تعتبر الغيرة الإيجابية أحد الحوافز النفسية التي تدفع بالفرد إلى النجاح في أمر معين، أو تغيير واقع ما بفعل رفضه، والسعي إلى تغييره للأحسن، كما هو الحال بالنسبة للكثير من الأصوات الجزائرية التي تعشق الأصالة إلى حد النخاع، وتعمل جاهدة من أجل المحافظة عليها وإيصالها إلى الأجيال الجديدة في قالب محفوظ، لإيمانهم بأن إرث الأجداد أمانة ثقيلة ملقاة على الأكتاف لا يحملها إلا من يعرف قيمتها عميقة الجذور والمتواصلة مع الأجيال أيضا.
فبفضل الحرص الذي يوليه الكثير من هؤلاء الغيورين على الفن، تمت المحافظة على الأعمال الخالدة والقوالب الفنية والجماليات المتعددة التي صنعت وتصنع مجد الأغنية الجزائرية الثرية بمختلف طبوعها، على غرار الصحراوي، البدوي، العاصمي، السطايفي والوهراني الأصيل وكذا المألوف والأندلسي. ففي كل مرة يحاول التجار الباحثون عن الربح السريع، والمتقوقعون في - فقاعة الصابون- خدمة مصالحهم على حساب الفن بأعمال هابطة يستحي المرء سماعها مع نفسه، يتصدى لهم الغيورون بأعمال مميزة تظهر للجميع كيف أن كل ما هو أصيل لا تزعزعه رياح المالح والحسابات الضيقة.
فالغيرة الإيجابية نعمة الانطلاق والذهاب بعيدا لبلوغ آفاق النجاح أو تحطيم التصورات الخاطئة أو الكاذبة التي يسعى البعض إلى تصويرها من أجل أغراض آنية، فما أحوجنا إلى القوة الغيورة الإيجابية في مثل هذه الأيام لحماية الفن من فساد الذوق.