
ولم يقتصر هذا المعرض على المشاركات النسوية، بل يعرف، أيضا، مشاركة فنانَين هما سالم أحمد أمين وبوشوشي عمر. والبداية مع أمين، الذي قص على "المساء" حبه لفترة الحكم العثماني للجزائر، والذي عكسه على مجموعة من اللوحات التي يعرضها بالمناسبة. وقال إنه معجب بتلك الفترة من حيث تفاصيل اللباس، والعمران، وغيرهما. ويدعو أمين زائر المعرض إلى اكتشافها. وقد رسم هذه اللوحات معتمدا على الكتب، والبطاقات البريدية، ولوحات المستشرقين.
كما رسم أمين القصبة؛ بنتين تطلان على المحروسة من خلال شرفة دويرة. ووضع على شعر إحديهما "قردون" ؛ أي قطعة قماش يربط بها الشعر بغرض تمليسه. وفي لوحة أخرى رسم صيادا عائدا إلى ديرته، يخيَّل إلينا أنه يتحرك فعلا لواقعية المشهد، ولاعتماد الفنان على إبراز التفاصيل، واللعب على الظلال.
ورسم أمين، كذلك، لوحات عن بسكرة، وبوسعادة، ومنطقة القبائل؛ لجمال مناظرها، وشدة لمعان شمسها. أما الفنان عمر بوشوشي فرسم عدة لوحات بتقنية الأكوارال، أبرز فيها الثقافة الأمازيغية. وفي لوحات أخرى رسم بقلم الرصاص، شخصيات يحبها، وهي الطاهر جاوت، وكريم بلقاسم، وإسياخم، وسي محند أومحند.