عزيز موات في "منتدى الكتاب" بسكيكدة

"حصى سيدي أحمد".. عندما تتحوّل الحصى إلى أسطورة

"حصى سيدي أحمد".. عندما تتحوّل الحصى إلى أسطورة
الكاتب والباحث والصحفي عزيز موات
  • 480
بوجمعة ذيب بوجمعة ذيب

استضافت المكتبة الرئيسة للمطالعة العمومية لسكيكدة، مؤخرا، الكاتب والباحث والصحفي عزيز موات، ضمن فعاليات العدد السادس عشر من منتدى الكتاب، الذي قدّم من خلالها قراءة حول كتابه الجديد الموسوم بـ "حصى سيدي أحمد".

تطرّق الأستاذ موات خلال المنتدى، لحقائق تاريخية دقيقة حول هجمات 20 أوت 1955 بالشمال القسنطيني كما عاشها بمنطقة مقام سيدي أحمد بمرتفعات مدينة سكيكدة، التي احتضنت مسبلين ومواطنين قدموا من كل النواحي للمشاركة في الهجمات التاريخية بأمر من الشهيد زيغود يوسف، الذي عرف كيف يحشد المواطنين قبل الهجمات، بعد أن أشرف عليها انطلاقا من مقام سيدي أحمد على الساعة منتصف النهار، وتصادف مع يوم محرم، اختاره الشهيد زيغود يوسف لدلالاته الدينية الكبيرة لدى الجزائريين.

وعن تسمية كتابه بـ«حصى سيدي أحمد" قال الكاتب إن زيغود وبعد اعتلائه مقام سيدي أحمد إيذانا بالجهاد المقدّس ضد الاستعمار، طلب منهم الوضوء بمياه المنبع بجانب المقام قبل الانطلاق في الهجمات التاريخية. أما الذين لم يتمكنوا من الماء لكثرة عددهم وكذا خوفا من أن يُكتشف أمرهم، فطلب منهم التيمم بالحصى، ومنه استوحى الكاتب عنوان كتابه، مبيّنا كيف تحوّلت حصى التيمم إلى أسطورة خالدة، تجسّد استجابة المجاهدين لنداء الجهاد لا غير ضد الفرنسيين، وضد الظلم والاستبداد، ومن أجل التحرر لا غير، بخلاف الروايات الأخرى التي ربطت أحداث الشمال القسنطيني، كما قال، بنفي السلطان محمد الخامس؛ حيث هبّ المئات للمشاركة في هجمات 20 أوت 1955، وكلّهم متسلحون بالإيمان والشجاعة والرغبة في الاستشهاد من أجل الجزائر رغم أنّهم لم يكونوا يحملون معهم إلى جانب الإيمان والشجاعة، سوى الفؤوس والمعاول، وبعض قطع السلاح البدائية.

ومن الصور التي ظلت راسخة في ذهنه، كما أشار إلى ذلك الباحث عزيز موات رغم أن سنّه آنذاك كانت لا تتجاوز الخمس سنوات، صور النساء وهن يحضرن الكسكس المرتبط، عادة، بإحياء المناسبات الدينية بالمنطقة، وكذا رفع صوت الأذان لأول مرة، للإعلان عن الجهاد في سبيل الله، إلى جانب خروج المناضلين من الغابة وهم يردّدون "لا إله إلا الله، الجهاد في سبيل الله"، مرفقة بصوت زغاريد النساء. وقد تركت تلك الصور والمشاهد آثارا في نفسية الكاتب، وصورة ظلّت عالقة إلى اليوم، ليكشف بعدها عن مشروع لتخليد رمزية مقام سيدي أحمد، وتصنيفه وتحويله إلى مشروع فني، يبرز البعد التاريخي للمكان الذي جمع أبطالا من الثورة، كما يبرز الجانب الإبداعي والتراثي للمنطقة.

واقترح المخرج خالد بلحاج الذي رافق الكاتب في هذه الجلسة التاريخية، رفع العلم في مقام سيدي أحمد بعد ترميمه، وتنظيف محيطه، وتهيئة الطريق المؤدي إليه؛ لأنه يمثل رمزا للذاكرة الوطنية، فيما أكد الأستاذ هارون أن الإجراءات الإدارية جارية لتصنيف المكان كمكان للذاكرة، وتحديد انتمائه، والذي سيحتضن احتفالا رمزيا في 20 أوت القادم.

كما تَقرّر إطلاق مشروع لتخليد رمزية مقام سيدي أحمد التاريخي، تحت شعار "من سيدي أحمد إلى مانهاتن"، وذلك بإقامة مجموعة من النشاطات الفنية والثقافية والرياضية؛ منها سباق ريفي، ومعارض فنية تشكيلية، تشمل 39 نقطة كانت نقطة اصطدام في 20 أوت؛ منها عين عبيد، وواد زناتي والحروش؛ حيث سيتم إحياء كل مرة، نشاط في نقطة من النقاط. 

واختُتمت هذه التظاهرة التاريخية التي أزالت اللثام عن العديد من الحقائق التي جاءت في كتاب "حصى سيدي أحمد" التي تضمّنت قصصا إنسانية تاريخية من عمق الثورة عايش بعضها الكاتب ونقل أخرى على لسان أقاربه فاضحا وحشية المستدمر الذي قتل العديد من أفراد عائلته ولم يبق منهم سوى الأطفال والنساء، ببيع بالتوقيع لآخر إصدارات الكاتب والمؤرخ موات عزيز.