ربيعة جلطي ضيفة "أربعاء الكلمة"
حديث عن "الذروة" وأخواتها
- 1005
مريم. ن
استضاف موعد «أربعاء الكلمة» بمكتبة «ديدوش مراد»، الكاتبة ربيعة جلطي التي قدّمت قراءة في روايتها «الذروة»، مع عرض عام لبعض رواياتها الأخرى، كما استغلت السيدة جلطي حضورها لتتحدّث عن هموم الكتابة وعن دور الإبداع في صناعة الوعي الجماعي، بالتالي التأسيس لغد أفضل يتحقّق فيه التناغم الاجتماعي وتنطفئ فيه نيران الصراعات.
بداية، عبّرت الضيفة عن سعادتها لصدور «الذروة» مؤخّرا، في طبعة جزائرية عن «دار الحكمة»، بعد طبعتها البيروتية عن «دار الآداب»، وتتحدّث هذه الرواية الصادرة سنة 2010، عن الراهن بأسلوب السخرية السوداء، مشيرة إلى أنّ الكثير من النقّاد اعتبروها تنبؤا بأحداث الربيع العربي، وتحمل هذه الرواية في نفس الوقت متعة وجمالا فنيا، يأخذان القارئ إلى فضاءات جديدة من خلال عوالم خمس نساء لهن أحلامهن وسقطاتهن، مع الوقوف على حال الواقع العربي المكبّل بالفساد، إنّها رواية حب وبوح.
تحيل «الذروة» بمرارة كبيرة على الواقع العربي، رواية تخبر عن الطمأنينة المفقودة في الداخل والنفس وعن المناطق المتوحّشة في الروح، حيث الشرّ المطلق يرفض الأخوة وحقّقت «الذروة» الانتشار في المشرق العربي، لذلك تبناها السوريون كي تجسّد في مسلسل تلفزيوني وتمّ اختيار المواقع بدمشق، لكن الأحداث في هذا البلد حالت دون ذلك، والرواية الآن - تؤكّد الكاتبة - في يد مخرج جزائري مغترب لم يعلن عن اسمه.
ورغم أنّ اللقاء كان مخصّصا لـ»الذروة»، إلا أن الكاتبة فضّلت أن تخوض في جميع أعمالها الأخيرة لتفصل في تجربتها الإبداعية مع عالم الرواية وسحرها المكنون، مثل رواية «نادي الصنوبر» التي أشارت الكاتبة إلى أنّها كانت أوّل رواية جزائرية تتحدّث عن التوارق في الجنوب الكبير والتي تحمل -حسبها- الكثير من الحسّ النقدي السياسي والاقتصادي بأسلوب السخرية السوداء أيضا، وهنا تفصل «تحدّثت عن الجنوب الغني تحت الأرض والفقير فوقها وعن غيرها من المفارقات، وكانت بمثابة التنبؤ عن أحداث الجنوب، لذلك طالبني النقاد بالكف عن ذلك كي لا أتنبأ بمآسي أخرى قد تحدث».
في رواية «العشق المعشق»، يظهر راهن التناحر الديني والقتل الذي أصبح تصرّفا روتينيا عاديا يحدث لأتفه الأسباب، وكيف أنّ كلّ واحد يريد أن يمتلك وحده الله وفي هذا الضجيج تظهر زليخة بطلة الرواية التي لم توهب الجمال، بل كلّ ما تملكه بشاعتها القاسية، بالتالي فإنّها كانت أوّل بطلة بشعة في الرواية العربية، ورغم كلّ ذلك يحبّها أحد أحفاد الأمير عبد القادر، ليتحوّل داخلها إلى جمال وعرش يشبه ذلك الذي بناه الأمير الجامع بين الأديان والأطياف، وهنا تقول؛ «طبعا هناك منحى سياسي في الرواية وتساؤل كبير يقول؛ لماذا نحن هكذا؟ وهذا التساؤل يجيب عنه التاريخ والأدب والسياسة معا».
من جهة أخرى، أكّدت ربيعة جلطي أنّه لا يوجد امتداد بين رواياتها كي نسميها «ثلاثية»، إذ أنّ لكلّ رواية حياتها المتشعّبة والدخول إلى الرواية لا يلغي الواقع، فالحب والعشق مثلا ـ كما توضّح- لا يوجد في الرواية بدون إبر في الداخل ممثلة في الفقر واللاعدل والتاريخ المقلوب وغيرها، علما أنّ الرواية لا تجيب عن أسئلة الواقع بل تطرح أسئلة أخرى عنه، ولكلّ فترة تاريخية أسئلتها، بالتالي فإنّ «ذروة» الصادرة عام 2010 ليست «النبية» وليست «العشق المعشق»، بالتالي فلكلّ رواية واقعيتها ومحيطها، لتضيف؛ «لكلّ رواية واقعيتها ومحيطها، فالحب في الجزائر ليس نفسه في السويد، وعموما القارئ في العالم يبحث عما يهم الإنسان بخلفية اجتماعية وسياسية وتاريخية، مع كسر بعض الحدود التي لا معنى لها، ويبقى أن أضيف أنّ الرواية لا يمكنها أن تكون مؤدبة في زمن ومجتمع غير مؤدب».
قالت الكاتبة بأنّ شخصيات وأبطال رواياتها من وحي واقع حياتها في الجزائر وخارجها، لكنها تحرص في ذلك على ألا تكون هي البطلة، بل ما تحرص عليه هو أن تجعل من هذه الشخصيات الحقيقية أطيافا مصنوعة بطريقة أخرى، لتؤكّد أنّ الكاتب لا يستطيع أن يخرج عن ذاته لأنّه نتاج كلّ ما عاشه وتعلّمه.
وعن تأثير الشعر في تجربتها الروائية، قالت؛ «تعلّمت من الشعر دقة الكلمة، فهو لا يسمح بتلفّظ فكرة في جملة أو في صفحة، بل في كلمة، بالتالي التزمت في رواياتي بفلسفة وقانون الشعر وقسوت على نفسي حين أختار الكلمة. متفادية كل تكرار منفر لقرائي ولي، ورواياتي قد لا تتجاوز الـ120 صفحة التي أختصر بها 1200 صفحة».
وعن اتّهامها بتوظيف الإباحية في رواياتها، ردت «المقصود من وراء اتّهامي هو ضرب رواياتي وكلّ من يتهمني لم يقرأ أعمالي، فأنا أبتعد قدر المستطاع عن أية إباحية وإذا كان هناك ضرورة لحضور الجنس، فهو من خلال لقطات تخدم السياق العام للرواية»، وأكّدت الكاتبة ربيعة جلطي في هذا اللقاء أنّها لم تتخل عن الشعر، فهو حاضر في الوقت الذي يشاؤه، مثله مثل الرواية تماما معلقة بالعبارة الشعرية «كل هوى بهواه» لكن في كلاهما تلتزم المسؤولية والترتيب الصحيح.
الحديث عن الشعر قاد الضيفة إلى الحديث عن كتابها «النبية» الذي يحوي نصوصا شعرية ونثرية وبعض المسحات المسرحية، وهو حديث عما يحدث للإنسان الرجل والمرأة الذي يفتعل الصراع بينهما ليشطب أحدهما الآخر، بينما العدو المشترك بينهما هو التخلّف.
وأبدت الكاتبة تعلقها الشديد بالرواية المكتوبة بالإسبانية (تجيد الإسبانية) والتي تحمل إبداعا لا نظير له، يجعل من عقل القارئ ووجدانه يتفتقان بملكات الإدراك والوعي بالجمال، مؤكّدة أنّ الرواية الأمريكو-لاتينية اليوم هي الأكثر رواجا في العالم.
واختتمت الضيفة لقاءها بالتأكيد على أنّها لا تشبه ولا تريد أن تشبه أحدا من أبناء جيلها أو الجيل السابق من الروائيين، فهي تكتب من منطلقاتها وقناعاتها وخصوصياتها بعيدا عن أيّ تقليد.
بداية، عبّرت الضيفة عن سعادتها لصدور «الذروة» مؤخّرا، في طبعة جزائرية عن «دار الحكمة»، بعد طبعتها البيروتية عن «دار الآداب»، وتتحدّث هذه الرواية الصادرة سنة 2010، عن الراهن بأسلوب السخرية السوداء، مشيرة إلى أنّ الكثير من النقّاد اعتبروها تنبؤا بأحداث الربيع العربي، وتحمل هذه الرواية في نفس الوقت متعة وجمالا فنيا، يأخذان القارئ إلى فضاءات جديدة من خلال عوالم خمس نساء لهن أحلامهن وسقطاتهن، مع الوقوف على حال الواقع العربي المكبّل بالفساد، إنّها رواية حب وبوح.
تحيل «الذروة» بمرارة كبيرة على الواقع العربي، رواية تخبر عن الطمأنينة المفقودة في الداخل والنفس وعن المناطق المتوحّشة في الروح، حيث الشرّ المطلق يرفض الأخوة وحقّقت «الذروة» الانتشار في المشرق العربي، لذلك تبناها السوريون كي تجسّد في مسلسل تلفزيوني وتمّ اختيار المواقع بدمشق، لكن الأحداث في هذا البلد حالت دون ذلك، والرواية الآن - تؤكّد الكاتبة - في يد مخرج جزائري مغترب لم يعلن عن اسمه.
ورغم أنّ اللقاء كان مخصّصا لـ»الذروة»، إلا أن الكاتبة فضّلت أن تخوض في جميع أعمالها الأخيرة لتفصل في تجربتها الإبداعية مع عالم الرواية وسحرها المكنون، مثل رواية «نادي الصنوبر» التي أشارت الكاتبة إلى أنّها كانت أوّل رواية جزائرية تتحدّث عن التوارق في الجنوب الكبير والتي تحمل -حسبها- الكثير من الحسّ النقدي السياسي والاقتصادي بأسلوب السخرية السوداء أيضا، وهنا تفصل «تحدّثت عن الجنوب الغني تحت الأرض والفقير فوقها وعن غيرها من المفارقات، وكانت بمثابة التنبؤ عن أحداث الجنوب، لذلك طالبني النقاد بالكف عن ذلك كي لا أتنبأ بمآسي أخرى قد تحدث».
في رواية «العشق المعشق»، يظهر راهن التناحر الديني والقتل الذي أصبح تصرّفا روتينيا عاديا يحدث لأتفه الأسباب، وكيف أنّ كلّ واحد يريد أن يمتلك وحده الله وفي هذا الضجيج تظهر زليخة بطلة الرواية التي لم توهب الجمال، بل كلّ ما تملكه بشاعتها القاسية، بالتالي فإنّها كانت أوّل بطلة بشعة في الرواية العربية، ورغم كلّ ذلك يحبّها أحد أحفاد الأمير عبد القادر، ليتحوّل داخلها إلى جمال وعرش يشبه ذلك الذي بناه الأمير الجامع بين الأديان والأطياف، وهنا تقول؛ «طبعا هناك منحى سياسي في الرواية وتساؤل كبير يقول؛ لماذا نحن هكذا؟ وهذا التساؤل يجيب عنه التاريخ والأدب والسياسة معا».
من جهة أخرى، أكّدت ربيعة جلطي أنّه لا يوجد امتداد بين رواياتها كي نسميها «ثلاثية»، إذ أنّ لكلّ رواية حياتها المتشعّبة والدخول إلى الرواية لا يلغي الواقع، فالحب والعشق مثلا ـ كما توضّح- لا يوجد في الرواية بدون إبر في الداخل ممثلة في الفقر واللاعدل والتاريخ المقلوب وغيرها، علما أنّ الرواية لا تجيب عن أسئلة الواقع بل تطرح أسئلة أخرى عنه، ولكلّ فترة تاريخية أسئلتها، بالتالي فإنّ «ذروة» الصادرة عام 2010 ليست «النبية» وليست «العشق المعشق»، بالتالي فلكلّ رواية واقعيتها ومحيطها، لتضيف؛ «لكلّ رواية واقعيتها ومحيطها، فالحب في الجزائر ليس نفسه في السويد، وعموما القارئ في العالم يبحث عما يهم الإنسان بخلفية اجتماعية وسياسية وتاريخية، مع كسر بعض الحدود التي لا معنى لها، ويبقى أن أضيف أنّ الرواية لا يمكنها أن تكون مؤدبة في زمن ومجتمع غير مؤدب».
قالت الكاتبة بأنّ شخصيات وأبطال رواياتها من وحي واقع حياتها في الجزائر وخارجها، لكنها تحرص في ذلك على ألا تكون هي البطلة، بل ما تحرص عليه هو أن تجعل من هذه الشخصيات الحقيقية أطيافا مصنوعة بطريقة أخرى، لتؤكّد أنّ الكاتب لا يستطيع أن يخرج عن ذاته لأنّه نتاج كلّ ما عاشه وتعلّمه.
وعن تأثير الشعر في تجربتها الروائية، قالت؛ «تعلّمت من الشعر دقة الكلمة، فهو لا يسمح بتلفّظ فكرة في جملة أو في صفحة، بل في كلمة، بالتالي التزمت في رواياتي بفلسفة وقانون الشعر وقسوت على نفسي حين أختار الكلمة. متفادية كل تكرار منفر لقرائي ولي، ورواياتي قد لا تتجاوز الـ120 صفحة التي أختصر بها 1200 صفحة».
وعن اتّهامها بتوظيف الإباحية في رواياتها، ردت «المقصود من وراء اتّهامي هو ضرب رواياتي وكلّ من يتهمني لم يقرأ أعمالي، فأنا أبتعد قدر المستطاع عن أية إباحية وإذا كان هناك ضرورة لحضور الجنس، فهو من خلال لقطات تخدم السياق العام للرواية»، وأكّدت الكاتبة ربيعة جلطي في هذا اللقاء أنّها لم تتخل عن الشعر، فهو حاضر في الوقت الذي يشاؤه، مثله مثل الرواية تماما معلقة بالعبارة الشعرية «كل هوى بهواه» لكن في كلاهما تلتزم المسؤولية والترتيب الصحيح.
الحديث عن الشعر قاد الضيفة إلى الحديث عن كتابها «النبية» الذي يحوي نصوصا شعرية ونثرية وبعض المسحات المسرحية، وهو حديث عما يحدث للإنسان الرجل والمرأة الذي يفتعل الصراع بينهما ليشطب أحدهما الآخر، بينما العدو المشترك بينهما هو التخلّف.
وأبدت الكاتبة تعلقها الشديد بالرواية المكتوبة بالإسبانية (تجيد الإسبانية) والتي تحمل إبداعا لا نظير له، يجعل من عقل القارئ ووجدانه يتفتقان بملكات الإدراك والوعي بالجمال، مؤكّدة أنّ الرواية الأمريكو-لاتينية اليوم هي الأكثر رواجا في العالم.
واختتمت الضيفة لقاءها بالتأكيد على أنّها لا تشبه ولا تريد أن تشبه أحدا من أبناء جيلها أو الجيل السابق من الروائيين، فهي تكتب من منطلقاتها وقناعاتها وخصوصياتها بعيدا عن أيّ تقليد.