يوم أدبي وطني في ذكرى 20 أوت المزدوجة بعنابة

الدكتور فني يحاضر عن "الثقافة في السياسات العمومية"

الدكتور فني يحاضر عن "الثقافة في السياسات العمومية"
الدكتور عاشور فني
  • 1203

قدًم الدكتور عاشور فني، في إطار اليوم الأدبي الوطني الذي نظًمه الديوان الوطني للسياحة والثقافة بعنابة وبيت الشعر الجزائري مكتب عنابة، بالتنسيق مع دار الثقافة "محمد بوضياف"، نهاية الأسبوع المنصرم، بمناسبة ذكرى 20 أوت المزدوجة، مداخلة بعنوان "الثقافة في السياسات العمومية الجزائرية"، أوضح فيها أن السياسات العمومية هي ما تقوم به الهيئات الرسمية على مختلف المستويات سواء على المستوى المركزي الحكومي أو على المستوى المحلي مثل البلديات والولايات، أو أدنى من ذلك حين تتخلى عن بعض المهام للمجتمع المدني، مضيفا أنّ السياسة العمومية يمكن أن تكون إيجابية، بمعنى أن الدولة أو الحكومة أو الهيئات تتدخل مباشرة في موضوع سياساتها، أو أن تكون سلبية بمعنى أن الدولة تقرر  رفع اليد عن أنشطة معينة.

الدكتور فني أكّد أنّه في مجال الثقافة الجزائرية ومنذ الاستقلال، وضعت الدولة استراتيجية في نصوصها الأساسية مثل ميثاق الجزائر والميثاق الوطني 1976 و1986، ثم ما أقرته الحكومات والهيئات المختلفة من نصوص، حيث كانت هناك استراتيجية ثقافية وأهداف محددة تسعى إلى تحقيقها، كما وُضعت وسائل قيد العمل تحت تصرف هذه الاستراتيجيات، وكانت هياكل وإطارات وموارد ثقافية وموارد بشرية لتحقيق ذلك موجودة منذ الاستقلال إلى حدّ الآن.

وعلى مستوى محتوى السياسات الثقافية ومحتوى الثقافة في السياسات العمومية منذ الاستقلال، قال المحاضر إنه يوجد تنوّع كبير، ففي السنوات الأولى، اتّجهت الدولة مباشرة إلى تشكيل فضاء ثقافي وطني على أنقاض الفضاء الاستعماري المفروض على الجزائر، كان هدفه قمع الجزائريين، ما استوجب تشكيل فضاء ثقافي وطني يسمح للجزائريين بالتعبير عن انشغالاتهم وعن رؤاهم وعن أفكارهم، وبالتالي، أصبحت الثقافة الوطنية ملتصقة بالجماهير، والنصوص الأساسية المختلفة كانت تلح على ضرورة أن تكون الثقافة وظيفة شعبية، وظيفة ثورية ووظيفة علمية، إذ أن أهم الخصائص التي ميًزت السياسات الثقافية المتعاقبة، سعت السياسات المختلفة إلى تنفيذها.    

وأضاف الدكتور فني أنّ بعض السياسات نجحت على المستوى العملي، مثل سياسة الكتاب التي نجحت في إنشاء الشركة الوطنية للنشر والتوزيع وكذا المؤسسة الوطنية للكتاب، وفتحت النشر للناشرين الخواص، كما نجحت أيضا على صعيد المكتبات العمومية التي ترصد لها ميزانية وموارد بشرية ومالية وتجهيزات مختلفة، وأصبحت بالتالي لدينا شبكة من المكتبات العمومية تحت إشراف وزارة الثقافة، أما على مستوى الفضاءات الثقافية المختلفة، مثل المسرح الوطني، المتاحف والأنشطة الثقافية المختلفة، فأكد أن هناك العديد من الإنجازات، مثل دور الثقافة ومراكز الثقافة المختلفة، بالإضافة إلى هياكل موجًهة للشباب والرياضة أو موجًهة للسياحة وغيرها تحت وصايات مختلفة، خدمة للثقافة.

إلى جانب ذلك، توجد ترسانة من القوانين والتنظيمات، وكذا الهيئات والمؤسسات المشرفة على الثقافة، مثل الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة وهو مهم جدا من أجل الحفاظ على حقوق المؤلفين في شتى المجالات، وفي نفس الوقت هناك مديريات للثقافة على مستوى 48 ولاية منذ منتصف التسعينات، فكل هذه الشبكة الكبيرة من الهياكل والمؤسسات والشبكة من الإطارات والكفاءات لصالح الثقافة، ورغم هذا لا تمثل كل السياسة الثقافية، على حد تعبيره، مرجعا السبب إلى المحتوى الثقافي الذي ينبغي أن ينهض به المجتمع المدني أي الجمعيات، المبدعين والمثقفين، لأن هياكل المؤسسات لا تفي بالغرض، حسبه.

وفي هذا الصدد، دعا إلى ضرورة وجود مبدعين ومثقفين، وربط الصلة ما بين هذه المؤسسات وهذه الكفاءات والموارد مع الإبداع الحقيقي الذي هو الإبداع الشعبي تحت تصرف الإبداع والكفاءات الإبداعية الحية في المجتمع، مضيفا أنه إلى جانب هذا، هناك نوع من الثقافات في مجالات مختلفة تنمو في الظل، وهو الدور الأساسي الذي ينبغي أن يقوم به مستقبلا، المجتمع المدني من جمعيات ومبدعين مستقلين، من كل النطاقات، سواء الإبداع الأدبي أو الموسيقي أو في مجال الفنون التشكيلية كل على اختلافه، وهذا بتنظيم محاضرات وندوات وملتقيات التي يمكن أن تنهض بها الجمعيات والمؤسسات بالتعاون مع الأطر والكفاءات والمبدعين المثقفين.

 

وردة زرقين