جهود حثيثة للمحافظة على التراث الأصيل
المربوع النسوي... فن يأبى الزوال
- 1823
يُعد فن المربوع النسوي بمنطقة الونشريس (ولاية تيسمسيلت) أحد الفنون المحلية الأصيلة بالجهة المتوارثة جيلا بعد جيل. والمربوع من الطبوع الغنائية الشعبية التي تؤديها النساء اللاتي يقطنّ بمناطق ريفية منتشرة بمنطقة الونشريس، لاسيما ببلديات ثنية الحد وبرج بونعامة وسيدي سليمان وبوقايد والملعب والأزهرية.
لاتزال الكثير من النساء المتقدمات في السن واللائي يقطن بمنطقة الونشريس، متشبثات بفن المربوع، الذي يُعد من بين الفنون العريقة بالمنطقة. تقول الحاجة عائشة وهي إحدى أعضاء فرقة المربوع النسوي ببلدية ثنية الحد، إنّ هذا الفن مرتبط بمنطقة الونشريس بمراسم الخطبة والتحضير لعقد القران؛ حيث يُعدّ من فنون الأغنية البدوية التي لاتزال حاضرة في الأعراس والمناسبات التراثية. وأبرزت المتحدثة أنّ ”قصائد المربوع تضفي رونقا وبهجة وفرحا عند مرافقة موكب العروس منذ خروجها من بيت أهلها إلى بيت زوجها تحت إيقاعات البندير والقصبة وصهيل خيول الفرسان؛ حيث تتقدّم أربع نساء بالقرب من العروس ينشدن قصائد محلية، تتناول الحنين إلى الحبيب والشوق، وقصائد أخرى عن فراق الأحبة والأهل”. ويبقى المربوع يلازم مراسيم العرس إلى أن تنتهي. وحسب الحاجة عائشة، فإنّ لغة الغناء في المربوع اللغة العامية؛ حيث إن أغانيه عبارة عن قصائد طويلة، تناقش قضايا اجتماعية إنسانية محضة. كما ذكرت أنّ هذا الفن قد تفجّر من حناجر بسطاء المنطقة من النساء، اختلفت تسمياته حسب كل جهة، ففي بلدية برج الأمير عبد القادر يطلق عليه ”زوج بزوج”، وببرج بونعامة ”السروجي”، فيما يُعرف في منطقتي ثنية الحد والعيون باسم ”المربوع”، والذي تنفرد به النساء.
يعتمد المربوع على أربع نساء أثناء الأداء؛ حيث ينقسم هذا العدد بين امرأتين اثنتين تلقيان الأغاني، والأخريان ترددان؛ بمعنى ”الشد والعد” و«الزرع والقلب”، ويتخلل هذا ”الحركة والتوقف حسب ريتم الإيقاع”.
وتبذل حاليا مديرية الثقافة بمعية عدد من الجمعيات ذات الطابع الثقافي، جهودا حثيثة للمحافظة على فن المربوع النسوي الأصيل في ظل هيمنة الأغاني العصرية في الوقت الراهن. وفي هذا الجانب سطرت المديرية برنامجا خاصا، يرمي إلى المحافظة على هذا الموروث الغنائي الأصيل، والذي يشمل إشراك فرق المربوع النسوي في إحياء المناسبات الوطنية والعالمية، على غرار الاحتفال بشهر التراث واليوم الوطني للفنان، والاحتفال بالذكرى المزدوج للاستقلال والشباب. كما ستنظم ضمن هذا البرنامج غير المحدد زمنيا، ورشات بالمؤسسات الثقافية، للتعريف بفن المربوع في منطقة الونشريس، إضافة إلى برمجة زيارات لوسائل الإعلام الوطنية على مستوى المناطق الريفية بالونشريس، للاطلاع على عادات وتقاليد مواطني هذه الجهة خلال الأعراس والمناسبات التراثية، التي يكون فيها المربوع النسوي حاضرا. ويقيم بالمناسبة عدد من الجمعيات النسوية التي تعنى بالموروث غير المادي، معارض للصناعات التقليدية، ستتخللها حفلات غنائية في طابع المربوع خلال التظاهرات الثقافية والفنية المبرمجة خلال هذه السنة. كما تعتزم المديرية تشجيع النساء المهتمات بالتراث الغنائي النسوي بالولاية، على تأسيس جمعية ولائية تعنى بفن المربوع؛ ما من شأنه الحفاظ على هذا الموروث الثقافي الأصيل.
من جهتها، تسعى الجمعية النسوية ”وافتخر” لبلدية ثنية الحد على المدى القريب، لإنشاء فرقة تعنى بفن المربوع النسوي بمنطقة ”المداد”، ستعمل على تدعيمها بعدد من النساء اللائي يتقنّ هذا التراث الغنائي الأصيل بالجهة حتى لا يندثر. كما بادرت خلال السنة الماضية بإقامة حفلات غنائية في هذا الطابع الفني الأصيل على مستوى المرافق الشبانية والثقافية خلال المناسبات الوطنية.