"الزخرفة في المعمار الإسلامي" بدار "مصطفى باشا"

تصاميم بديعة من زمن تلمسان

تصاميم بديعة من زمن تلمسان
  • 1109
مريم . ن مريم . ن

 يحتضن المتحف العمومي الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط، معرضا بعنوان "الزخرفة في المعمار الإسلامي"، بالتنسيق مع مركز الفنون والمعارض والمتحف العمومي الوطني للآثار الإسلامية بتلمسان، حيث يتم استعراض تاريخ فن العمارة وما فيه من زخارف وتقنيات هندسية بديعة، مع الوقوف عند أشهر معالم الجوهرة تلمسان.

افتتح هذا المعرض، بمناسبة اليوم الوطني للقصبة، وتستمر فعالياته لأجل لم يحدد بعد، بهدف تمكين الجمهور من اكتشاف هذا الفن العتيق، الذي بلغ المدى وعبر الحدود بمعالم وخصوصيات جزائرية خالصة. ويقام في الطابق العلوي للمتحف وبه جناحان؛ الأول يحوي أهم المعالم الإسلامية بمدينة تلمسان العتيقة، التي غالبا ما ارتبط تاريخها بالزيانيين، ففي هذه الفترة، بلغ الفن والعمارة الإسلامية أوجه، مع وضوح البصمة الأندلسية بطابعها الزخرفي الخاص، المنتشر في مختلف المعالم القائمة منذ قرون، منها القصور والمدارس والأضرحة والزوايا والمساجد. استفادت تلمسان من مهندسين وخبراء في فن المعمار، ومن مهاراتهم، حين نزحوا إليها من الأندلس، ثم توالت بعدها مختلف الدول التي مرت على المدينة، منها المرابطون والموحدون وغيرهم، ترسخ فيها هذا الفن وتطورت تقنياته على مر العصور، ليتقاطع فن الزخرفة في فن المعمار بتلمسان مع مدن مغاربية كبيرة.

ضم الجناح الأول، لوحات فوتوغرافية كبيرة، أغلبها بالأبيض والأسود، تعرض معالم قديمة من تلمسان، بعضها عبارة عن مجسمات كارتونية، منها مسجد باب "زيري"، الذي تم التعريف به في بطاقات مرفقة، تشير إلى أن من أمر ببنائه هو يوسف بن تاشفين، في الفترة الأولى للمرابطين، أي منذ 7 قرون. هناك أيضا المدرسة الخلدونية (مدرسة العباد)، التي بنيت في عهد المرينيين، الذين استولوا على المغرب الأوسط، وشيدها السلطان أبو الحسن المريني سنة 1343م، خصصت غرفها للطلبة، وفي طابقها السفلي صحن الدار الرئيسي، وقد درس بها المؤرخ ابن خلدون وغيره من المشاهير، كما أن بها ساحة وقاعة للدروس، تحوي محرابا، وتغطي القاعة قبة من الخشب المزخرف بأشكال هندسية جميلة، تعود إلى الحقبة العثمانية، وقد تم ترميم الزخارف الجدارية التي كادت تندثر سنة 1973.

عرض أيضا مجسم مسجد "أبي الحسن التنسي"، الذي شيد لذكرى الأمير أبي عامر إبراهيم ابن السلطان يحيى يغمراسن، سنة 1296، وقد سمي على العالم الجليل أبي الحسن علي بن يخلف التنسي، الذي مارس القضاء تحت حكم السلطان أبي سعيد عثمان (1283-1303)، حول هذا المعلم إلى مخزن للأعلاف والخمور سنة 1849، ثم إلى مدرسة فرنسية عربية، ليكون متحفا مع غرة الاستقلال. من المعالم أيضا؛ المسجد الكبير الذي أسس سنة 1850، لتتوالى أهم المعالم، منها المدرسة التاشفينية الشهيرة وقلعة المشور ومسجد سيدي الحلوي وغيرها. وخصص الجناح الثاني للمخططات والرسومات الزخرفية، من تزهير وتخطيط هندسي وخط وغيرها، أغلبها مستلهم من القرآن الكريم والحديث النبوي، ثم البيئة الطبيعية الخلابة، كبيئة تلمسان والأندلس (منها مثلا أوراق الأشجار كالزيتون والرمان والتين)، تحمل كلها رسائل ومعان راقية سادت في أوج الحضارة الإسلامية، مع مراعاة الجوانب الجمالية للزخرفة الإسلامية، التي لا تخلو كذلك من القيم الروحية والدينية، مع الاعتناء بدقة التصميم والهندسة التي تتجلى في المآذن والمساجد والقصور والأبواب ومطارق المنازل القديمة للمدينة.

تعتمد الزخرفة الهندسية، على تكرار وتداخل أشكال المربعات والدوائر بنظم رياضية وهندسية، وقد أبدع المصممون الأوائل في هذا النوع من الزخارف، ويظهر استخدام النجوم والمعينات بكثافة، كما تظهر الأشكال الهندسية من خلال التكرار والتداخل والتشابك، لتعطي نماذج متقدمة من الزخارف الهندسية. من المعروضات أيضا، رسم النجمة الثمانية التي تتشكل من مربعين فوق بعضهما، وتعد من أقدم أشكال الفن الهندسي الإسلامي، كما اشتهرت الأشكال الزخرفية الناتجة عن تداخل الدوائر عبر قياسات دقيقة. وتبرز الزخارف الهندسية أشكال الفنون المعمارية، من تسقيف وتبليط وجدران وواجهات وأعمدة وشبابيك ونوافذ، وفي تزيين الزجاج الملون، هناك أيضا تثقيب النوافذ الحجرية بزخارف منتظمة، تسمح بنفاذ الهواء والضوء من خلالها، وهي تستخدم كنوافذ أو فواصل داخل الغرف. هناك الزليج، يستخدم لعمل زخارف فسيفسائية ملونة لتزيين الجدران والأسقف والنفورات والأرصفة والأحواض وغيرها.