القصر القديم بالمدية

الشروع في إجراءات التصنيف

الشروع في إجراءات التصنيف
  • القراءات: 394
م. ص م. ص

شرعت مديرية الثقافة والفنون لولاية المدية، مؤخرا، في إجراءات تصنيف القصر القديم، النواة الحضرية القديمة لمدينة قصر البخاري (جنوب المدية) كقطاع محمي، تحسبا لإخضاعها لدراسة اللجنة الوطنية للممتلكات الثقافية، وفق ما علم من هذه الهيئة.

أوضحت مديرة الثقافة سليمة غاوة، أنه تم تنصيب ثلاث مجموعات عمل، تتكفل الأولى بالشق التاريخي، ويترأسها الكاتب سعيد بن زرقة، من مواليد مدينة قصر البخاري، الذي كرس لها أحد أعماله المعروفة تحت اسم "قصر البخاري، مدينة الشمس". أما مجموعة العمل الثانية، فهي مكلفة بالشق المعماري والحضري، تحت قيادة الجامعية سميرة حاوي والمهندس المعماري فريد أسامة، فيما يتكفل فريق العمل الثالث، الذي يرأسه ممثل عن المجلس الشعبي البلدي لقصر البخاري، بمهمة إعداد جرد للأملاك، يتضمنها القصر القديم، وطبيعتها القانونية، من أجل تحديد العمليات الضرورية في إطار هذا الإجراء، حسب نفس المصدر.

أشارت السيدة غاوة، إلى عقد عدة لقاءات مع جامعيين وباحثين وأعضاء جمعيات، ناشطة في مجال الثقافة والتراث ومنتخبين محليين، بهدف إعداد ملف تصنيف، سيتم إيداعه لدى اللجنة الوطنية للأملاك الثقافية بهدف الدراسة.

ويعود الفضل في بناء القصر القديم لمحمد البخاري، الذي منح اسمه للمدينة التي شكلتها قرون من التاريخ، ميزتها أعمال الشخصيات الدينية العظيمة التي عبرت بها. كما تخللتها ملاحم وبطولات عديدة، كان أبرزها؛ المقاومة الشعبية التي قادتها قبيلة أولاد سيدي الشيخ والحاج البركاني، الذراع الأيمن للأمير عبد القادر، وفق ما ذكره سعيد بن زرقة في كتابه.

وقد شكلت هذه الملاحم التاريخية مادة تاريخية هامة لكتّاب وفنانين أوروبيين مشهورين، على غرار غي دي موباسان وهنري مالتوسن واوجان فرومنتان واوجان ديلاكروا. كما تم تخصيص قصص لا حصر لها لهذه المدينة قمحية الألوان، التي شيدت بمحيط زاوية سيدي البخاري، ما يمنحها مجالا كبيرا للتمتع بمنظر مساحات السهوب الشاسعة، التي تتوسط الأطلس التلي والهضاب العليا، وفق نفس المؤلف.

أضاف السيد بن زرقة، أن العلامة ابن خلدون خصص مقالات طويلة لهذه المدينة، ضمن قصص أسفاره، كما أبرز اوجان فرومنتان في كتابه "صيف في الصحراء"، جمال الموقع وأسراره، فيما وصف هنري مالتوسن "أرضا إفريقية تحوى الكثير من العبق والأسرار التي خلقها الله للمتصوفين والفلاسفة".

بدوره، قال عنها غي دي موباسان، إنها "مدينة متمردة، حيث تتشكل وتنتهي كل الثورات في موعد البخاريين"، في إشارة إلى تسمية سكان هذه المدينة.

يعد الموقع الاستراتيجي لقصر البخاري، أهم عناصر تحولها آنذاك إلى ملتقى للطرق التجارية، يجذب إليها التجار والحرفيين والمواطنين من الجنوب، لاسيما من وادي ميزاب، بحثا عن الهدوء وصفقات جديدة. كما شكل توفر مصادر المياه سببا في تطور النشاط الفلاحي (زراعة الحبوب) وتربية الأغنام والماعز، اللذان ساهما في ازدهارها الاجتماعي والاقتصادي.

كما شرعت مديرية الثقافة والفنون، مؤخرا، في إطار جهود تصنيف القصر القديم كقطاع محمي، في عملية ترميم مست "المسجد العتيق"، وهو مكان عبادة إسلامي قديم، تم تشييده في منتصف القرن 18، على أن يتم توسيع العملية لاحقا لفائدة معلم تاريخي آخر، وهو زاوية "الشيخ الموسوم" المشيدة خلال القرن 19، والتي شكلت مركز إشعاع ثقافي وديني لعقود من الزمن، وفق توضيحات السيدة غاوة.