الفــــــنان الــــــقدير فــــــوزي صـــــــايشي يترجّل
بطل "سقف وعائلة" يودّع جمهوره

- 575

رحل عن عالمنا، أمس الاثنين، الفنان القدير فوزي صايشي بوتخيل المعروف في الساحة الفنية بـ«رميمز"، وذلك بعد أيام من إصابته بجلطة دماغية، يغادر الحياة بمستشفى "سان دونيز" بباريس.
قدّمت وزيرة الثقافة والفنون، الدكتورة مليكة بودودة، تعازيها عبر صفحتها الإلكترونية جاء فيها "إلى روح الفنان الكبير فوزي صايشي، طيّب الله ثراه تلقيت، كما تلقيتم، ببالغ الحزن والأسى، نبأ رحيل الفنان القدير فوزي صايشي، الذي ودّعنا اليوم بعد مسيرة فنية طويلة ومضيئة، زيّن بها خشبات المسرح، وأضفى على الشاشة حضورا لا ينسى، وإبداعًا صدق فيه مع جمهوره وفنّه".
وأضافت بن دودة "عرفت فيك، كما عرفك الجميع، روحا عالية، وعشقا نادرا للفن والسينما، وصوتا مميزا ظلّ يهمس بالحياة حتى آخر رمق..كنت فنانا من طينة الكبار، ممن لا تختصر سيرتهم في كلمات، ولا تغيب بصمتهم برحيلهم .في هذه اللحظة الموجعة، أتقدم إليك –وأنت في دار الحق– بخالص الدعاء، سائلة المولى أن يرحمك برحمته التي وسعت كلّ شيء، وأن يجعل مثواك الجنة، وإلى أسرتك الكريمة، وأحبتك، وإلى كلّ رفاقك في درب الفن: أشارككم الحزن، وأشدّ على أياديكم، وأعزيكم كما أعزي نفسي، على هذا الفقد الثقيل، إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ".
وكان الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، قد أعلن عن وفاة الفنان "رميمز"، أحد أعمدة التمثيل في الجزائر، الذي أمتع الجمهور بأدواره المتميّزة في المسرح والتلفزيون والسينما، وترك بصمة لا تنسى".
فوزي صايشي، المعروف من مواليد 9 أفريل 1951، بمدينة عين الصفراء بولاية النعامة، يعتبر من أعلام الساحة الفنية الجزائرية، وتميّز بأدائه المتقن وموهبته الفريدة التي جعلت منه رمزا من رموز الشاشة الجزائرية. وهو صاحب مسيرة فنية حافلة فاقت 50 سنة، قضاها بين الإذاعة، التلفزيون والمسرح، عانق من خلالها الكثير من الفنانين الكبار والذين صنعوا مجد الفن الجزائري .
احتضن المسرح الإذاعي بداياته وبعدها نحو عالم السينما من خلال فيلم "ليلى والآخرون" للمخرج سيد علي مازيف بدور ثانوي، إلاّ أنّه اجتهد ونجح في لفت الأنظار إليه، بعدها شارك بدور رئيسي في فيلم "سقف وعائلة" للمخرج رابح لعراجي وهو العمل الذي وقع ميلاده الفني، رغم أنّ مخرج الفيلم وقتها كان متخوّفا من منحه الدور الرئيسي والمجازفة لأنّه كان لا يزال في بدايته، والجمهور الجزائري لا يعرفه جيّدا، لكنّه حقّق المعجزة وكان أهلا لثقة رشيد بن علال الذي كتب سيناريو هذا الفيلم خصيصا لأجله، بفوزه بجائزة أحسن ممثل في "مهرجان قرطاج السينمائي الدولي" عام 1982، حينها لم يكن أحد يتوقع تتويجه خاصة أنّه كان أمام عمالقة السينما العربية آنذاك كالراحل نور الشريف. من بين أعماله المسرحية التي شارك فيها هناك مسرحية "البوابون" التي أعاد المسرح الوطني الجزائري إنتاجها عام 1991، ومسرحيتي "الثانية الثالثة هذا اليوم" و«البخيل" بفرنسا، وبالنسبة للسينما كان فيلم "سنوات التويست المجنونة" و«من هوليوود إلى تمنراست" للمخرج محمود زموري و«الطاكسي المخفي" لبن عمر بختي رحمه الله فضلا عن "شاب"، و«شرف عائلتي" لرشيد بوشارب، و«العالم الآخر"، و«مييستا" وفيلم "فيفا لالجيري"، و«سيدي العقيد"، كما كان لفوزي صايشي حضور بارز في عدّة أعمال تلفزيونية، مثل "رميمز " مع الفنانة وردية من إخراج جمال بن ددوش، علما أنّه أخذ لقب "رميمز" الذي يناديه به معظم الجمهور من هذا العمل، ومع مرزاق علواش شارك في سلسلة " قابسة شمة"، ثم "ناس ملاح سيتي" و«جمعي فاميلي" لجعفر قاسم سنة 2011 حيث أدى دور مدير السجن بتمكّن.
حظي الراحل طيلة مسيرته، بتكريمات عديدة من مؤسّسات ثقافية وفنية، أبرزها التكريم الذي أقيم له سنة 2015 في المسرح الجهوي "كاتب ياسين" بتيزي وزو، بحضور كوكبة من الفنانين الجزائريين الذين احتفوا بإسهاماته الكبيرة في الفن الجزائري. الفنان صايشي عرف أيضا بثقافته واطلاعه وكان له الحظ في العمل مع قامات فنية جزائرية كبيرة، واستطاع أن يبقى نشطا وملازما لجمهوره حتى من خلال طلاته عبر حصص تلفزيونية كثيرة.
«الجلوس إلى جانبه لا يخلو من الطرفة والدعابة، يجيد الدور بكلّ ما يملك من طاقات إبداعية، يتلاءم مع النص بكلّ جوارحه، معروف بتواضعه وثقافته، كان من الممكن أن يتمم دراسته ويصبح محامياً، لكنّه ضرب بكلّ هذا عرض الحائط من أجل الفن"، كما جاء في تعليق أحد أصدقائه.
أجمع مخرجون وممثلون، أمس الاثنين، على أنّ رحيل الممثل فوزي صايشي "خسارة كبيرة" للفن والسينما في الجزائر، واصفين إياه بـ«القامة الباسقة" التي خلفت العديد من الأعمال الناجحة، السينمائية والتلفزيونية.
وأعرب رئيس الجمعية السينمائية "أضواء" اعمر رابية، لوأج أنّ الفقيد "قامة باسقة" في الفن الجزائري، حيث ترك العديد من الأعمال الهامة، على غرار فيلم "سقف وعائلة" (1982) للمخرج رابح لعراجي والذي أدى فيه دور البطولة وتوّج من خلاله بجائزة أحسن أداء رجالي بأيام قرطاج السينمائية بتونس في نفس العام.
وعدّد من جهته، الممثل سيد علي بن سالم الخصال الإنسانية للراحل، لافتا إلى أنّه كان فنانا "مثقفا، متواضعا، ومحبا للعمل، وله غيرة كبيرة على الفن"، بينما اعتبر المخرج التلفزيوني جمال الدين حازورلي أنّ صايشي فنان كوميدي موهوب ترك مساهمات كبيرة في السينما والتلفزيون" وخلف "بصمة لا تمحى لدى الجمهور".