المهرجان الثقافي الوطني للمسرح الأمازيغي

"تارقيث" تصنع الفرجة وتبلورها فنيّاً

"تارقيث" تصنع الفرجة وتبلورها فنيّاً
  • 332
ع. بزاعي ع. بزاعي

استمتع جمهور الفن الرابع بباتنة، ظهر أوّل أمس الجمعة، بعمل مسرحي لفرقة ثالويث لجمعية "أمازذاي أنلسان إنلماذن" بجامعة بجاية "، بعنوان "ثارقيث" ، بصمه صاحب النص ميلود تيقيبعيني، مفتتحا عروض الطبعة الثالثة عشر للمهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي، الجارية فعالياته على ركح "الصالح لمباركية" بباتنة.

لعرض المسرحي الذي استغرق ساعة ونصف ساعة من الزمن، تفاعل معه الجمهور في صمت، بعد أن حوَّل القاعة إلى فضاء كوريغرافي، اعتمد على الجسد وتلويناته؛ في حركة دؤوبة للممثلين في تقديم الفرجة، وتشكيل النص على الخشبة، التي جلبت إليها الأنظار، لتبحر في مضمون المسرحية التي أخرجها بلقاسم كعوان وبوعلام زبلاح، اللذان استطاعا رصد جماليات العرض المسرحي، وأثبتا الفرجة، وبلوراها فنيا، وشكَّلاها جماليا.

واعتمد مخرجا العمل المسرحي على الأهمية السينوغرافية والدلالية في تشكيل الفرجة؛ باعتبارها مؤشرا فنيا وجماليا، يشكل العرض، ويؤطرها سيميائيا. وهو ما تجلى في هذا العمل، الذي يتناول صراع شاب بين رغبته الملحّة في العثور على والدته، وصراعه المرير مع الخيانة وحبه المثالي. وبدأت عندما يجد رسالة تركتها العجوز التي تبنته، قبل وفاتها. واقتصر نصها على عبارة "اِبحث عن أمك الحقيقية يا بني". وبصحبة صديق الطفولة "طهريروش" ومن خلال حلم أقرب من الخيال، يكتشفان عالَما معقدا، يعجّ بالمتناقضات؛ حيث يُعد امتلاك السلطة المطلقة الهدف الأسمى لكل شخص على حساب كلّ قيمة إنسانية. 

وتدور أحداث العرض بين ثلاثة شخوص مسرحية، هم زيدان عفرون، وعمر باحات وكمال تواتي، في قالب يحمل عدّة رسائل اجتماعية، يمكن أن تتفاوت دلالاتها، حسب ذهنية متلقي المسرحية. ويمكن القول إنها تجتمع في ظاهرة يجسّدها الواقع المعيش، وينبذها المجتمع.

وبعد العرض أوضح الناشط في الحركة الثقافية بالأوراس والباحث في التراث واللسانيات الأمازيغية، الأستاذ عبد الحميد سعودي، لـ"المساء" ، أهمية طرح الموضوع بطبعه الاجتماعي الإنساني، وعلى الطريقة الجزائرية، مشيرا إلى أنّ العرض لم يخلُ من عنصري الإثارة والتشويق. ودعا إلى تثمين الإنجازات التي تحقّقت في الميدان؛ في خدمة الوحدة الوطنية، والتنمية، وخدمة الحركة الثقافية. 

وحرص الأستاذ على أن يعمل الشباب في مختلف الفنون ليس فقط المسرح؛ للكشف عن الماضي التاريخي للجزائر، مضيفا أنّ هناك من الجهود المبذولة التي ترقى إلى مستوى توثيق التراث، مضيفا أنّ الإنسان مرتبط بالوطن؛ ما يتطلّب، حسبه، معرفة عاداتنا وتقاليدنا، وتسليط الضوء على موروثنا الحضاري.