تكريم فريدة كريم وجلال شندالي بالمسرح الوطني
تحية من الجمهور لمن يحبّ
- 881
كرّمت جمعية "الألفية الثالثة"، أول أمس، بالمسرح الوطني، النجمين فريدة كريم وجلال شندالي؛ عرفانا بمشوارهما الحافل والممتد عبر عقود من الزمن، الذي كسبا فيه حب الجمهور الذي أتى في هذه المناسبة من كل حدب وصوب، مالئين القاعة وكل الشرفات، ومحيّين هذين العملاقين، اللذين رسما بسمة الجزائريين في كل حين ومكان.
أشار منشط الحفل محسن بوزرطيط إلى أن هذا اللقاء يحمل العدد 71 ضمن سلسلة التكريمات التي تنظمها جمعية "الألفية الثالثة" منذ أكثر من عقدين، ويخص الممثلة فريدة كريم المعروفة بـ"خالتي بوعلام"، والمنشط والممثل جلال شندالي، اللذين دخلا القاعة على أنغام "الزرنة"، وهتاف الجمهور، وعناق رفقاء الدرب، وباقات الورد، علما أن السيدة فريدة دخلت بـ"الحايك"، ثم أخذت مكانها وهي تلبس الزي التقليدي العاصمي.وابتهج الجمع بهذا المحفل الذي يتزامن وشهر مارس، المتضمن عيد النصر، وعيد المرأة، كما يتزامن، هذه السنة، مع شهر رمضان، الذي سيعرف تكريمات أخرى.
وافتتحت الحفلَ السيدة نرجس، بباقة من الحوزي والمسامعي وكانت في كامل عطائها، فشدّت العوائل العاصمية التي بادلتها بالزغاريد، وأدت "احنا جيناك"، و"مال حبيبي"، و"ماهدروش باطل عليك الناس" للراحلة نادية، ليطلّ بعدها فنان من زمن عزّ الأغنية الجزائرية، غاب لسنوات طويلة عن الساحة، لكن الجمهور ردّد معه أغانيه، وبادله التحية، وهو الفنان الكبير محمد وجدي؛ فرغم تغيّر بعض ملامحه إلا أنه يظل بصوته الحنون، مؤثرا في الوجدان، ومستعينا بأجمل الكلمات والأنغام. ومما أدى "يا لالة ما تبكيش"، وغيرها من الأغاني.ثم تَقدم فنان شاب جاء من تيزي وزو، وهو بلقاسم هوماني، الذي أهدى الجمهور كوكتال من الأغاني القبائلية الخفيفة، محيّيا المكرمَين.
كما حضر سفير الأغنية الأوراسية المعروف عبد الحميد بوزاهر، مرفقا بصوت واعد، هو رضا الصغير الذي فاز مؤخرا بجائزة أحسن صوت شاوي، فأديا معا بعض أغاني التراث الشاوي العريق. ثم قرأ الأستاذ بوزاهر مقاطع من قصيدة كرّم فيها المرأة الجزائرية سواء في المدن أو الأرياف؛ عاملة ومثقفة كانت أو ماكثة بالبيت تربي الأجيال، كانت قمة في البلاغة، ليلحّ الجمهور (منه السيدة كريم فريدة) على بقاء الفنانين على الخشبة، هاتفا بـ"لزرق مقروني"، لتؤدى هذه الرائعة على المباشر.وانطلقت، بعد ذلك، مراسيم التكريم، وكان قبلها رئيس جمعية "الألفية الثالثة" سيد علي بن سالم، أكد أن التكريم القادم سيكون يوم 11 أفريل الداخل خلال الشهر الفضيل، وسيخص الفنانتين الكبيرتين بهية راشدي وفضيلة حشماوي.
وقال إن السيدة فريدة كريم دخلت عالم الفن ولم تكن تتجاوز سن 9؛ من خلال الإذاعة، وهي لاتزال تبدع، لتتوَّج بدرع ووسام الشرف، الذي سلّمته لها السيدة وهيبة مرابط ممثلة وزيرة الثقافة، ثم ألبسها الفنانان أحمد قادري (قريقش) ونجية لعراف، البرنوس المطرَّز المهدى من "لوندا". وحيَّت الممثلة فريدة الحضور ورفقاءها وعائلتها وجيرانها الذين حضروا، مؤكدة أن مشوارها بدأ في سن التاسعة، وها هي اليوم في 69 من عمرها، مردّدة: "بكم نجحت".
وبنفس المقام تَقدّم الأستاذ جلال ليكرَّم بميدالية ووسام الشرف، ويُلبسه الفنان عبد العزيز بن زينة، البرنوس، ويغني له موالا من التراث الشاوي.وقال جلال إنه ظل طوال حياته يخاطب الجمهور، لكن، اليوم، تخونه الكلمة بعدما غمره حب الحضور، مضيفا أنه لم يكن يحلم بهذا التكريم والمقام، وهو لايزال في بداية حياته آتيا من مسقط رأسه قمار، ثم أهدى التكريم لزوجته التي يقاسمها الحياة منذ 43 سنة قائلا: "تحمّلتني وأنا متألم وصائم و"مشومر"، وكانت دوما معي، وأُما لأولادي عمار ويسرا وندى".
ثم صرح ابنه عمار وهو يحضنه: "أحببنا هذه المهنة من أبي جلال". مفاجأة الحفل كانت الفنان الكبير محمد محبوب، الذي طلّ على جلال مطالبا إياه بالرقص؛ تماما كما فعل، مؤخرا، في عرس عمار. وفي أجواء مرحة كان جلال يهرب أحيانا وراء الكواليس، لكنه رضخ في الأخير، ورقص. وأدى الفنان محبوب بداية أغنية واد سوف مع ابنه خالد الصوت الواعد والطربي، ثم أدى كلاهما برنامجه الغنائي الجميل.