يوم دراسي حول التكوين الفني.. وزير الثقافة والفنون:

الحقل التكويني رهين بقدرة التفكير الجماعي واتخاذ القرارات الجريئة

الحقل التكويني رهين بقدرة التفكير الجماعي واتخاذ القرارات الجريئة
وزير الثقافة والفنون زهير بللو
  • 195
 لطيفة داريب لطيفة داريب

أكّد وزير الثقافة والفنون زهير بللو أن إنجاح الحقل التكويني رهين بالقدرة على التفكير الجماعي واتخاذ قرارات جريئة تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وتفتح آفاقا جديدة أمام أجيال من المبدعين.

أضاف بللو في كلمة قرأها نيابة عنه الأمين العام للوزارة السيد سيد علي سبع خلال افتتاح اليوم الدراسي لمؤسسات التكوين الفني لتقييم الأداء واستشراف المستقبل المنظم أمس بقصر الثقافة، أن تنظيم هذا اليوم الدراسي يُهدف منه انشاء ديناميكية جديدة تنبع من تلاقح الأفكار وتبادل التجارب، وترتكز على شراكة حقيقية بين جميع الفاعلين في مجال التكوين الفني، مشيرا إلى أن التكوين المتخصص في الفنون والتراث أضحى ضرورة لا غنى عنها، ليس باعتباره مجرد عملية تعليمية وحسب، بل باعتباره فعلا بنائيا يسهم في صقل الموهبة وتحويلها الى مهارة وفي صناعة رأسمال بشري قادر على الابداع والإنتاج والمنافسة، سواء في السوق الوطنية أو الدولية.

وتابع الوزير قائلا "إننا لم نعد نعوّل على الموهبة الفطرية وحدها، بل لا بد من مواكبتها بمعايير بيداغوجية وتقنية حديثة تعكس طبيعة الفنون وتخدم خصوصيتها الجمالية والمعرفية، لهذا تم بالمناسبة، تنظيم ثلاث ورشات حول تقييم وتشخيص مسارات التكوين، وهذا بغية تجاوز النقائص وصياغة رؤية واضحة حول التكوين تستند الى مقترحات عملية وواقعية، وتسهم في الارتقاء بالأداء العام للمؤسسات التكوينية.

وهي محور الموارد البشرية والتسيير الإداري والمالي، محور الرقمنة والمقاولاتية وأخيرا محور تحسين الأداء البيداغوجي. بالمقابل، تم قبل فتح الورشات، تقديم ثلاث مداخلات، الأولى للدكتورة فاطمة الزهراء شامي، مديرة مركز تطور المقاولاتية بالمدرسة العليا لتسيير اقتصاد الرقمية وممثلة عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، التي قالت فيها إن الإصلاحات والتطورات التي شهدتها الجامعة الجزائرية في السنوات الأخيرة، تمثل التزاما راسخا بضرورة تطوير بيئة تعليمية رائدة ومواكبة للتحديات الاقتصادية والتكنولوجية الحديثة، وهذا من خلال تعزيز ريادة الأعمال والرقمنة والحوكمة الشفافة.

وأضافت أن الجامعة تسعى الى تزويد الطلبة بالمعرفة والمهارات اللازمة للإدماج الفعلي في الاقتصاد الوطني والدولي، كما أن انفتاح الجامعة على المحيط المحلي والدولي بالإضافة الى تعزيز دور المدارس الثقافية والفنية، يعكس أهمية دور التعليم العالي في بناء اقتصاد معرفي وابداعي مستدام.

وقدمت الدكتورة بعرض الأرقام التي تخص موضوع اليوم الدراسي مثل وجود 117حاضنة جامعية وحاضنة رقمية، واحدة في الجزائر تعمل على مرافقة الطلبة في تحويل أفكارهم الى مشاريع قابلة للتنفيذ (11.800 مشروع مبتكر) وكذا وجود 109 مركز تطوير المقاولاتية توفر تكوينات ودورات تدريبية لتعزيز المهارات الريادية، بالإضافة الى 51 دار للذكاء الاصطناعي تسهم في دمج التقنيات الحديثة في العملية التعليمية والبحثية و91 مركزا للدعم التكنولوجي والابتكار تدعم تطوير المنتجات والخدمات المبتكرة، علاوة على توفر الجزائر على 80 مؤسسة فرعية ومكاتب الاستشارات تربط الجامعة بالمحيط الاقتصادي والاجتماعي.

أما الدكتورة مقاتلي سلمى بدرة، رئيسة دائرة متابعة المشاريع الرقمية بالمحافظة السامية للرقمنة، فقد دعت في مداخلتها الى تحسين البنية الرقمية لمؤسسات التكوين العالي في مجال الفنون والتراث من خلال الاستفادة من المركز الوطني الجزائري للخدمات الرقمية ووضع شبكة وطنية تربط المؤسسات التكوينية فيما بينها وكذا مع وزراتي الثقافة والتعليم العالي للاستفادة من المنصة الوطنية للتشغيل البيني.

كما اقترحت الدكتورة في مداخلتها ربط قواعد البيانات الفنية مع المنصة الوطنية للتشغيل البيني باستخدام الشبكة السيادية وتطوير خدمات رقمية ضمن البوابة الوطنية التفاعلية للخدمات الرقمية لتسهيل الوصول الى الخدمات الثقافية، وكذا تطبيق المرجع الوطني لحوكمة البيانات لاستخدام موّحد في تصنيف وتوثيق الأعمال الفنية والحقوق الفكرية، ووضع وتطوير نظم معلومات جغرافية للتراث ونفس الأمر بالنسبة لأنظمة رقمية لإدارة الحياة البيداغوجية وكذا بالنسبة لنظم الإدارة الالكترونية للمجموعات الفنية.

بدوره، قدم الدكتور سامي عبد الحفيظ من جامعة تلمسان، مداخلة بعنوان "المقاولاتية في مجال الفنون والتراث" قال فيها إن الجامعة تشهد ديناميكية كبيرة فيما يتعلق بموضوع تشجيع الثقافة المقاولاتية من خلال التحفيز على انشاء مؤسسات ناشئة وهو خيار يفتح الباب أمام الطاقات المبدعة لتساهم في الاقتصاد الوطني. وتابع أنه في ظل التوجهات العالمية المتسارعة نحو التنويع الاقتصادي وتعزيز التنمية المستدامة، تبرز الثقافة كأحد الموارد غير المادية ذات القيمة الاستراتيجية ليس فقط لما تحمله من رمزية وهوية، بل لما تختزنه من إمكانات اقتصادية ومجتمعية تجعلها رافعة حقيقية للتنمية، ولهذا فان ادماج الثقافة في الاستراتيجية التنموية الوطنية هو رهان للمستقبل.

كما تطرق الدكتور الى أهمية استثمار الرأسمال الثقافي من خلال تكريس الحركة من المعطى الثقافي الى المعطى التنموي ضمن سياسة استثمارية ثقافية، لينتقل الى المكانة العليا للاقتصاد الإبداعي والذي يعد أحد النماذج الاقتصادية المعاصرة التي أصبحت تهيمن على العديد من المهن والقطاعات التجارية والاقتصادية.