"عائشة حداد" تستضيف "تعابير على اللوحات الفنية"

تجربة حياة ملفوفة بالإحساس والبهجة

تجربة حياة ملفوفة بالإحساس والبهجة
  • القراءات: 389 مرات
 مريم. ن مريم. ن

تقترح الفنانتان التشكيليتان فريدة موساوي ودليلة بن علوان، تشكيلة من لوحاتهما التي تزيّن بها رواق "عائشة حداد" بالعاصمة؛ حيث أبدعتا بالريشة والألوان، وبالمواضيع الثرية التي تعكس مدى النضج والموهبة. واستطاعتا معاً أن تلفتا الجمهور إلى أجواء حميمية تملؤها البهجة والود.
يتضمّن معرض "تعابير على اللوحات الفنية" المقام إلى غاية 23 من الشهر الجاري، الكثير من الأعمال التي تعدّدت فيها الألوان والمواضيع والمدارس الفنية. وكان المشترك فيها هو الحسّ الأنثوي الراقي، وكذا تجربة الحياة التي توحي بالأمل والتفاؤل والانتصارات رغم كل العقبات، مع مسحة من الذكريات ومن أيام خوالٍ مضت، لتتجسد بالخط العريض، التحية والقبلة على جبين كلّ امرأة.

تجليات الرقيّ والإحساس

التقت "المساء" حين دخولها المعرض بالفنانة موساوي التي لا تفارقها الابتسامة، وتتنقل هنا وهناك في المعرض مستقبلة الجمهور والأصدقاء. وقد يظنها من لا يعرفها أنها نجمة سينمائية من فرط أناقتها وجمالها، وحديثها الراقي. وقالت موساوي: "أردت تنظيم هذا المعرض، واقترحت لوحاتي 18 على مؤسسة فنون وثقافة، لكن هذه الأخيرة أكدت أنه لا معرض دون بلوغ نصاب 45 لوحة. حينها اتصلت بزميلتي السيدة دليلة لتشاركني المعرض، فوافقت واقترحت لوحاتها، وهكذا ذهبنا معا إلى هذه المؤسسة وقدّمنا أعمالنا، واقترحنا أن يكون المعرض في شهر جويلية".
الحديث مع الفنانة موساوي ذو شجون؛ حيث أكدت قائلة: "فخورة أنا بهذا المعرض برواق عائشة حداد؛ هذه الفنانة المجاهدة التي قدّمت فنا راقيا، وأحبّت الجزائر بجنون؛ تماما كما أحبها؛ حيث بقيت طوال حياتي - وأنا الآن في عمر السبعين - أفتخر بوطني، ولم أفكّر يوما في تركه، والذهاب بعيدا عند الغرباء. وهو نفس موقف زوجي جراح أعصاب، الذي بقي هنا معي، وظللنا نعيش مع العائلة في حبّ وودّ. وبعد هذا العمر أردت أن يستفيد غيري من أبناء وطني مما تعلّمته؛ فهم أحق بذلك من غيرهم" .
وأشارت المتحدثة التي تميزت بلسانها العربي المبين، إلى أنها عملت أستاذة في مجال التسيير والاقتصاد، وهي تتقن 4 لغات بطلاقة؛ منها لغة الضاد التي تعشقها، مؤكدة ضرورة أن يكون الفنان ذا مستوى ثقافي وعلمي، وأن تتجسّد فيه مظاهر الأناقة، والمعاملة الحسنة، والأخلاق، والدين، وأن لا يكف عن الأخذ والعطاء مع الآخرين؛ ما يثري حياته وفنه.
وسألت "المساء" الفنانة عن لوحاتها التي خصصتها للراحلة باية محيي الدين، فبدت وكأنّها من رسم الراحلة من فرط إتقانها! فردّت أنها تَعُد باية معلما تاريخيا في الجزائر، تفتخر بها. وأضافت: "أحبّها أيضا لأنّ مشوارها يشبه مشواري الفني؛ فأنا بدأت الرسم منذ الصغر مثلها، كما إنني أرتاح لرسوماتها؛ كونها لا تعبّر من فراغ، وتلتزم بمبادئها مثلي، وبالتالي جاءني هذا الإلهام للرسم لها. وإحدى اللوحات تفوق واحد متر ".
وكانت المرأة السيدة في لوحات موساوي؛ حيث أكدت أنها تكاد تقدّس المرأة؛ كيف لا وديننا يقول: "أمك، ثم أمك، ثم أمك"، علما أن الفنانة كرّمت المرأة في شتى المجالات؛ من نضال، وعلم، وعمل، وكذا في الفن؛ كون الفنانة الأكثر والأرهف إحساسا.
وعن تكوينها الفني، قالت إنها عصامية، لكنها تكوّنت في العديد من الجمعيات والورشات، وعند أستاذ من المدرسة العليا للفنون الجميلة. ولاتزال أينما تسمع بفرصة للتكوين تلتحق بها، مشيرة إلى أنها ترتاح أكثر للرسم على القماش. وترى أنها تميل إلى كل ما هو بسيط وأصيل وحقيقي مباشر؛ ما يتجلى في أعمالها.
من جهة أخرى، تحدّثت الفنانة عن تجارب أخرى؛ منها في المجال الاجتماعي، وكيف تعلّم الأطفال المرضى فن الرسم كنوع من العلاج (دون مقابل). كما تشارك الشباب في الأعمال الخيرية التطوعية؛ منها في رمضان، وفي حفظ كتاب الله (مسابقات). وهنا توقفت عند أهمية الفن والفنان في المجتمع، وكيف أنه من الضروري تشجيع ذلك وزرعه في الأجيال؛ من خلال زيارة المتاحف، والأروقة، والمعالم التاريخية، وترسيخ الرسم والابتعاد عن كلمة "ما تعرفش" للصغير، وهذا ـ حسبها ـ ما ينمّي المواهب، والذوق العام.
الفنانة موساوي مختصة أيضا في صناعة الحلي التقليدية. ورأت "المساء" بعضها الذي يشبه القطع التاريخية. وأغلبها مرصّع بالمرجان أو الأحجار.

حنين للكلاسيكيات وعرفان بـ«الفلسطينية"

بدورها، اقترحت الفنانة دليلة بن علوان مجموعة من الأعمال الجميلة؛ حيث خصصت لوحة عُرضت في بهو المعرض، لفن الزخرفة والمنمنمات، والخط الكوفي. وقالت لـ "المساء" إنها تقدّر هذا الفن الجزائري الأصيل، متأثرة بجيل الروّاد ابتداء من محمد راسم. كما استعملت في هذه اللوحة التي تتوسّطها فتاة حسناء بالزي العاصمي، "ورقة الأرز" التي تساعد على التشكيل، مذكّرة بالمناسبة، بأنها تكوّنت عند الفنان المعروف أجاووت.
وفي باقي اللوحات هناك، كما أضافت، مدارس فنية أخرى؛ منها التشخيصي، والانطباعي، والتجريدي، والتكعيبي. وهنا تحدثت عن لوحتها الجميلة المهداة لفلسطين والتي تحمل عنوان "الفلسطينية" . وتبرز فيها امرأة فلسطينية تحضن القدس مثل وليدها؛ كدليل على الوفاء، والتشبث بالأرض.
وأبدعت الفنانة أيضا في الرسومات الإفريقية؛ منها الشخوص والبورتريهات. وغيرها لاقى إقبال الجمهور. كما تفنّنت في رسم الطبيعة، والمعالم التاريخية وغيرها. وعرضت السيدة بن علوان (متقاعدة) بعض القطع الخزفية التي أنجزتها، والخاصة بالديكور، مستعملة عدّة تقنيات؛ منها الغطس في المحلول (اللون)، وكذا اللصق، واستعمال ورقة الذهب وغيرها.