مشروع تعديل قانون التراث

تقديم مسودة النص الجديد أو المعدل في السداسي الثاني 2024

تقديم مسودة النص الجديد أو المعدل  في السداسي الثاني 2024
  • 476
مريم. ن مريم. ن

تجري حاليا، عملية مراجعة وإثراء قانون التراث رقم 98-04، الخاص بحماية التراث الثقافي، قصد تعديله وسد بعض ثغراته، علما أن الجزائر عملت على إرساء منظومة قانونية ناجعة لحماية تراثها الوطني، من خلال اعتمادها منظومة قانونية فعالة، بعدة تشريعات وتنظيمات، لكن يبقى السؤال عن مدى فاعلية النصوص القانونية في توفير الحماية الناجعة للتراث الوطن.. بالمناسبة، التقت "المساء" بعدة خبراء ومختصين، قَدموا وجهات نظرهم في هذا الشأن، الذي له تأثيره على التراث وترقيته وحمايته، مع مواكبة القانون للمستجدات والتحديات والرهانات.

الأستاذ عمار نوارة مدير الحماية القانونية للتراث بوزارة الثقافة والفنونصياغة نص جديد يرتكز على تعديلات عميقة للقانون 98-04

أشار الأستاذ عمار نوارة، خلال حديثه لـ"المساء"، إلى أن مراجعة قانون التراث خطوة إيجابية، وهي بمثابة تحيين لقانون التراث، وتشمل في مضمونها هذه المنظومة القانونية بكاملها، وليس فقط جزءا منها، ابتداء من قانون 98- 04، تليه المراسيم التطبيقية كاملة، علما أن اللجنة المكلفة بهذه المهمة، سبقتها جلسات وطنية، شارك فيها المهتمون بالتراث، من مهندسين وأثريين وباحثين وإعلاميين ومؤسسات متحفية، وكل من له علاقة بالتراث، من خلال 4 محاور، ومن خلال مخرجاتها والتوصيات المنبثقة عنها، تشكلت اللجنة التي يرأسها الأستاذ نوارة، والمكلفة بمراجعة هذا القانون، لتقديم المسودة بنص قانوني جديد أو معدل بمعنى صياغة نص جديد، يرتكز على تعديلات عميقة للقانون 98-04، أو إصدار قانون تراث ثقافي جزائري جديد، إذا تعدت التعديلات نسبة معينة من مواد القانون ساري المفعول، مع ضبط المصطلحات القانونية، بما فيها المفاهيم الجديدة المتعلقة بحماية وتثمين التراث.

كما أوضح المتحدث، أن المهمة لم تكن سهلة، نظرا لكثرة الآراء، ويضيف "لكن الأمور تسير على نحو حسن وبثبات"، مؤكدا على أن القانون القديم كان به ثغرات، يجري تغطيتها وسدها منذ ذلك، مثلا تراث الفقارة الذي قدمت فيه عدة اقتراحات، كما أنه لم يصدر في الجريدة الرسمية، وهكذا يتم في كل مرة التعديل والإثراء، مشيرا إلى أن المسودة ستكون جاهزة في السداسي الثاني من 2024.

الدكتور محمد جعفري (مهندس في الطاقات المتجددة في الوسط الصحراوي): جوانب من تراثنا مهملة تنتظر الحماية القانونية

أكد الدكتور محمد جعفري، أنه كلما كان الإثراء في القانون، انعكس ذلك على مجال التراث، الذي يحتاج في حد ذاته دوما، للحماية والتطوير والانتشار المعرفي والتعريف به أيضا، مضيفا أن جوانب من تراثنا لا زالت مهملة، منها المخطوطات، وكذا التراث المادي، منه الفقارة بالجنوب، وكذا غير المادي، مثل الممارسات الخاصة بالفقارة، كالعريف (الخبير) وكيال الماء وغيرها، وهناك أيضا الطبوع الغنائية، منها الشلالي وزمار بوعلي والقرقابو وصارة والطبل والحضرة، وغيرها الكثير.

كما أشار محدث "المساء"، إلى أن التراث الجزائري المصنف عالميا، لا توجد له نصوص قانونية بالجريدة الرسمية، وهي الثغرة التي تعمل الوزارة على سدها في القريب العاجل.

الدكتور محمد هداجي (مختص في التاريخ الإفريقي): على القوانين أن تتماشى مع المستجدات الحاصلة

قال المتحدث، إنه بالنسبة لقانون التراث، يجب إثراؤه، على اعتبار أن القوانين عليها أن تتماشى مع المستجدات الحاصلة، بالتالي يمكن الحفاظ على أكبر قدر من التراث المادي منه وغير المادي، وبذلك حمايته من الزوال والحفاظ على الهوية والحضارة والبعد الثقافي الذي تمتلكه الجزائر، مع حمايته من السرقات والتعدي الذي يلحقه من مختلف الجوانب، خاصة الجهات الأجنبية.

ودعا الدكتور هداجي إلى تثمين جميع المواد، خاصة تلك التي تهتم بالتراث الشفهي، باعتباره قابل للزوال والسطو في أي لحظة. وبالنسبة للمخطوطات، قال إنه من الواجب تعزيز جانب الجرد، مع استعمال الوسائل الحديثة في الترميم والرقمنة، وإتاحتها للباحثين، حتى لا تبقى حبيسة ملاك الخزائن، وكذا حمايتها من الأخطار الطبيعية والبشرية، كالحرق مثلا.

الدكتور محمد مولاي من جامعة أدرارالمخطوط يحتاج اليوم لقانون خاص به

قال الدكتور مولاي، إن على القانون الجديد إدراج مواد تتماشى وخصوصية التراث، من ذلك المخطوط مثلا، الذي لابد اليوم، من إصدار قانون خاص به، عوض تبعيته لقانون الأرشيف، علما أن هذا المخطوط اليوم، يتعرض للسرقة والنهب والاتجار غير المشروع، ويكفي ـ كما قال ـ أنه تم حرق مكتبتين للمخطوطات بأدرار، ولم يتم ملاحقة المجرمين، فالمخطوطات المحروقة كان غير مصرح بها، كذلك الحال مع الخزانات الخاصة التي بها أرشيف عن تاريخنا الوطني، مضيفا "في هذا الحريق، ضاع أرشيف ووثائق معركة الشهيد عبد الله الرقاني بعين صالح، إبان الثورة التحريرية، بالتالي فقدنا جزءا من تاريخنا"، وقال أيضا، إنه في كل عملية إثراء قانون، لا بد من إشراك اللجان المكونة من المختصين والباحثين قبل غيرهم.

الدكتور عمر هداجي رئيس جمعية فوقارة "تغجمت": تفعيل أكثر للقانون مع وضع آليات التطبيق والمراقبة

في معرض حديثه مع "المساء"، قال الدكتور عمر هداجي، إن على قانون التراث أن يواكب الواقع والمستجدات، قائلا "أنا مثلا، أتنقل من أدرار إلى الجزائر العاصمة حاملا معي 400 مخطوط ووثيقة، ولا يوقفني ولا يسألني أحد خلال الطريق، ورغم أن تلك المخطوطات ملك لي، لكن كان الأجدر أن تكون هناك مراقبة ومساءلة"، كما  أشار إلى أنه تقدم بمشروع لإعادة تكوين جمعيات التراث وتعزيز تعاونها مع الجهات الأمنية، ذاكرا ما ينهب من التراث، حتى من بعض المقابر التي توجد بها أواني فاخرة قديمة، مطالبا بتفعيل أكثر للقانون، مع تتمته وإثرائه، والأهم وضع آليات التطبيق والمراقبة، خاصة في المعابر والحدود، وإشراك كل الأجهزة ومراقبة البيع الفوضوي للقطع الأثرية، منها الذهب، بدل إعطائها للدولة التي عليها إعطاء مبالغ ومكافآت محترمة لمن يجد التحفة. اقترح المتحدث أيضا، تفعيل دور المجتمع المدني في صياغة القانون، وفي حماية التراث من المخاطر والنهب، مؤكدا أنه تقدمت بعض الجمعيات بمشاريع للتصنيف والحماية.