في ورشة تكوينية لفائدة القضاة، مولوجي تؤكد:
حماية التراث الثقافي رهان كبير من رهانات الدولة
- 435
أكدت وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي، أن مسؤولية حماية التراث الثقافي "واجب وطني بامتياز، ورهان كبير من رهانات الدولة، مشيرة إلى أن توجيهات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، جاءت قاضية بتعزيز حماية تراثنا الثقافي والعمل على استرجاع الممتلكات الثقافية وحفظها وتثمينها، باعتباره عنوان هويتنا وأصالتنا ورمز ذاكرتنا وحضارتنا على حد سواء.
أضافت مولوجي، أمس، لدى افتتاحها أشغال الورشة التكوينية الأولى حول حماية التراث الثقافي الوطني، بالتنسيق مع قطاع العدالة، أن قطاع الثقافة والفنون يولي أهمية بالغة للتكوين النوعي في مجال حماية التراث الثقافي ومكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، مشيرة إلى برمجة عدة دورات متخصصة، وتكوين تقني مكثف لصالح إطارات الشركاء الأمنيين، العاملين في الميدان، من فرق مكافحة المساس بالتراث الثقافي، خلال السنوات القليلة الماضية، كانت آخرها لفائدة إطارات المديرية العامة للأمن الوطني.
استرجاع 1262 ممتلك ثقافي خلال الثلاثي الأول
وبلغة الأرقام، أشارت الوزيرة، إلى أنه خلال الأربع سنوات الأخيرة، تُوبع 123 ملف، من بينها تسجيل 96 قضية أمام العدالة، مع استرجاع 31507 ممتلك ثقافي منقول، سُجلت منها 8 قضايا على مستوى التراب الوطني، تم على إثرها استرجاع 1262 ممتلك ثقافي، خلال الثلاثي الأول من سنة 2024، بفضل العمل المشترك مع كل الشركاء الأمنيين، وزادت مولوجي، أن تراثنا الثقافي ليس مجموعة من الآثار والتحف فحسب، وإنما هو جزء لا يتجزأ من هويتنا وتاريخنا، قائلة "لاشك في أن هذه الورشة ستكون منبرًا هاما لتبادل الخبرات والمعرفة، وسانحة أيضا لتبادل التجارب، لمجابهة مختلف التحديات التي نواجهها في سبيل حماية التراث الثقافي، وبحث سبل التصدي لكل محاولات المساس به، إضافة إلى تشجيع التعاون بين السلطات القضائية المختصة، والمؤسسات الثقافية، وكذا المجتمع المدني في جهود حماية التراث".
الورشة التكوينية الأولى حول حماية التراث الثقافي الوطني، بالتنسيق مع قطاع العدالة، الذي يشاركنا في هذه المهمة الوطنية، المتمثلة في صون وحماية تراثنا الوطني، ويأتي تنظيم هذه الورشة قصد تعزيز الوعي والمعرفة بأهمية حماية التراث الثقافي، وتأكيد الدور الفعال للقضاة في هذا المجال الحيوي، حيث ستُستعرض خلالها القوانين والتشريعات ذات الصلة، والتحديات القانونية والمعرفية التي تواجه القضاة في هذا المجال.
6 محاور لاستراتيجية الحماية والتثمين
هذه الورشة التكوينية التي تدوم أربعة أيام، شهدت جلستها العلمية الأولى، عددا من المداخلات، أبرزها المعنونة بـ«استراتيجية وزارة الثقافة والفنون لحماية التراث الثقافي"، التي قدمها مدير الحماية القانونية للممتلكات الثقافية وتثمين التراث الثقافي بالوزارة، حيث استعرض أهم مفاصل المنظومة القانونية المرافقة لحماية التراث وتثمينه، وقال إن الاستراتيجية المتبعة تنطلق من الدستور الذي يعد أول نص قانوني في الدولة، مشيرا إلى المادة 76 من دستور 2020، التي تنص على أن "الدولة تحمي التراث الثقافي الوطني المادي وغير المادي، وتعمل على الحفاظ عليه".
وفصل نوارة المحاور الستة، التي ترتكز عليها استراتيجية وزارة الثقافة والفنون لحماية التراث الثقافي وتثمينه، وهي سن القوانين والتشريعات، الاتفاقيات الدولية ومصادقة الجزائر عليها، الهياكل المؤسساتية المختصة بالحماية والتثمين، ناهيك عن التدريب المستمر، جرد التراث الثقافي الوطني وكذا الرقمنة واستخدام قواعد المعطيات.
قانون 98-04 من أجود القوانين إقليميا
في المحور الأول، أشار مدير الحماية القانونية، إلى أن الجزائر عملت على تدعيم الترسانة القانونية وتحديثها، يعود أول قانون عنى بالتراث إلى 1967، وهو قانون الحفريات، تلاه في 1968 مرسوم تنفيذي لإعادة تصنيف المواقع الأثرية، وفي سبعينيات القرن الماضي، انطلقت الجزائر في هيكلة مؤسساتها، وتم جزأرة المتاحف الوطنية بصدور القانون النموذجي، وصولا إلى قانون 98-04، الذي يهدف إلى حماية التراث الثقافي الوطني من كل سبل المساس به، واعتبره المتدخل العمود الفقري لحماية التراث وتثمينه، رغم وجود ثغرات به، لكنه يعد من أجود القوانين إقليميا.
كما توقف نوارة عند بعض القوانين غير القطاعية، التي تتناول مسألة حماية التراث، على غرار القانون 90-30 المتعلق بالأملاك الوطنية، لاسيما في مادته 16، التي تعتبر الممتلكات الثقافية من الأملاك العمومية، وتشمل الأثار العمومية والمتاحف والأماكن والحظائر الأثرية والأعمال الفنية المكونة للمجموعات المتحفية والكنوز المكتشفة صدفة، إلى جانب القانون 79-07 المتعلق بقانون الجمارك، القانون 76-80 المتعلق بقانون البحرية، القانون 05-06 المتعلق بمحاربة التهريب، والقانون 01-20 المتعلق بالمخطط الوطني لتهيئة الإقليم.
أما فيما يتعلق بإمضاء الجزائر على الاتفاقيات الدولية، فذكر المتدخل اتفاقيات جنيف لعام 1949 (البروتوكول الأول المصادق عليها في عام 1989)، اتفاقية "اليونسكو" لعام 1970 بشأن الوسائل التي تستخدم خطر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة، تم المصادقة عليها في عام 1973، اتفاقية "اليونسكو" لعام 1972 بشأن حماية التراث الثقافي والطبيعي العالمي، المصادق عليها في عام 1974. اتفاقية اليونيدروا لعام 1995، والمتعلقة باسترجاع الممتلكات الثقافية المسروقة أو المصدرة بطرق غير مشروعة، المصادق عليها في عام 2015، علاوة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة لعام 2000، المصادق عليها في عام 2002، اتفاقية "اليونيسكو" لحماية التراث الثقافي المغمور بالمياه لعام 2001، المصادق عليها في عام 2015. وكذا اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003، تم المصادق عليها في عام 2004.
تنسيق وعمل مشترك
"بناء الهياكل المؤسساتية" هو من بين المحاور التي استعرضها نوارة، حيث أوضح أن الجزائر وضعت خريطة مؤسساتية، تهدف إلى حماية وإبراز موروثها الثقافي، فمنذ عام 2005، استحدثت مديرية مركزية وزارة الثقافة والفنون، كلفت بمتابعة مختلف الملفات المتعلقة بالمساس بالتراث الثقافي، من بينها ملفات منع الاتجار غير الشرعي ومكافحته، فمديرية الحماية القانونية للممتلكات الثقافية وتثمين التراث الثقافي، تتفرع منها نيابة تأمين الممتلكات الثقافية، تتولى التنسيق بين وحدات الأمن الوطني والدرك الوطني والجمارك الوطنية، التي بدورها أنشأت خلايا وفرقا متخصصة في حماية التراث الثقافي ومكافحة المساس بالممتلكات الثقافية، وتتداخل مهام كل المؤسسات تحت وصاية مختلف القطاعات في حماية، جرد، حفظ، ترميم، تصنيف، تثمين ومتابعة حركة الممتلكات الثقافية.
للإشارة، عرف اليوم الأول من الورشة المخصص لثلاث جلسات علمية، تقديم عدد من المداخلات، كمداخلة عميد أول للشرطة، مولاي عاشور، عن "دور مصالح المديرية العامة للأمن الوطني في مجال حماية التراث الثقافي ومكافحة الاتجار غير المشروع في الممتلكات الثقافية"، فضلا عن "إشكالات معالجة قضايا المساس بالتراث الثقافي" لقاضي التحقيق بمحكمة حجوط، مصطفى كراش، "التراث الثقافي الجزائري في منظور الهيئات والمنظمات الدولية" للخبير الدولي توفيق حموم، "الممتلكات الثقافية الأكثر تعرضا للسرقة والاتجار غير المشروع" للبروفيسور سليم دريسي و"نماذج من الخبرة العلمية المنجزة على محجوزات بولايات الشرق الجزائري" للدكتورة شادية خلف الله.