عمارة لخوص في "نزاع حول خنزير.."
تأمل مسلّ في الأحكام المسبقة العنصرية
- 801
يعود الكاتب الجزائري عمارة لخوص في روايته "نزاع حول خنزير إيطالي صغير"، إلى البحث في الأحكام المسبقة العنصرية في أوروبا من خلال ورطة صحفي إيطالي كان ضحية لـ"سبق صحفي" مفتعل بخصوص تصفيات حسابات بين عصابات متنافسة من ‘المافيا’.
اختار المؤلف في هذه الرواية الجديدة الواقعة في حوالي 200 صفحة، وكتبت باللغة الإيطالية، وتمت ترجمتها إلى الفرنسية من قبل منشورات "البرزخ" الجزائرية و«اكت سود" الفرنسية، مدينة تورينو في شمال إيطاليا، هذه المدينة التي عرفت حركة هجرة كبيرة من جنوب البلاد وأوروبا الشرقية وإفريقيا لاحتضان وقائع روايته.
تبدأ أحداث "نزاع حول خنزير إيطالي صغير" في حي سان سالفاريو الذي يكتظ بجنسيات مختلفة، حيث يزعم بطل القصة الصحفي انزو تبرير غيابه المتكرّر أمام رئيس تحريره، أنه بصدد تقصي أثر قضية قتل مزدوجة وسط ‘المافيا’ الرومانية والألبانية، لكن التطوّرات التي تأخذها هذه الأكذوبة بعد أن يقرّر رئيس التحرير نشر الخبر في الصفحة الأولى، تتسبّب في مهزلة إعلامية تجبر الصحافي انزو على استئجار ممثل للعب أدوار جميع المصادر التي يفتعلها.
ومع مرور الوقت، تأخذ تلك المزاعم أبعادا كاريكاتورية، فيطلق عليها البعض اسم "ديب ثروت" أو "الحلق الغامق"، في إشارة إلى المصدر المجهول في قضية "واترغيت" التي أطاحت بالرئيس الأمريكي ريشارد نيكسون (1974) وتغذي تلك الشهادات المفتعلة التقلبات التي تعرفها أحداث الرواية.
كان ذلك المسلسل الإعلامي فرصة المؤلف للغوص في عمق الأفكار المسبقة المولدة لكره الأجنبي القادم من أوروبا الشرقية، عشية انضمام رومانيا إلى الاتحاد الأوروبي، كما يكشف الصحافي، وهو الراوي في هذا العمل، مشكلا آخر يتعلّق بالصراع بين الجاليتين الإسلامية والمسيحية نشب بسبب "جينو" الخنزير الذي تسرّب إلى حرم المسجد، مما أثار غضب المصلين من صاحب الحيوان، قابلته حملة تضامن من قبل جمعيات الرفق بالحيوان.
وحرّكت هذه القصة لاحقا غضب بعض سكان "سان سالفارو" ضد الجالية المسلمة القاطنة بالحي لأنها لم تتمكّن ـ حسبهم ـ من التكيّف مع المجتمع الإيطالي، وفي سرده التناوبي لوقائع القصتين الذي جاء في الغالب بضمير المتكلم، تعرّض الكاتب عبر فصول الرواية الـ11، إلى تاريخ ‘المافيا’ الإيطالية الأسود، مع ذكر بعض أسماء مجرمين كبار ينتمون إليها، في مقارنة مع المصادر المفبركة للصحافي بغية تأجيج الجدل.
يقدّم عمارة لخوص في هذه الرواية تحليلا سوسيولوجيا عن مدينة تورينو التي كانت قبلة المهاجرين من كلّ الجهات، طلبا للعمل بسبب مصنعها الشهيرة في صناعة السيارات، قبل أن تنطفئ شعلتها وتصبح، كما وصفها المؤلف، قطبا لتهريب المخدرات والدعارة نتيجة تراجع النشاط الصناعي بها.
وبشأن الأحكام المسبقة العنصرية التي هي موضوع الرواية، فقد تناولها الكاتب كـ«مرض عضال" مستأصل في المجتمع الإيطالي الذي كان هو الآخر ضحية عنصرية من قبل أهل الشمال بسبب أصوله الجنوبية (جنوب إيطاليا).
تعطي هذه الرواية متعة للقارئ وتدعوه إلى التأمل في حال أوروبا التي يسكنها هوس الخوف من الآخر، وبأسلوب بسيط في سردها وتوظيف الكاتب للمزاح الفعال، تؤكّد هذه الرواية الثالثة لعمارة لخوص موهبة الكاتب وقدرته السردية، ففي هذا العمل فضّل أيضا قوة السرد على الشكليات، مع استكشاف طريقة جديدة في معالجته للموضوع.
اختار المؤلف في هذه الرواية الجديدة الواقعة في حوالي 200 صفحة، وكتبت باللغة الإيطالية، وتمت ترجمتها إلى الفرنسية من قبل منشورات "البرزخ" الجزائرية و«اكت سود" الفرنسية، مدينة تورينو في شمال إيطاليا، هذه المدينة التي عرفت حركة هجرة كبيرة من جنوب البلاد وأوروبا الشرقية وإفريقيا لاحتضان وقائع روايته.
تبدأ أحداث "نزاع حول خنزير إيطالي صغير" في حي سان سالفاريو الذي يكتظ بجنسيات مختلفة، حيث يزعم بطل القصة الصحفي انزو تبرير غيابه المتكرّر أمام رئيس تحريره، أنه بصدد تقصي أثر قضية قتل مزدوجة وسط ‘المافيا’ الرومانية والألبانية، لكن التطوّرات التي تأخذها هذه الأكذوبة بعد أن يقرّر رئيس التحرير نشر الخبر في الصفحة الأولى، تتسبّب في مهزلة إعلامية تجبر الصحافي انزو على استئجار ممثل للعب أدوار جميع المصادر التي يفتعلها.
ومع مرور الوقت، تأخذ تلك المزاعم أبعادا كاريكاتورية، فيطلق عليها البعض اسم "ديب ثروت" أو "الحلق الغامق"، في إشارة إلى المصدر المجهول في قضية "واترغيت" التي أطاحت بالرئيس الأمريكي ريشارد نيكسون (1974) وتغذي تلك الشهادات المفتعلة التقلبات التي تعرفها أحداث الرواية.
كان ذلك المسلسل الإعلامي فرصة المؤلف للغوص في عمق الأفكار المسبقة المولدة لكره الأجنبي القادم من أوروبا الشرقية، عشية انضمام رومانيا إلى الاتحاد الأوروبي، كما يكشف الصحافي، وهو الراوي في هذا العمل، مشكلا آخر يتعلّق بالصراع بين الجاليتين الإسلامية والمسيحية نشب بسبب "جينو" الخنزير الذي تسرّب إلى حرم المسجد، مما أثار غضب المصلين من صاحب الحيوان، قابلته حملة تضامن من قبل جمعيات الرفق بالحيوان.
وحرّكت هذه القصة لاحقا غضب بعض سكان "سان سالفارو" ضد الجالية المسلمة القاطنة بالحي لأنها لم تتمكّن ـ حسبهم ـ من التكيّف مع المجتمع الإيطالي، وفي سرده التناوبي لوقائع القصتين الذي جاء في الغالب بضمير المتكلم، تعرّض الكاتب عبر فصول الرواية الـ11، إلى تاريخ ‘المافيا’ الإيطالية الأسود، مع ذكر بعض أسماء مجرمين كبار ينتمون إليها، في مقارنة مع المصادر المفبركة للصحافي بغية تأجيج الجدل.
يقدّم عمارة لخوص في هذه الرواية تحليلا سوسيولوجيا عن مدينة تورينو التي كانت قبلة المهاجرين من كلّ الجهات، طلبا للعمل بسبب مصنعها الشهيرة في صناعة السيارات، قبل أن تنطفئ شعلتها وتصبح، كما وصفها المؤلف، قطبا لتهريب المخدرات والدعارة نتيجة تراجع النشاط الصناعي بها.
وبشأن الأحكام المسبقة العنصرية التي هي موضوع الرواية، فقد تناولها الكاتب كـ«مرض عضال" مستأصل في المجتمع الإيطالي الذي كان هو الآخر ضحية عنصرية من قبل أهل الشمال بسبب أصوله الجنوبية (جنوب إيطاليا).
تعطي هذه الرواية متعة للقارئ وتدعوه إلى التأمل في حال أوروبا التي يسكنها هوس الخوف من الآخر، وبأسلوب بسيط في سردها وتوظيف الكاتب للمزاح الفعال، تؤكّد هذه الرواية الثالثة لعمارة لخوص موهبة الكاتب وقدرته السردية، ففي هذا العمل فضّل أيضا قوة السرد على الشكليات، مع استكشاف طريقة جديدة في معالجته للموضوع.