الفيلم الوثائقي "ثورة الحراشي" لفرح علامة

دحمان الحراشي ليس فقط "يا الرايح"

دحمان الحراشي ليس فقط "يا الرايح"
  • القراءات: 2335
دليلة مالك دليلة مالك
يقدّم الفيلم الوثائقي "ثورة الحراشي"، للمخرجة اللبنانية فرح سلامة، بكثير من الحماس ونبض القلب المتسارع، مجموعة من الشهادات حول الحياة الشخصية والفنية للمطرب الراحل والظاهرة الفنية الفريدة "دحمان الحراشي"، نهلها فريق العمل من أهل وأصدقاء المرحوم وكذا المتتبعين لتاريخ هذا الطابع، وكشف من خلالها أنّ دحمان الحراشي يعدّ بحق رائد التغيير في أغنية الشعبي وأنّ رصيده الغنائي لا يقتصر فقط على أغنية "يا الرايح".
يفتح الفيلم الوثائقي "ثورة الحراشي"، الذي عرض مساء الأربعاء المنصرم بقاعة "الموقار" بالجزائر العاصمة، الذي أعدّه الصحفي الجزائري مراد أوعباس وأخرجته اللبنانية فرح علامة، صفحات لا يعرفها عشّاق الراحل دحمان الحراشي تخصّ حياته الفنية والشخصية، تحدّث عنها مقربوه تتقدّمهم السيدة عائشة عمراني أرملة الفقيد وكذا ابنه كمال الحراشي الذي يواصل مسيرة أبيه الفنية، بالإضافة إلى الاعتماد على المرجعية التاريخية عبر شهادة الفنان القدير كمال حمادي والفنان محمد رشيدي المعروف بشيخ الناموس والفنان رشيد مصباحي.
وتحدّث مقرّبوه عبد القادر لبجاوي الذي جمعته بالراحل علاقة صداقة وطيدة، وكذا سعيد الباجي ابن الفنان الكبير محمد الباجي عن ميزات دحمان الحراشي الفنية وكذا الشخصية، كما استند العمل إلى شهادة خالد حاج إبراهيم أحد أعضاء فرقة "1-2-3 سولاي" إلى جانب فضيل ورشيد طه، فالأخير كان السبب في إعادة أغنية "يا الرايح" عبر هذه الفرقة التي حقّقت شهرة عالمية منقطعة النظير، لكن الفيلم أدرج شهادة خالد فقط.
واعتمد العمل كذلك على المقاربات التي وضعها الباحث في أغنية الشعبي والصحفي مهدي براشد، إذ أكّد أن دحمان الحراشي أسّس لشكل جديد في أغنية الشعبي ولكن لم يكن له تابعون أو تلاميذ شقوا نفس دربه رغم النجاح الذي عرفه والنجومية التي لحقته.
أمّا المخرج سليم بلقاضي فقد عاد إلى فيلمه الغنائي "صحّ دحمان"، الذي يروي قصة الحراشي منذ بدايته الفنية بفرنسا ثم عودته إلى الجزائر، وروى أجواء العمل التي كانت وقتئذ وشهد على الراحل أنه كان حريصا على تقديم أفضل أداء رغم أنه كان مترددا في البداية في دخول مجال التلفزيون.
وينتهي الفيلم، بعد 52 دقيقة، بتأثّر الجميع بخبر وفاة الحراشي الذي كان مفاجئا ونزل كالصاعقة، حيث راح ضحية حادث سير مروع في صيف 1980، ويعزي البعض نفسه بسماع أغانيه أمّا أرملته السيدة عائشة عمراني تنتشي بصوت ابنها كمال وهو يملأ أرجاء البيت من شدّة تشابه صوتيهما، أما نجله كمال فعبّر عن اعتزازه وفخره الكبير لأنّ والده نجم كبير في سماء أغنية الشعبي.
بالمقابل، كشف مراد أوعباس معد الفيلم الوثائقي "ثورة الحراشي" للصحافة أن الفكرة جاءت من اعتقاده أن الحراشي لم يأخذ حقه من الوجود الفني والإعلامي بالرغم من الشهرة التي حققها في حياته، خاصة التي حقّقها بعد مماته.
وعن سؤال لماذا ثورة الحراشي؟، ردّ مراد أوعباس أنّ الحراشي أحدث ثورة في أغنية الشعبي كونه ظاهرة فنية فريدة لن تتكرّر، فهو كاتب كلمات وملحن ومغن ببحته الصوتية الخاصة ثم عازف على البانجو فهو فنان كامل ويمكن في ليلة واحدة أن ينتج أغنيتين ويسجّلهما في اليوم الموالي، واستطاع بملكته الفنية أن يغيّر من شكل الشعبي ويعطيها بعدا آخر، كما فعل محبوب باتي والباجي لكن لمسته كانت الأقوى.
وقال المتحدث أن الحراشي اشتهر بعد وفاته، متسائلا "لماذا إنسان بهذه المرتبة يغيب هكذا ونستحضره فقط بأغنية يا الرايح وهو يملك في رصيده العديد من الأغاني الجميلة تزيد عن 500 أغنية أنتجها بعد عودته من المهجر في عقد من الزمن (1970-1980)..لقد قام بثورة حقيقية في الشعبي وكسر القواعد الكلاسيكية المعروفة وغيّر وابتكر وأعطى نفسا جديد للأغنية الجزائرية ككلّ".
وعن سرّ أن يكون مثل هذا العمل من إنتاج غير جزائري، قال المتحدث أن الأفكار اليوم أصبحت عابرة للقارات، وتابع يقول "تمنيت لو أن منتجا جزائريا تبنى الفكرة لكن للأسف الشديد لم أجده".