زهور ونيسي لـ ”المساء”:

تتويج قسنطينة إنصاف لهـا وردّ اعـتبار

تتويج قسنطينة إنصاف لهـا وردّ اعـتبار �
  • 596
حاورتها: شبيلة.ح � حاورتها: شبيلة.ح

تتوقّف سيدة الأدب الجزائري في هذا اللقاء مع ”المساء” عند عدد من القضايا، منها اختيار قسنطينة للعرس الثقافي العربي، وكذا كتاب ”الإمام عبد الحميد بن باديس ونهضة أمة.. تاريخ حياة”، علاوة على تكريم محافظة التظاهرة لها إلى جانب الأديب الراحل مالك حداد، والمغالطات التي حملتها ملحمة قسنطينة، وأمور أخرى يتضمّنها هذا اللقاء.

 

ماذا تقولين عن اختيار قسنطينة عاصمة للثقافة العربية؟

هو بالدرجة الأولى تحدّ، وقسنطينة جاءت لرفعه أمام العالم الغربي وحتى العالم العربي، فنحن أهل للاحتفال بالثقافة العربية والإسلامية وحتى الأمازيغية، فلقب عاصمة الثقافة نالته المدينة عن جدارة واستحقاق؛ ففيها من العلماء والمفكرين أمثال حمدان لونيسي، عبد القادر لبجاوي وكذا ابن قنفذ القسنطيني وحتى ابن باديس؛ ما يجعلها مؤهّلة لهذا التتويج؛ فهي مدينة الحركة النهضوية في الجزائر، ومنها انطلقت الحركة الوطنية إلى مدن أخرى، حيث كانت محجا للمفكرين والكتّاب وكلّ من يطمح لأن يصبح شاعرا أو أديبا أو مفكّرا.

وماذا ستضيف التظاهرة لقسنطينة؟

— التظاهرة ستساهم في استرجاع قسنطينة لرونقها وأصالتها وعراقتها وعنفوانها القديم، خاصة بعدما أُهملت لسنوات طويلة، فكانت التظاهرة بمثابة فرحة كبيرة وإضافة لسكّانها ومفكّريها. وتتويجها بهذا اللقب جاء لرد الاعتبار لهذه المدينة المعطاءة التي أعطت الكثير لمثقفيها ومفكّريها، فلقب عاصمة الثقافة إنصاف لها؛ كونها محطة للتنمية وترميم التراث المادي والمعنوي، وهو ما سيخرجها من بحث الإهمال إلى بحث الاهتمام.

كتاب "العلاّمة ابن باديس" ونص لمسلسل عنه آخر إصداراتك؟

—كتاب العلامة عبد الحميد بن باديس هو آخر إصداراتي؛ فقد تناولت فيه حياته وأفكاره الأصيلة، زيادة على مسلسل العلامة الذي سيكون ضخما ضخامة اسم حامله؛ فهو متواصل مع التلفزيون الجزائري، وكتبته منذ ثلاث سنوات وأتممته، واحتضنته مؤسسة التلفزيون الجزائري، ووافقت على أن ينتج المسلسل في ثلاثين حلقة. وكان من المفروض أن يكون جاهزا شهر رمضان المقبل، غير أنّ الظروف التقنية وغيرها تسبّبت في تأجيله إلى وقت لاحق.

هل ستساهمين ككاتبة للنص، في اختيار البطل وباقي الشخصيات؟

— أكيد، سأعمل جاهدة أولا على أن يُحترم عملي، وجميع الحوارات التي بداخله بدون المساس بها، كما سأكون حريصة جدا؛ كون شخصية ابن باديس كبيرة وعظيمة وتاريخ أمة كاملة، لذلك سأبذل قصارى جهدي حتى يكون عملا في المستوى يليق بشخصية كشخصية العلاّمة.

ماذا تقول ونيسي عن تكريمها اليوم في مدينتها؟

— تكريمي هو تكريم لمدينتي؛ فهي من روحي وجزء من الجزائر.. هذا الوطن الحبيب وقسنطينة جزء لا يتجزأ من هذا الوطن؛ فهي قلب الجزائر، وأنا أريد إنصاف مدينتي التي أعطتني الكثير؛ فهي من أوصلتي إلى ما أنا عليه اليوم.

 ونحن نحتفل بالعلاّمة ابن باديس، هناك من يقول إنّ فكره أصبح من الماضي؟

— أقول إنّ تفكيرهم خاطئ؛ فهم أناس لا يفهمون الفكر الأصيل ولا حتى الحداثي، وأعتبرهم سياسيين لا يُتعبون أنفسهم في البحث والتنقيب، فلو أنّهم تعرّفوا على ابن باديس وعلى فكره المجدّد والمتقدّم على عصره لما قالوا عنه هذا الكلام، ولو أنّ جلّ الناس درسوا وطبّقوا فكره لما وصلنا إلى مرحلة الإرهاب.

العلاّمة كان مشروع نهضة أمة، ونهضة الأمة لا تكون إلاّ بتعليم الجنسين، ومن بين البنود في القانون الأساسي لأوّل مدرسة ”جمعية التربية والتعليم”، أن تتعلّم البنت مجانا ويدفع الولد ثمن تعليمها، وهذا ما يثبت أنّ العلامة أراد أن يشجّع تعليم الفتاة، ويخفّف في نفس الوقت من تكاليف التعليم عن العائلة، فكانت أولى المعلمات في الجزائر من تعيين ابن باديس نفسه؛ وهن ثلاث معلمات في قسنطينة، وثلاث معلمات في وهران، وثلاث معلمات في تلمسان، وهذا يعني أن أهم مبادئ ابن باديس التعليم وعمل المرأة.

بالعودة إلى تاريخ المدينة، هل ترين أنّ التاريخ ظلم مجاهدي وفدائيي قسنطينة؟

— التاريخ يكتبه مؤرّخون ومتخصصون في التاريخ، وحتى لا نظلم أيّ مجاهد أو شهيد، فنحن نسعى وبصفتي عضوا في المجلس العلمي بوزارة المجاهدين، لتشجيع تسجيل ذكريات وشهادات كلّ المجاهدين بدون تطرّف أو مبالغة، على أن يحكي كلّ مجاهد ما عاشه فقط، والباقي هو على عاتق المؤرّخين؛ من خلال الجمع والمقاربة والمقارنة بين الحقائق.

 بعد مشاهدتك لملحمة قسنطينة.. ما تعليقك؟

— الملحمة التي حضرتها فيها الكثير من المغالطات والأخطاء، وهذا بسبب عدم استشارة كتّاب النصّ لأهل التخصص وأهل العلم، خاصة أنّ الملحمة حملت في طياتها مواضيع هامة جدّا وحسّاسة، ولعلّ أوّل شيء من بين الأشياء الخاطئة التي أثارت انتباهي للوهلة الأولى هو البطلة مريم بوعتورة، التي مثّلوها في مظاهرات تحمل العلم الجزائري، وهي بالعكس تماما؛ لم تكن حاضرة في تلك المظاهرات! وغيرها من المغالطات الأخرى!

ما قولك عن استبعاد أنريكو ماسياس من حضور التظاهرة؟

— أنريكو ماسياس ابن قسنطينة، وأنا لست ضدّه؛ فقد عشنا طفولتنا معا، ولعبنا في نفس الحي ”سيدي الجليس”، والأقدار التي جعلته مطربا عالميا هي الأقدار التي جعلتني أوّل وزيرة في الجزائر المستقلة، وأعتقد أنّ حضوره لن يضيف شيئا لمدينة العلم والعلماء إذا أتى وهو يحمل أفكاره العنصرية والصهيونية، أمّا إذا كان حضوره كمطرب فقط، فهذا شرف لنا، وهو يبقى ابن المدينة.