مكتبة "علامات" بالقصبة

تقديم الفن بكل أصوله وفروعه

تقديم الفن بكل أصوله وفروعه
  • 312
لطيفة داريب لطيفة داريب

«علامات" اسم مكتبة بالقصبة، صنعت الفارق، من خلال تخصصها في بيع الكتب الفنية، أي التي تناول فيها مؤلفوها شتى أنواع الفنون، بالإضافة إلى الكتب التي خُطت بأسلوب فني راق. كما تعد مكتبة منتجة، من خلال تنظيمها لنشاطات ثقافية وفنية، مثل عمليات البيع بالتوقيع، تتسم بالحيوية ومعارض الفنون التشكيلية توصف بالمشاريع.

اتفق محمد بلعابد ومازيا جاب على جمع الأدب، الذي اختص فيه محمد بالفن الذي مارسته مازيا، تحديدا التصوير، لينشآ مكتبة "علامات" التي كان مقرها تيلملي بالعاصمة، لتنتقل إلى القصبة. في هذا، قالت مازيا لـ«المساء"، إنها عملت رفقة محمد بلعابد على دمج الأدب والفن، اللذين يشتركان في المخيال في فضاء واحد، وهو المكتبة، مضيفة أنهما يفكران جدا في الإبداع وطريقة الوصول إلى المخيال، علما أن الحركات الأدبية والفنية في العالم تناولت هذه المواضيع، لتتساءل "هل ما نراه هو الحقيقة أم أننا نصل إليها بواسطة المفاهيم؟" وأوضحت "محيطنا مملوء بالصور، فهي موجودة في الإعلام المرئي، مثلا، وفي نفس الوقت، يمكن أن تكون ممنوعة في بعض المجالات، وفقا لتقاليدنا، لهذا ولمحاولة فهم كل هذه التناقضات، تم تأسيس هذه المكتبة".

ونوهت مازيا بالفن الإسلامي المتكامل، الذي استطاع أن يجمع بين ما نفهمه كفكرة وما نشعر به كإحساس، عكس الفن الغربي، مثل الفن المعاصر الذي يهتم أكثر بما نفكر به، لهذا تبحث رفقة محمد عن الكتب التي تتناول مثل هذه المواضيع، خاصة المتعلقة بالفنون، لتتحسر على العدد القليل من الكُتاب الجزائريين، الذين ألفوا عن الفنون، وتذكر الفنان التشكيلي محمد خدة الذي كتب "عناصر لأجل فن جديد".

كما تهتم المكتبة بنشر أعمال فنية، لا يقصد من ذلك الكتاب الجميل، بل الدراسات التي تناولت الفنون، سواء التشكيلية أو السينمائية أو المسرحية وغيرها، وفي هذا قالت مازيا، إن هذه الكتب محاولة لفهم مواضيع تخص الفن، للوصول إلى مخيال، قد يوصلنا بدوره، إلى الحقيقة. وتابعت أن المكتبة لا تبيع فقط الكتب المنظرة للفن، والتي يجب على قارئها التركيز الجيد، بل تبيع أيضا كتبا أخرى، تعنى بالهندسة وتاريخ الجزائر وغيرها، للقارئ الجزائري وللسائح أيضا، مشيرة إلى أن هذا الفضاء الشاعري المتمثل في المكتبة، يوجد في القصبة، حيث يرتادها سكان المحروسة في جو حميمي حقا. وأضافت أن الفن هو أيضا تقنية، ويمس مجالات مختلفة، مثل الديزاين والألبسة والأثاث، فالفنان يتخيل ما يريد صنعه، ثم يلجأ إلى التقنية لتجسيد مخيلته على أرض الواقع.

أما عن تنظيم المكتبة لنشاطات فنية وثقافية، قالت مازيا، إن أي نشاط تنظمه "علامات"، يجب أن يكون في قالب مشروع، مثل المعرض الذي نظم مؤخرا، في بيت من بيوت القصبة "دار النحلة" للفنان ميزو. في حين تحدثت عن اختيار المكتبة الدقيق للكتب التي تباع على مستواها، سواء المنشورة في الجزائر أو في الخارج، مثل كتاب "ماذا تعرف اليد" للكاتب ريشار سينات، حول ثقافة الصناعة التقليدية.

 

الفن هو الأصل في "علامات"

من جهته، قال محمد بلعابد، إن "علامات" مكتبة منتجة، فهي ليست كالمكتبات الكلاسيكية، تبيع الكتب وكفى، بل إنها ملجأ كل فنان وكاتب، فأساسها الفن وهو الأصل فيها، لهذا فهي مفتوحة أمام كل الفنانين، بالإضافة إلى مرافقتها للكُتاب الذين تنظم لهم عمليات بيع بالتوقيع، فمثلا يمكن أن يصاحب الكاتب، مصمم غلاف كتابه، بالتالي سيكون للأدب والرسم نصيب مشترك من النشاط.

وتابع محدث "المساء"، أن المكتبة تخرج من مقرها أحيانا نحو فضاءات أخرى لتنظم نشاطات، مثلما فعلت بمعرض ميزو، لتخلق بذلك حوارا وفكرا آخر في فضاء مختلف، علاوة على تعاونها مع "دار السلام" التي تؤجر له الفضاء في مشاريع كبرى، وهنا تدخلت مازيا لتكشف عن أنها كانت محافظ معرض للفن المعاصر، نظمته الدار، كما نُظمت محاضرة بالمكتبة.

بالمقابل، نظمت مكتبة "علامات" عملية بيع بالتوقيع للكاتب سمير تومي، عن روايته الجديدة "أمين.. رواية جزائرية"، وفي هذا قال محمد، إن اختيار المكتبة لعمل سمير تومي يعود إلى أسلوبه الفني المتميز، وكذا إلى التصميم الراقي لغلاف كتابه، إذ أن الفن هو الأساس الذي شيدت به المكتبة. كما أن لديناميكية تومي وحيويته يد في هذا الخيار.

ودعا محمد إلى أهمية أن يعمل الناشر والمكتبي على ترويج الكتب الجديدة، مشيرا إلى أن المكتبة لا تريد أن تجعل من عمليات بيع بالتوقيع تقليدا تنظمه كل سبت، بل تريد أن تنظم الفعاليات الأدبية والفنية بشكل غير تقليدي، وينشطها أصدقاء المكتبة التي يشاركونها في الرؤية والجماليات، مثل سمير تومي وباديس صلاح. وطالب أيضا بأهمية الكتابة في الشؤون الفنية، خاصة وأن الكثير من فنانينا رحلوا عنا بدون أن تخصص لهم دراسات، كما تحدث عن أهمية أن يكون للجزائر سوقها للفن التشكيلي، الذي يحدد معاييره النقاد، مثل تحديد قيمة الأعمال الفنية.

وحيا بلعابد قدوم وزير الثقافة الجديد، داعيا إياه إلى مساعدة المكتبيين، وفي هذا قال "حبذا لو تمكنا من إيجار فضاء من الفضاءات المغلقة للقصبة، وهكذا سنتمكن من تنظيم نشاطات أوسع".