حسب دراسة جادة
"بريكست" يهدد التنوع الثقافي في بريطانيا
- 940
حذرت مؤسسات ثقافية بريطانية من تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على الحياة الثقافية وصناعة النشر، وكشف تقرير لموقع "إلكتريك ليتيراتور" البريطاني، الآثار المترتبة على "بريكست" ومدى التقارب والصلة الوثيقة بين تأييد قرار "بريكست" (الخروج من الاتحاد الأوروبي)، ومناهضة ومعاداة الهجرة.
أظهرتاستطلاعاتالرأيموقفالرأيالعامالبريطانيمنقرار "بريكست"، وكشفت أن 81٪ ممن يرون التعددية الثقافية أحد أمراض الأمة وسبب أزماتها، صوتوا بـ«نعم" لهذا القرار.
كما كشف تقرير "حالة الكراهية لعام 2019"، الذي تعده مؤسسة "أمل، لا كراهية" المتخصصة في مناهضة العنصرية، أن معظم المصوتين بـ«نعم" لقرار الخروج من الاتحاد الأوروبي، يرون في هذا القرار استعادة لسيطرة الدولة على الحدود البريطانية، وإعادة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية بمجرد تنفيذ القرار، سواء جاءوا من الاتحاد الأوروبي أو الآسيويين، أو أصحاب البشرة السمراء، أو الأقليات العرقية.
هذه الاستطلاعات، كما يقول الموقع، توضح صعود التعصب الأعمى للقومية الوطنية، كما يشير إلى حقيقة لا يمكن إنكارها، وهي العنصرية البريطانية، وماضيها الاستعماري، وإحساسها المتضخم بالفخر الوطني، وهذه الأيديولوجية لها تداعيات كبيرة، تبدأ من منع المهاجرين وتنتهي بجرائم الكراهية.
كانت تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على الصعيد الثقافي، هي الجانب الأقل جدلا ومناقشة مقارنة بالصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، رغم ما يحدثه هذا الخروج من تقويض للأدب والثقافة البريطانية.
أدب ما بعد الاستعمار
رأى الموقع أن خير مثال على ذلك، يتعلق بما يعرف بـ«أدب ما بعد الاستعمار"، ومنها كتابات "سام سيلفون" مؤلف رواية "اللندني الوحيد"، التي تناولت أوضاع الطبقة العاملة من أصحاب البشرة السمراء في بريطانيا، في أعقاب صدور قانون الجنسية البريطانية عام 1948، إلى جانب أعمال أدبية أخرى، صورت وجسدت نضال الأقليات في المجتمع.
قدمت هذه الروايات تناول أوسع وأشمل لهذا النضال، ليس فقط في بريطانيا، إنما في مناطق أخرى في العالم.
وفقا للموقع، من دون هؤلاء الكتاب المهاجرين الذين يتحدون الهيمنة الثقافية، فإن العملية الإبداعية، خاصة صناعة النشر في بريطانيا، ستحرم من هذا التنوع الثقافي.
تقدم سياسة ما بعد "البريكست" إجراءات معقدة وغير مرحبة لأصحاب العمل والعاملين من الجنسيات الأجنبية في بريطانيا، هذا الأمر دفع جماعة "مجتمع المؤلفين" إلى التنديد بهذه الإجراءات، والتي ستلزم العاملين بدفع 30 ألف جنيه إسترليني للموظفين أصحاب الأعمال طويلة الأجل، ويدفع لأصحاب المدد غير المحددة 35 ألف.
وترى جماعة "مجتمع المؤلفين" أن "الرواتب التي يتقاضاها العاملون في بريطانيا لا تعتبر دليلا على المهارات التي يتمتعون بها، خاصة أن الفائدة التي تعود على المجتمع البريطاني من الكتاب، على سبيل المثال، لا يجب أن يتم النظر إليها من نظرة مادية".
أضافت "بغض النظر عن الفوائد الاقتصادية، يضيف المهاجرون للمجتمع البريطاني قيما لا يمكن قياسها بأموال التأشيرات، من بينها الأدب الذي يساعد على تحقيق الاندماج الاجتماعي، والخيال ذو الأصول المتعددة الذي يحفز ويدعم الفهم داخل المجتمع".
حسب الموقع، فإن "التعددية الثقافية تخدم الحياة الإبداعية بشكل لا يمكن تجاوزه، يتمثل في تعدد الخبرات للأشخاص، وهي ثروة لا يمكن تجاهلها، وبدون هذه التجارب ستكون الحياة الأدبية في بريطانيا ناقصة إلى حد كبير".
ضرب الموقع مثالا على ذلك "برلين التي كانت منذ فترة طويلة مركزا لإبداع أوروبا بفضل التنوع الثقافي، وبفضل هذه التعددية لم يتطور الأدب فقط، إنما حقق اقتصادها تقدما بفضل الحرف التي يتقنها المهاجرون من دول مختلفة".
على صعيد آخر، يمثل الاتحاد الأوروبي 36٪ من إجمالي صادرات الكتب في المملكة المتحدة، وحذرت جمعية المؤلفين من هذه الإجراءات المتشددة التي من خلالها سيهاجر الكثير من الكتاب والفنانين من بريطانيا، وفي الوقت نفسه، سيقع البريطانيون ضحية هذا الانفصال الحاد من خلال القيود التي سيتم فرضها على السفر في أنحاء أوروبا، وهو أمر حيوي للمترجمين والباحثين في بريطانيا.
اختتم الموقع تقريره، مؤكدا أن صناعة النشر في بريطانيا تتغذى بالمواهب الاستثنائية التي لا ينبغي أن نحرم الأجيال المقبلة منها، إذا كانت بريطانيا حريصة على إيجاد مكان على طاولة المستقبل، لا بد من أن نواجه معا الثقافة المعادية للتعددية والتنوع في المجتمع البريطاني، ونؤكد أن بريطانيا ليست مكانا للأيديولوجية المعادية للأجانب.