موقع عين تكرية الأثري بتسمسيلت

دعوة إلى التثمين والترقية

دعوة إلى التثمين والترقية
  • 673

يعتبر موقع عين تكرية ببلدية خميستي في ولاية تيسمسيلت، من أهم وأبرز الأماكن الأثرية التي تزخر بها المنطقة، غير أنه يظل بحاجة ماسة إلى تثمين حتى يساهم في ترقية السياحة الثقافية بالجهة.

يبقى هذا الموقع الذي يبعد عن مدينة خميستي بكيلومتر واحد، ويتواجد وسط منطقة غابية قرب الطريق الوطني رقم 14، الرابط بين بلديتي خميستي وتيسمسيلت، غير مستغل من الناحيتين العلمية والسياحية، فضلا على العوامل الطبيعية التي أثرت عليه بشكل سلبي.

كما صنف هذا الموقع الأثري سنة 2010 ضمن حظيرة الممتلكات الثقافية الوطنية،  إلا أنه لم يخضع منذ ذلك الحين إلى تثمين حقيقي واستغلال من شأنه ترقية السياحة الثقافية في الولاية.

يرجع بناء هذا الموقع الأثري الذي أطلق عليه الرومان كلمناطة إلى أواخر القرن الثاني وبداية القرن الثالث ميلادي، حيث يعد من بين المعسكرات والحصون التي أنشئت من طرف الجيش الروماني، لتضييق الخناق على المقاومة بالمنطقة التي كانت تتخذ من جبال ومرتفعات الونشريس حصونا لها.

كان الموقع يحتوي بالإضافة إلى المنشآت المعمارية العسكرية، على هياكل مدنية أخرى، كالحمامات وقبور جنائزية، لكنها اندثرت في جزء مهم منها، حيث استعملت حجارتها في بناء مدينة بورباكي (خميستي حاليا) في العهد الاستعماري.

يحتوي الموقع حاليا على بقايا المعبد الذي يعد معلما جنائزيا كانت تقدم فيه القرابين للآلهة، حسب المعتقدات الدينية آنذاك، وقد بقي من ذلك المعبد عمود لازال قائما إلى يومنا هذا في مكانه الأصلي. كما يحتوي الموقع على مقبرة تضم 40 قبرا، فضلا على بقايا حجرية مختلفة لأعمدة وأفاريز وغيرها وقطع فخارية مختلفة الأشكال والأحجام والأغراض.

عثر عدد من الباحثين الأثريين على كتابات أثرية لاتينية يجهل موضع وجودها،  ومن المؤكد أنها نقلت من مكانها في عهد الاستعمار الفرنسي إلى المتاحف الفرنسية، وأطلقت دعوة من المختصين لنفض الغبار عن هذا الموقع الأثري الهام، من خلال تجسيد مخطط لتثمينه على المدى المتوسط، عن طريق إطلاق حفريات بداخله، لمعرفة أبرز المكتشفات الأثرية التي يزخر بها.

للإشارة، أنجزت دراسة عملية ميدانية للعديد من المواقع الأثرية في ولاية تيسمسيلت، من ضمنها موقع عين تكرية الذي بينت الدراسة بأن أهم معالمه الأثرية مردومة في باطن الأرض، لذلك فإنه يستدعي مخططا للتثمين والحماية.

مساعي تثمين الموقع

الأثري عين تكرية

من جهتها، تسعى المديرية الولائية للثقافة في الوقت الراهن، إلى تثمين هذا الموقع الأثري وحمايته من كل المخاطر التي قد تهدده، منها الطبيعية والبشرية.

كشف نفس المسؤول بأن مديريته وبالتعاون مع مصالح بلدية خميستي، سطرت برنامجا لتثمين هذا المكان الأثري الذي ستشرف على تجسيده قبل نهاية السنة  الجارية، حيث يشمل إطلاق أشغال تهيئة واسعة لهذا الوقع من خلال إنجاز سياج لحمايته ومسالك للزوار، فضلا على توفير ألواح توجيهية وتعريفية للهياكل  والمنشآت التي يتوفر عليها.

كما يتضمن نفس البرنامج، إطلاق عملية واسعة للحفريات على مستوى هذا الموقع، بإشراك عدد من المختصين في علم الآثار من عدة جامعات الوطن، بما  يساهم في نفض الغبار عنه واستغلاله من الناحية العلمية، فضلا على ترقية السياحة الثقافية في الجهة.

سيتم بالمناسبة، تنظيم زيارات بيداغوجية دورية إلى نفس الموقع، لفائدة تلاميذ المؤسسات التربوية والمنخرطين في المرافق الشبانية والطلبة الجامعيين، وكذا  الباحثين في علم الآثار، ستقدم خلالها شروحات حول هذا المكان الأثري.

كما ستبرمج لقاءات وأيام دراسية علمية ستسلط الضوء على هذا الموقع الأثري،   لاسيما من الناحية الأكاديمية، من تأطير أساتذة وباحثين من مختلف جامعات الوطن.

للإشارة، تهدف نفس المديرية من وراء هذا البرنامج، إلى تحويل هذا الموقع إلى أهم المزارات الأثرية السياحية بالمنطقة، كما يندرج ضمن الإستراتيجية الجديدة  المنتهجة من قبل وزارة الثقافة الرامية إلى استغلال وتثمين فعلي وناجع للمواقع  الأثرية المصنفة ضمن حظيرة الممتلكات الوطنية.

  ق.ث