الدكتورة حسيبة صفريون بقصر الثقافة:

بصمة سكان الطاسيلي موجودة في بعض الشعوب الإفريقية

بصمة سكان الطاسيلي موجودة في بعض الشعوب الإفريقية
الدكتورة حسيبة صفريون
  • القراءات: 316
لطيفة داريب لطيفة داريب

قالت الدكتورة حسيبة صفريون، خلال الندوة التي قدمتها، أول أمس، بقصر الثقافة، ضمن فعاليات الطبعة التاسعة للمهرجان الوطني لابداعات المرأة، إن الإنسان الذي سكن الطاسيلي ترك إرثا يتعلق باللباس والحلي وتصفيات الشعر، ما يزال يُعتمد حتى الآن، خاصة عند التوارق وافريقيا السوداء. 

نشطت الدكتورة المختصة في فترة ما قبل التاريخ، حسيبة صفريون، ندوة موسومة بـ"اللباس والحلي في الجزائر. تاريخ وهوية منذ ما قبل التاريخ"، تحدثت فيها عن الإرث الذي تركه الإنسان الذي استوطن الطاسيلي منذ عشر آلاف سنة، أي قبل اكتشاف الكتابة، والمتمثل في اللباس والحلي وحتى تصفيفة الشعر، خاصة في أواخر السنين التي عاش فيها في هذه المنطقة الساحرة.

واعتبرت أن الإنسان الذي سكن الطاسيلي، استطاع توثيق حياته اليومية، من خلال نقوشات صخرية، قامت بدراستها عن كثب واستطاعت أن تكتشف العديد من المعلومات، معتمدة على علوم الأعصاب والنفس وطب النساء، حيث كشفت من خلال العديد من النقوشات، حالات ولادة ووضعية الجهاز التناسلي للمرأة، وحتى خوفها من الإنجاب، وكذا شكل الثدي إذا كان ثابتا أم مترهلا، أي إذا كانت صاحبته شابة أم امرأة متقدمة في السن.

كما أكدت الدكتورة، تطور اللباس المعتمد في الطاسيلي عبر العصور، وخلال المراحل المختلفة التي عرفتها المنطقة، والبداية بمرحلة الرؤوس المستديرة التي كان الإنسان فيها يضع قناعا على وجهه، ما يدحض مزاعم استوطان رجال الفضاء للطاسيلي، وكان يضع حزاما على خصره ووزرة من الجلد. بالإضافة إلى وضعه للوشم والتزيينات الجسمانية (مادة ملونة). كما كان يعتمد على الصيد لكسب قوته.

أما في المرحلة الثانية من تاريخ عيش الإنسان في الطاسيلي، فقد اتجه نحو الرعي (استئناس الأبقار)، متمسكا في نفس الوقت بالصيد، وكان يقوم بهذه المهام رجال ونساء، وفي هذا نوهت الدكتورة بقيام المرأة في ذلك الزمن، بكل مهام الرجل، حتى أن البعض منهن كن يتفوقن على الذكر، أما عن لباس الطاسليين، فقد كان عبارة عن وزرة بسيطة أو منمقة، حسب قيمة من يرتديها.

وتابعت الدكتورة، أنه في المرحلة الثالثة التي عرفت اختلاط السود والبيض "ميتيس"، برز لباس التنورة، ثم في المرحلة التي تلتها، والتي عرفت ظهور البربر البدائيين، فقد تمت الاستعانة بـ«عباءة" تشبه البرنوس، توضع على الظهر، بينما ارتدت المرأة في مرحلة الحصان، ثوبا يشبه أثواب القرن التاسع عشر بأوروبا، وكانت تحمل حقيبة وتضع الأكسسوارات.

بالمقابل، قالت الدكتورة إن أول من سكن الطاسيلي هم من الزنوج، وأنهم نزحوا إلى الدول المجاورة أسفل القارة (500 كلم) بفعل الجفاف، كما أن العديد من الشعوب الإفريقية ما تزال تحتفظ ببعض تقاليد سكان الطاسيلي، مثل وضع القناع على الوجه وتصفيف الشعر بشكل محدد، أو بما يسمى بتصفيف الشعر على الطريقة الإفريقية.

أما عن اهتمامهم بغطاء الجزء السفلي لجسدهم، وترك الجزء العلوي عاريا، فموجود أيضا عند بعض الثقافات الإفريقية، وكذا وضع الأوشام وتلوين الجسد، في حين كان للمرأة مكانة كبيرة، مثلما هو عليه الحال عند التوارق، وحتى تغيير تصفيفة الشعر في كل مرحلة من السن، بينما تحدثت أيضا عن امتناع الرسامين في تلك الفترة من رسم تفاصيل الوجه.

بالمقابل، أكدت الدكتورة أن الطاسيلي لم تكن صحراء مثلما عليه الحال، بل كانت عبارة عن "سافانا" تعيش فيها الحيوانات كبيرة الحجم، مثل الزرافات والفيلة، لكنها تحولت إلى غابة صخرية بفعل الجفاف والرياح القوية. ونوهت بالمدرسة الجزائرية التي تدرس هذه المنطقة، والتي تضم أساتذة، من بينهم المتحدثة، إذ يعدون أوائل الدكاترة المحليين الذين اهتموا بهذا التراث، ويسعون إلى التعريف به محليا ودوليا.