في ظل تهافت القراء الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي

دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها

دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها
  • 519
لطيفة داريب لطيفة داريب

سجّلت "المساء" تهافتا على دار فتية لأجل اقتناء كتابين روّجا لهما صاحباهما في مواقع التواصل الاجتماعي، فهل حلّ الكُتّاب محلّ دار النشر لترويج كتبهم؟ وهل انتقل الترويج من تنظيم عمليات بيع بالإهداء إلى انجاز فيديوهات بصرية وأخرى صوتية على سوشل ميديا للتعريف بالإصدارات؟ كيف تواجه دور النشر الجزائرية التغير الحاصل في القارئ وفي عملية ترويج كتابه؟ هل تساير الوضع أم أنها تتعنت وتواصل سياستها المعهودة في هذا الشأن؟.."المساء" رغبة منها في إيجاد أجوبة على هذه التساؤلات، تواصلت مع دور نشر جزائرية، عريقة منها وشابة، وكذا مع كاتب شاب صنع اسمه عبر المنصات وكاتب آخر اختار التوجه في كتابة روايات في الخيال العلمي فكان هذا الموضوع.

"أناب"، "القصبة" و"الشهاب" بين الرغبة في التجديد وتأكيد نجاعة التقليد

قال المستشار بالمؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والاشهار، حسان أعراب لـ«المساء" إنّ ترويج الكتاب من أهم أهداف "أناب" لذلك تسعى الى التعريف بكُتّابها عبر تنظيم لقاءات ثقافية بمكتبة "شايب دزاير"، حيث يلتقي الكاتب بقرائه وبالإعلام، بالإضافة الى المشاركة في المعارض الوطنية وبالطبع في المعرض الدولي للكتاب بالجزائر، مع تخفيض لأسعار كتبها المعروضة حاليا بنسبة 30 بالمئة، مضيفا أنّ هذه الفعلة تؤكد تضحية "أناب" من أجل الرفع من المقروئية.

أما عن إمكانية استعمال وسائل التواصل الاجتماعي لترويج لكُتابها، فهو مقتصر لحدّ الآن على فايسبوك، مؤكّدا في السياق نفسه أهمية أن يحتكّ المؤلّف بالقرّاء من خلال عمليات البيع بالتوقيع، لكن هذا لا يمنع من التوجّه نحو وسائط أخرى مثل أنستغرام وتيكتوك والكتاب الرقمي وحتى الصوتي، وهو ما يتطلّب استراتيجية وروية، فالمهم، حسب المتحدّث، هو أن تسير "أناب" بخطى ثابتة نحو التغيير بدلا من القفز بدون تفكير. علما أنّ لـ«أناب" منصة تبيع فيها كتبها، تصل إلى القارئ عبر البريد.
من جهتها، أكّدت الناشرة ياسمينة بلقاسم  من منشورات "الشهاب"، أهمية مواكبة دور النشر التغيرات التي مسّت القارئ وطريقة الكتابة والترويج للكتاب، وعدم الترفع عليها وتجاهلها، مضيفة أنّ دار "الشهاب" تملك صفحة فايسبوك غير نشطة بالشكل الكافي ولا تملك انستغرام وتيكتوك وتقتصر على ترويج مؤلفيها من خلال تنظيم محاضرات وعمليات بيع بالإهداء.

وتحدّثت ياسمينة عن واقع النشر في الجزائر والذي يواجه صعوبات كثيرة لم تنقص وتيرتها بعد كورونا، مثل غلاء الحبر والورق وعدم خفض قيمة الرسوم وانخفاض أيضا في القدرة الشرائية، علاوة على عدم وجود مجلات متخصصة تروج للإصدارات الجديدة، وتراجع في عدد الصحف وحتى الصفحات المخصصة للثقافة، مضيفة أنه ومع ذلك فعلى دور النشر التفكير في تغيير استراتيجيتها المتعلّقة بترويج مؤلفيها، فشباب اليوم هو قارئ اليوم وغدا، والمضي نحو الميديا أمر محتوم.

أما السيد علي باي من دار "القصبة"، فلم يتردّد في الدفاع عن الكتاب الورقي مشيرا إلى أنّ الكتاب الرقمي لن يعوّضه أبدا، بينما أشار إلى تواصل الدار مع الصحفيين لإعلامهم بالإصدارات الجديدة، بالإضافة الى تنظيم عمليات بيع بالإهداء على مستوى مكتبة العالم الثالث وفي مختلف الفعاليات الثقافية، ومن بينها الصالون الدولي للكتاب بالجزائر، كما يضع معلومات حول هذه الإصدارات على صفحته الخاصة في الفايسبوك.

"ايكوزيوم أفولاي".. تحدّ وتجارب

تحدّثت الناشرة صاحبة دار نشر "إيكوزيوم أفولاي"، خولة حواسنية لـ«المساء" عن توجّهها للسوشيل ميديا للترويج عن مؤلفي الدار لأنّها لم تجد سبيلا آخر، مشيرة إلى أنّه في الجزائر يجب أن يبحث الناشر عن القارئ بكلّ ، خاصة أنّ الجزائري في العادة لا يندفع نحو الكتاب، ولهذا فمشاركة الدار في المعارض الوطنية للكتاب وبالأخصّ المعرض الدولي مهمة جدا، لكن في السنوات الأخيرة عرف الصالون الدولي تراجعا في الترويج لهذا الحدث الذي كان قبل الجائحة يملأ العاصمة باللافتات الاشهارية، تضيف خولة.

وتابعت أنّ الدار وجدت نفسها مجبرة على استعمال وسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق عملية الترويج، خاصة وأنّها فتية وبالتالي علاقتها محدودة مع الإعلام، لتقوم بتعريف كُتابها على صحفتي انستغرام وتيكتوك، رغم ما لهذه العملية من عيوب فيمكن أن يجعل المتابعين، الكاتب علامة تجارية أي أن يهتمون بالكاتب لشخصه وليس لما يكتب. بالمقابل اعترفت الناشرة بأنّ الكثير من الكُتّاب الشباب يروجون لأنفسهم عبر هذه المنصات ولهم جمهورهم الخاص بهم، قائلة "الناشرون والُكتاب يساعدون بعضهم البعض في هذه المسألة".

أما عن تجربة الكتاب الرقمي في دار "ايكوزيوم أفولاي"، قالت خولة إنّها خاضت هذه التجربة من خلال وضع الكتب الرقمية على أرضية جزائرية وعالمية، خاصة وأنّه لا يمكن تصدير الكتاب الجزائري إلى الخارج ولهذا فمثل هذه المنصات مهمة لبيع الكتب عبر هذه التقنية،  كما تحدثت عن تجربة قامت بها الدار متعلقة بالكتاب الصوتي إلاّ أنّها لم تكرّرها نظرا لكون الدار فتية ولا يمكنها توسيع عملها في كل مجالات الكتاب.

رياض عكوش: كتابة الخيال العلمي.. موضة

قال رياض عكوش لـ«المساء"، إنّه اتّجه إلى كتابة رواية في الخيال العلمي بعنوان "الكعب" لسببين، الأوّل لأنّه موضة العصر والثاني لأنّ الخيال الواسع للقرّاء الشباب يدفع بهم إلى حبّ هذا النوع من الأدب. علما أنّ الرواية مكتوبة باللغة العربية.
وتحكي رواية رياض عن مملكة في مدينة يورك البريطانية المعروفة بتاريخها العريق وتمسّكها بتراثها، يحكمها ملك عادل، تتعرّض للهجوم من قوى الشر فيقتل ويؤسر ابنه، فكيف سيكون مصير هذه المملكة يا ترى؟ أما روايته الأولى فكتبها بالفرنسية تحت عنوان "الشعر المصرف والسحب البلاستيكية" تناول فيها سيرته الذاتية وزوّدها بشيء من الخيال، في حين جاءت روايته الثانية باللغة الإنجليزية بعنوان "الاكتشافات النهائية لثعلب لطيف"، حكى فيها صحبة رجل وثعلب وكيف أنهما قاما برحلة قد تبدو شيقة لكنها في الحقيقة مؤلمة.

بدران عبد الرحمن.. "المتمرّد"

لقب نفسه بالمتمرّد، لأنّه أقسم على نفسه مساعدة كلّ شاب له طموحات وأحلام، يجد صعوبات في تحقيقها أو يستحيل له ذلك بفعل حجج غير منطقية تنبع من المجتمع، هو المتمرّد إذن الذي لم يلتفت لكلّ من شكك في قدراته واعتبر أن سنه الغض سيمنعه من التحليق عاليا في سماء الأحلام، بل أثبت لهم عكس ما كانوا يتصورون.

هي قصة الكاتب الشاب بدران بعد الرحمن، قصها لـ"المساء" ثم انتقل في حديثه إلى  كيفية ترويجه لأعماله التي تلقى نجاحا لدى الشباب، آخرها "خارج عن السيطرة" الصادرة عن دار سهوب، مؤكّدا قبل كلّ شيء ضرورة أن يكون للكاتب مصداقية حتى يثق فيه القارئ، فيشعر بتلك الحميمية، ويتأكّد بأنّ الكاتب لا يسعى فقط في بيع منتوجه بل يعبر عنه أيضا.

أما عن قضية الترويج، قال عبد الرحمن إنّ الكثير من الكتب تباع ليس لأنّها جيّدة بل لأنّ تسويقها ممتازا، فيقتنيها القارئ من باب الفضول، في حين أن المتمرّد هو صانع محتوى منذ عام 2018، نشر كتابه واستغل مواهبه المتعلقة بالصوت وتجربته في المسرح ومزجها مع الأدب وطوّر أسلوبه الخاص لإلقاء نصوصه ببصمته الخاصة، ليكسب مزيدا من المتابعين حتى  الذين لا يميلون الى المطالعة يمكن لهم أن يقرؤوا يوما ما كتابه أو كتابا آخر. ودعا المتمرّد، دور النشر الى الترويج للمؤلفين عبر منصات التواصل الاجتماعي لأنها بذلك تروّج لنفسها أيضا وهو ما تقوم به دور نشر عربية تهتم بصناعة الكاتب إعلاميا.