معرض "ما وراء اللون" برواق "محمد راسم"

تجليات من التراث وسيادة كاملة لطبيعة الجزائر الساحرة

تجليات من التراث وسيادة كاملة لطبيعة الجزائر الساحرة
  • القراءات: 778
 مريم. ن مريم. ن

يقيم الفنان سعد عمر معرضه التشكيلي "ما وراء اللون" برواق "محمد راسم"، إلى غاية 18 سبتمبر الجاري، مقترحا باقة من الزهور، يحملها الزائر في يده ويدخل بها إلى كل قصر وبيت وموقع لا يزال يشهد على تاريخ تراثنا الزاخر.
أشار الفنان عمر سعد، وهو يتجول في معرضه، رفقة "المساء"، أنه يقترح على جمهوره 52 لوحة من الحجم الكبير، أغلبها بأسلوب المدرسة الواقعية المفضلة عنده، خاصة في مواضيع الطبيعة والتراث، كما هو الحال في هذا المعرض.
قال الفنان "أنا مولع برسم تراث الجزائر الذي يسبي كل فنان بغناه وتنوعه وجماله، وفي كل مرة أرسم عن صورة أو قطعة من هذا التراث، أنتقل إلى عين المكان لأرى وأستمتع، ثم أترك المجال لريشتي وإحساسي".
سألت "المساء"، الفنان عن لوحة مبهرة شدت الناظرين من فرط جمال ألوانها، وكيف تجاور فيها الأزرق والأخضر المائي، وكأن اللونين يتحاوران ويتناجيان، إنه الإبداع بعينه، ليرد الفنان عمر "هذا المشهد هو صورة من آية خلقها الله بشاطئ بني بلعيد في جيجل، رأيتها كما رآها الكثير من الجزائريين والأجانب الذين زاروها، جنة فوق الأرض، ماء بحرها صافي زللا يمتد من الشاطئ بالاخضرار، ليصل بعيدا إلى الزرقة، ومهما صدقت الريشة وعبرت، فإنها لا توفي هذا الجمال حقه".
لوحات أخرى مختارة من مناطق عديدة من الجزائر، تنسي كل واحدة اللوحة التي سبقتها، ويكاد الناظر لا يصدق أن كل هذا النعيم موجود على أرض وسماء بلاده، ومن ضمن ما تم عرضه، لوحة تصور "منارة القرود" بسكيكدة، والتي اعتبرها الفنان تحفة سلبته وهو ينظر لجمالها الفاتن، كذلك الحال مع لوحة "قاع السور" تتجلى فيها لحظة الغروب في مشهد لم يعتد عليه الناس، كذلك مع شواطئ تيبازة المعروفة بصفاء مياهها وألوانها.
خصص الفنان أيضا، جانبا للصحراء، قال إنه يعشقها بكل حواسه ووجدانه منذ طفولته، قائلا "أحب الصحراء، ولا أنقطع عنها، فأنا أزورها دوما ومنذ طفولتي، حيث كان والدي يأخذنا إليها، ومن ثم تولد بداخلي هذا الحب والتعلق الذي بقي يسكنني إلى الآن، إلى درجة أنني لا أرى مكانا آخر يوازي في جماله ونقائه وسحره الصحراء، لذلك قدمت مجموعة من اللوحات عن طبيعة الصحراء برملها الذهبي، وبالجمال التي تقطع المسافات وبالواحات والصخور والوديان وغيرها، خاصة صور الغروب التي جلبت العالم بأسره".
كما رسم الفنان صورا أخرى من الصحراء، منها مثلا، بسكرة ببساتينها وواحاتها وكل ما توفره من راحة واستجمام، وذكر أن لوحة موجودة في هذا المعرض، بها واحة غناء من الصحراء الجزائرية، رسمها من خياله، واستمد تفاصيلها من بعض المصادر والكتابات.
من جهة أخرى، أكد الفنان أنه مولع بالطبيعة الجزائرية الخلابة، التي غالبا ما ترتبط بالأصالة والصفاء والنقاء، مبديا تجنبه لتلك المناظر التي بها إسمنت مسلح أو أية معالم من الحياة العصرية.
يبقى التراث يطغى على هذه الأعمال الفنية، هذه الأخيرة التي تستعين غالبا بمقاييس، منها التوازن في اللوحة، وأحيانا التضاد والتدرج في الألوان، كما تسللت الطبيعة الصامتة في لوحات أخرى من هذا المعرض، لا تقل إبداعا، منها باقات الزهور وكذا سلال الفواكه وسلال الورد، ليبقى الحنين دوما إلى زمن كانت فيه الطبيعة عذراء، لا تعاني التلوث والتشويه، تحط فيها المراكب والقوافل وجموع المتنزهين في طمأنينة، يغمرها الشغف والحوار المفتوح مع الطبيعة، لتسمو الذات الإنسانية بهذا الجمال الملون بالحلم والحنين.