انطلاق البرنامج الثقافي للصالون الدولي للكتاب

تكريم بوجدرة وتنويه بعمق العلاقات مع موريتانيا

تكريم بوجدرة وتنويه بعمق العلاقات مع موريتانيا
وزيرة الثقافة والفنون، مليكة بن دودة
  • 333
لطيفة داريب لطيفة داريب

❊ الثقافة خيار دولة ورهان تنموي واستراتيجية وطنية

❊ الكتاب ضمانة لاستمرار الوعي الإنساني

أشرفت وزيرة الثقافة والفنون، مليكة بن دودة، أوّل أمس، على الافتتاح الرسمي للبرنامج الثقافي الخاص بالطبعة الثامنة والعشرين من صالون الجزائر الدولي للكتاب، الذي يحتضنه قصر المعارض بالصنوبر البحري. وخلال الحفل، كرّمت الأديب الكبير رشيد بوجدرة، كما نوّهت بعمق العلاقات التي تجمع الجزائر والجمهورية الإسلامية الموريتانية، ضيفة شرف هذه الدورة، التي تُنظم بشعار "الكتاب..ملتقى الثقافات".

 أبرزت الوزيرة في كلمتها أنّ الجزائر، برعاية رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، جعلت من الثقافة محورا أساسيا في بناء الدولة الوطنية الحديثة، معتبرة أنّ الكتاب يمثّل أحد أهم ركائز المشروع الحضاري الوطني، ليس بصفته حاملا للمعرفة فحسب، بل بصفته أيضا رمزا للمقاومة ضدّ الجهل والتعصّب والتهميش، وضمانة لاستمرار الوعي الإنساني.

قالت بن دودة إنّ الدولة أدركت منذ فجر الاستقلال أن دعم الكتاب والنشر والترجمة وتوسيع فضاءات القراءة جزء لا يتجزأ من سياستها الثقافية الثابتة، لأنّ المعرفة ليست ترفا، بل شرط من شروط السيادة، وحماية الإبداع تعني حماية الهوية الوطنية وذاكرة الأمة. وفي حديثها عن التحوّلات التكنولوجية الراهنة، شدّدت على أنّ الجزائر تعمل على دمج التحوّل الرقمي في سياسات النشر والمطالعة، وتشجّع على استخدام المنصات الإلكترونية والكتب السمعية، مع الحرص على حماية حقوق المؤلفين وصون كرامة الإبداع، باعتبار ذلك أساسا لبناء اقتصاد ثقافي مستدام ينفتح على المستقبل دون أن يفرّط في الذاكرة والتاريخ.

وأكّدت بن دودة أنّ الكتاب، سواء في شكله الورقي أو الرقمي، سيظلّ جوهر الثقافة الإنسانية ووسيلة لتقاطع الأفكار وتلاقي الحضارات، مشيرة إلى أنّ المجتمعات التي تكتب وتقرأ هي المجتمعات التي تفكّر وتبني وتقف في وجه الانقسام والتخلف. وزادت أنّ هذه الطبعة، التي تعرف مشاركة أكثر من ألف دار نشر من تسعٍ وأربعين دولة، تمثّل جسرا للتواصل بين الشعوب، ودليلًا على أنّ الثقافة تبقى أقوى أدوات الدبلوماسية الناعمة في عالم تزداد فيه الحاجة إلى الحوار والتفاهم.

في سياق متّصل، عبّرت الوزيرة عن اعتزاز الجزائر باستضافة الجمهورية الإسلامية الموريتانية كضيفة شرف، مؤكّدة أنّ العلاقات بين البلدين تمتدّ في عمق التاريخ والجغرافيا والروح، حيث يجمعهما الانتماء العربي والإفريقي المشترك، وتوحّدهما اللغة والثقافة والمصير. واعتبرت أنّ صالون الجزائر الدولي للكتاب ليس مجرد تظاهرة تجارية لعرض الكتب، بل هو عيد للثقافة واحتفاء بالإنسان في أرقى تجلياته، ومناسبة لتجديد العهد بأنّ الثقافة تظلّ سلاح الأمة الناعم ووسيلتها للدفاع عن الحرية والعقل والجمال. كما أكّدت أنّ الجزائر ستظلّ وفية لدورها الريادي في بناء الوعي وحماية الفكر والإبداع، مشيرة إلى أنّ الثقافة في منظور الدولة ليست ترفا فكريا، بل خيار دولة ورهان تنموي واستراتيجية وطنية لتعزيز الحضور الإقليمي والدولي. وختمت بالتأكيد على أنّ "الجزائر التي تكتب المستقبل بقلمها وتحمي وعيها بكتّابها، ستبني قوتها بثقافتها".

برنامج ثقافي ثري ومتنوّع

من جهته، أكّد محافظ الصالون محمد إقرب، أنّ هذه الطبعة تشكّل محطة ثقافية متميّزة تسعى إلى تعزيز روح الإبداع وتوثيق الصلة بين الشباب ووطنهم، موضحًّا أنّ البرنامج الثقافي يتضمّن 520 نشاط بين ندوات ومنصات وقراءات شعرية وجلسات توقيع كتب.

وأشار إقرب إلى استضافة 250 ضيف من بينهم أسماء عربية بارزة مثل مارسيل خليفة، أحمد علي زين، وسامي كليب، وغيرهم من المفكّرين والمبدعين، مؤكّدا أنّ روح البرنامج الثقافي تتمثّل في الإبداع والتفاعل الفكري، وفي جعل الكتاب فضاء للعيش المشترك ونبذ التفرقة.

أوضح المحافظ أنّ من تقاليد الصالون الاحتفاء بثقافة بلدنا لهذا سيُنظّم ملتقى حول "الجزائر في الحضارة"، إضافة إلى ندوات تستحضر محطات تاريخية هامة مثل هجوم الشمال القسنطيني ومظاهرات 8 ماي 1945. كما يتضمّن البرنامج فعاليات تناقش قضايا الهوية، وعراقة إفريقيا، والقضية الفلسطينية، ونضال الشعب الصحراوي، وأدب المهجر، والأمن الثقافي، والذكاء الاصطناعي، والتجارب الإبداعية للشباب وغيرها. وسيتم خلال الصالون أيضا منح جائزة "كتابي الأوّل"، المخصّصة للشباب دون سن الخامسة والثلاثين الذين نشروا أول أعمالهم هذا العام، إضافة إلى تكريم عدد من الأدباء الأحياء ومن رحلوا، تقديرا لإسهاماتهم في إثراء الساحة الأدبية الوطنية.

إشادة موريتانية بالعلاقات البينية

أما سفير الجمهورية الإسلامية الموريتانية في الجزائر، السيد سيدي محمد عبد الله، فقد أكّد في كلمته نيابة عن الوزير الحسين ولد مدو،  عمق العلاقات التي تربط البلدين، مشيرا إلى أنّ الثقافة كانت دائما جسرا متينا بين الشعبين الشقيقين وأوضح أنّ موريتانيا تولي أهمية كبرى للثقافة باعتبارها حافظة لذاكرة الأمم، مشيرا إلى أنّ بلاده تعمل، وفق توجيهات رئيس الجمهورية، على تطوير الصناعة الثقافية وتشجيع المبادرات الشبابية باعتبارها رافعة للتنمية المستدامة.

وثمّن ولد مدو اختيار موريتانيا ضيف شرف لهذه الطبعة، مؤكّدا أنّ المشاركة في صالون الجزائر الدولي للكتاب تمثّل فرصة لتجديد التعاون الثقافي بين البلدين اللذين يجمعهما التاريخ والمصير المشترك، مبرزا أنّ الجزائر تعدّ منارة ثقافية في المنطقة، وتعزيز التبادل الثقافي بين البلدين سيعمّق أواصر الأخوة بين الشعبين. للإشارة، نوّه الأديب رشيد بوجدرة بتكريمه خلال فعالية صالون الجزائر الدولي للكتاب بمناسبة ستينية مسيرته الأدبية، مشيرا إلى أنّ لهذا التكريم طعم خاص، وقد أشرف على عمر 86 سنة.