"ألحان وشباب" يعود بروح متجددة

انطلاقة واعدة للمواهب الشابة من عنابة

انطلاقة واعدة للمواهب الشابة من عنابة
  • 122
سميرة عوام سميرة عوام

شهد، أول أمس، مسرح عز الدين مجوبي بمدينة عنابة، حدثا فنيا بارزا تمثل في احتضان التصفيات الأولية للطبعة التاسعة من برنامج "ألحان وشباب"، البرنامج الأشهر في الجزائر؛ لاكتشاف وصقل المواهب الغنائية الشابة.

عرفت هذه المحطة مشاركة واسعة لشباب موهوبين قدِموا من مختلف ولايات الشرق الجزائري، حاملين معهم أحلاما كبيرة في اقتحام عالم الفن عبر بوابة هذا البرنامج العريق، الذي شكلّ على مدار سنواته الماضية، نقطة انطلاق لعدد من الفنانين الذين أصبح لهم شأن في الساحة الفنية.

الطبعة الجديدة من البرنامج تعود بعد فترة غياب، محمّلة بروح متجددة، ورؤية أكثر احترافية. وتهدف إلى اكتشاف أصوات جديدة، مع التركيز على الجانب التكويني من خلال إدماج المشاركين في ورشات تعليمية متخصصة، يشرف عليها أساتذة وفنانون محترفون في مجالات الموسيقى، والأداء، وتقنيات الصوت. هذا التصور الجديد يؤكد أن "ألحان وشباب" لم يعد مجرد مسابقة، بل أصبح مشروعا فنّيا متكاملاً لتكوين جيل جديد من الفنانين المثقفين والواعدين.

أجواء التصفيات في عنابة كانت مفعمة بالحيوية، حيث توافد المشاركون في ساعات الصباح الأولى على المسرح، واستعدوا لأداء مقاطع غنائية من مختلف الطبوع، تراوحت بين الأندلسي، والشعبي، والمالوف، والراي، والأغنية العصرية.

لجنة التحكيم التي ضمّت أسماء معروفة في الوسط الموسيقي، استمعت بعناية لكل أداء، مركّزة على جودة الصوت، وتقنيات الأداء، وحضور المتسابق على الركح. كما عبّر أعضاء اللجنة عن ارتياحهم للمستوى المقدم، خاصة مع وجود خامات صوتية متميزة، تستحق المتابعة والدعم.

مدينة عنابة بتاريخها الثقافي والفني العريق، شكلت الإطار المثالي لانطلاق هذه التصفيات. وقد وفّرت السلطات المحلية بالتعاون مع مديرية الثقافة والإعلام، كل الإمكانات لإنجاح هذه التظاهرة، سواء من حيث التنظيم، أو من حيث التجهيزات التقنية التي ساعدت في خلق أجواء احترافية مريحة للمشاركين، وللجنة التحكيم على حد سواء.

ومن المنتظر أن تتواصل جولات التصفيات في مناطق أخرى من الوطن قبل أن تُختار قائمة نهائية من المشاركين الذين سينتقلون إلى "أكاديمية ألحان وشباب"، حيث تبدأ مرحلة جديدة أكثر تحديا، تتمثل في العروض المباشرة أو ما يُعرف بـ«البرايمات"، والتي ستكون مفتوحة لتصويت الجمهور، ما يزيد من حماس المنافسة، ويمنح المشاهدين فرصة المشاركة في صناعة نجم المستقبل.

برنامج "ألحان وشباب" لا يقتصر على تقديم الترفيه فحسب، بل يضطلع بدور ثقافي وتربوي مهم، حيث يعيد الاعتبار للموروث الموسيقي الجزائري، ويحفز الشباب على الارتباط بفنهم وهويتهم الثقافية. كما يمنحهم فرصة الظهور في فضاء فني طالما عانى من غياب منصات احتضان المواهب الشابة.

وما شاهدناه اليوم في عنابة هو أكثر من تصفيات، إنه مشهد حيّ لحلم جماعي يتجدّد، ولأمل كبير يسكن أصوات هؤلاء الشباب الذين يؤمنون بأن الفن قادر على أن يغيّر مصير الإنسان. ومن خلال هذه البداية القوية تبدو الطبعة التاسعة من "ألحان وشباب" واعدة بمواهب حقيقية، قد تترك بصمتها في مسيرة الأغنية الجزائرية لعقود قادمة.