«كوكب مالك» بمتحف الماما

ذكريات من زمن الروائع السينمائية الجزائرية

ذكريات من زمن الروائع السينمائية الجزائرية
  • 981
مريم. ن مريم. ن

تم بالمتحف العمومي الوطني للفن الحديث والمعاصر، أوّل أمس، افتتاح معرض «كوكب مالك» الذي يستمر إلى غاية 31 جويلية القادم؛ تكريما وعرفانا لمسار هذا الموسيقي ذي الصيت العالمي، والذي ارتبط اسمه بروائع السينما والتلفزيون. وكانت المناسبة فرصة لتنظيم ندوة حضرها عمالقة الفن الجزائري؛ حيث استحضروا ذكرياتهم مع الراحل، كما توقفوا عند بعض المحطات التي طبعت تاريخ السينما والتلفزيون.

يقدم المعرض لمحة فريدة عن سجلات أحمد مالك التي قامت بجمعها ابنتاه مايا وهانية. ويسلط الضوء على فترات من حياته، اتصفت بالتميز والتنوع من خلال صور عالية الجودة وقّعتها زوجته دانيال بيركمانس، إضافة إلى تقارير صحفية تتناول أعماله، ووثائق تحتوي على حوارات ومقاطع من أفلام، زيادة على الفيلم الوثائقي «عالم مالك» الذي أنتج سنة 2009. وعلاوة على كل هذه الوثائق المعروضة، يقترح المعرض على الزوار التعرف على أحمد مالك؛ من خلال وسائل تفاعلية منها تسجيلات وكذا عروض محلية.

ويعد أحمد مالك موسيقيا وملحنا بارعا وقائد أوركسترا وعازفا على الناي، إضافة إلى استخدامه آلات موسيقية مختلفة (الموندولين والأكرديون والناي والكمان وغيرها)، ويبقى أشهر ملحن للأفلام الجزائرية. ورغم كل ذلك المسار الحافل إلا أنه كان عرضة للنسيان وغائبا عند أجيال اليوم. وبفضل الجهود تظهر أعماله مجددا في الواجهة، علما أن جهود منسق الأغاني الألماني «يانيس شتورتس» كانت في الموعد؛ حيث خصصت له شركة الإنتاج «حبيبي فونك» مجموعة من الأغاني. وقد أشرفت المخرجة الفرنسية ذات الأصول الجزائرية بالوما كولومب على الفيلم الوثائقي «عالم مالك» تخليدا لأعماله، وهو الذي وقّع على جزء كبير من الموسيقى الأصلية للأفلام الجزائرية، وبالتالي فقد أعيد الفنان إلى مكانته بفضل هذا الفيلم.

وارتبط اسم الراحل أحمد مالك بروائع السينما الجزائرية، منها عطلة المفتش الطاهر وعمر قتلاتو الرجلة وليلى وأخواتها وأبناء نوفمبر... كما شكلت موسيقاه علامة فارقة في هذه الفترة المتميزة التي شهدتها السينما الجزائرية.

وُلد أحمد مالك في 6 مارس 1932 ببرج الكيفان بالعاصمة، وكان الابن البكر مع ثلاثة ذكور وأخت واحدة. بدأ العمل في سن مبكرة في المصانع، ليساعد أباه على أعباء الحياة وتلبية احتياجات العائلة. توفيت والدته وهو في سن 12، وهو الحدث الذي جعله يدخل المجال الفني.

بعد أن أنهى دراسته التحق بمعهد الموسيقى بالجزائر، ليبرز نجمه ويحصد بعدها العديد من الجوائز المحلية والدولية، ومنها الجائزة الأولى لفنون التأليف سنة 1972، وجائزة التفوق الوطني للتأليف الموسيقي. وقاد أوركسترا الإذاعة والتلفزيون لعقود، ومثل الجزائر في المحافل الدولية، على غرار أمريكا اللاتينية وكندا واليابان وإسبانيا وغيرها. حضر مهرجان هلسنكي سنة 62، ومثل الجزائر في مونريال بكندا في 62 أيضا، واشتغل هناك سنتين كقائد أوركسترا.

سنة 1970 وُلدت ابنته الأولى هانيا باليابان، ثم مايا في 73 بالجزائر. ورغم أنه كان يجوب العالم لكنه كان حاضرا دوما بالجزائر. وفي الثمانينيات كان عضوا في لجنة التحكيم بمهرجان براغ الدولي، ثم بدأت زياراته لكوبا، التي أحب فيها الموسيقى الإلكترونية، ليزورها 8مرات.كمازارالولاياتالمتحدةوعدةبلدانإفريقية.

لم يكن أحمد مالك معروفا كشخص، لكن أعماله كانت أشهر من نار على علم، ومحفورة في ذاكرة الشعب الجزائري إلى الآن. وكان الراحل يقول: «بالنسبة لي كل فيلم له طابعه الخاص، فتأليف الموسيقى المناسبة مثل خياطة بذلة على المقاس، ولكي أقوم بعملي على نحو جيد من المهم  أن أتذكر كل مشاهد الفيلم، وأحاول دوما أن أقدم صورة أحسن للمشاهد بفضل الشريط الموسيقي. وأعتبر أن موسيقى الفيلم لها دور فكري وعاطفي. وأستعمل دوما أدوات موسيقية متنوعة لأثير لدى المشاهد مشاعر وأحاسيس مختلفة». وتوفي أحمد مالك في 24 جويلية 2008 بالمرادية عن عمر ناهز 76 سنة.

للتذكير، شارك في هذا المعرض معهد غوتة بالجزائر وحبيبي فونك وسفارة ألمانيا بالجزائر والمركز الوطني للسينما والسمعي البصري ومعرض الفن الحديث ببرلين.