إحياء الذكرى الـ20 لرحيل مومو بقصر رياس البحر

الفيلسوف الغطّاس الولهان بعشق المحروسة

الفيلسوف الغطّاس الولهان بعشق المحروسة
  • 2198

أحيت مؤسسة "القصبة" أول أمس بقصر "رياس البحر"، ذكرى وفاة شيخ القصبة حيمود إبراهيم المعروف بـ«مومو"، حضرها جمع من المثقفين والمهتمين بالتراث، إضافة إلى جمهور غفير اكتظت به القاعة، وتم خلالها استحضار أعمال الفقيد ومواقفه التي تعدت حدود الوطن.

استهل اللقاء بتدخل الأستاذ بلقاسم باباسي رئيس مؤسسة "القصبة" الذي حيا فيه روح هذا الرجل الذي بقي رمزا لمعشوقته القصبة، ثم أسهب في الحديث عن حياته، من ذلك لباسه الجزائري العريق الذي كان يفتخر به كونه يعكس الشخصية الوطنية، ثم الحديث عن إحدى خوارقه العجيبة وهي الغطس التي حيرت أكبر العلماء، حيث كان يمكث تحت البحر لمدة تقارب الـ6 دقائق، لذلك عرّف بـ«العوام" وكان ينقذ حتى الفرنسيين إبان الفترة الاستعمارية، ويغوص تحت البحر ليحصل على قطع ضاعت من أصحابها، كما كان يصلي تحت البحر ويخشع أمام قدرة الخالق الذي أبدع في كونه.

تحدث باباسي أيضا عن الراحل "مومو" كأول رئيس لمؤسسة القصبة، حيث أعطاها من تجربته وعلمه وثقافته الغزيرة، ناهيك على أنه مخزن لكل ما يخص تراث وتاريخ القصبة، هذه المحروسة التي ولد وترعرع فيها وشرب فيها الفن منذ صغره، علما أن والده كان أيضا شاعرا.

أكد السيد باباسي بهذه المناسبة، أن الراحل كان يحب الاحتكاك بالشخصيات الأدبية البارزة في مجال الثقافة الجزائرية، على غرار الكاتب والصحفي الفرنسي ألبير كامو والكاتب والفيلسوف روجي غارودي.

وذكر المتحدث بأن الراحل حيمود براهيمي كان يتوسط بين السلطات وسكان القصبة، حيث ولد سنة 1918.

بعدها تدخلت السيدة دوجة ابنة الراحل "مومو" التي توقفت عند حياته الأسرية وعن علاقته بأبنائه، حيث ميزتها الصرامة، لكنها لم تخف وجه والدها الحنون الحريص على تربية أبنائه التربية الحسنة وحثهم على الأخلاق الراقية وعلى بساطة العيش، وذكرت أنه كان يأخذ جميع أبنائه الأربعة منهم البنتين إلى البحر لتعليمهم فن السباحة، وكان متفتحا مقارنة بأبناء جيله،  لذلك اجتهد في تعليم البنات، كما كان يكن لزوجته الطيبة كل الوفاء والتقدير. وتطرقت دوجة إلى مسار والدها الأدبي وحبه للشعر والسينما وتأثره بالصوفية.

تحدث رفيق الراحل حسيني رضوان حمزة عن الرجل الشاعر والأب والصديق المتواضع والمتشبع بقيم الإنسانية، مشيرا إلى تأثر الشاعر بالصوفية الذي تجسد بإصدار منشور ديني وفلسفي سنة 1958 إبان حرب التحرير الوطني.

كما كتب الراحل عدة قصائد شعرية تم جمعها ونشرها بعد الوفاة، منها "مومو كلمات وأفعال" وهو ديوان شعر قدمه جون روني هولو ضمن إصدارات دار النشر "الإبريز" و«مومو سحر الكلمات" ديوان شعر صدر سنة 2006 عن دار النشر "آلفا".

كما تألق حيمود براهيمي في السينما في فيلم "تحيا يا ديدو" لمحمد زينات و  "الطاكسي المخفي" لبن عمار بختي. 

تدخل في اللقاء تلميذ "مومو" ومرافقه الوفي وهو الأستاذ عمر شلابي الذي قال بأنه لازم "مومو" مدة 20 سنة، وكتب عنه وزاره أول مرة، ليلقى منه الترحيب والقبول، خاصة بعد أن قرأ عليه قصيدة "التوبة" التي أعجبته، لتبدأ بذلك علاقتهما التي لم تنقطع أبدا، ويضيف "كنت أسرد عليه ما قرأت لأبي حامد الغزالي وكثير من الشعر والتصوف، وكان في كل مرة يزودني بالكتب، وهو الذي كان يقرأ بدون توقف، ويكفي أنه قرأ في اختصاص الأمراض النفسية وحدها ألفي عنوان، وظل يعطيني الحكمة".

كما أشار السيد شلابي إلى أنه لازم الراحل في مرضه، خاصة عندما مكث بالمستشفى لشهرين، وكان يدعو له بالخير ويأكل معه ويتسامران، وذات يوم بقي معه حتى التاسعة ليلا، ليذهب إلى بيته. وفي حدود منتصف الليل توفي "مومو".

للإشارة، فإن التكريم جاء بمبادرة من دار النشر "الإبريز" بالشراكة مع مؤسسة القصبة وجمعية "أضواء وأصدقاء" وابنة الشاعر ورئيس مؤسسة "القصبة".

توفي الشاعر سنة 1997 بالجزائر العاصمة عن عمر ناهز 89 سنة.