كلثوم

رائدة الفنانات الجزائريات

رائدة الفنانات الجزائريات
  • القراءات: 785 مرات
ق. ث ق. ث

تشتهر كلثوم عند الجمهور بأدوارها في فيلم "ريح الأوراس" لمحمد لخضر حمينة، وأفلام أخرى غيرها، وهي، أيضا، من النساء الجزائريات الأُوليات، اللائي مثلن فوق خشبة المسرح، وبرزن في مختلف فنون الأداء، فاتحة الطريق لمسارات نسائية كبيرة.

قاومت كلثوم ـ واسمها الحقيقي عائشة عاجوري ـ مختلف الأحكام المسبقة العائلية والمجتمعية في عصرها من أجل الإبداع الفني، فساهمت هكذا رفقة نورية (1921- 2020) في تغيير نظرة المخرجين والمجتمع بصفة عامة، إلى حضور المرأة في المسرح. وكان أول من اكتشف الراحلة كلثوم التي وُلدت بالبليدة سنة 1916، رائد الفن الجزائري محيي الدين بشطارزي، الذي اقترح عليها في 1935، خوض تجربة في الغناء والرقص والتمثيل رغم تردّد عائلتها.

وبعد جولة فنية في فرنسا اتجهت كلثوم نحو المسرح أساسا، لتؤكد موهبتها؛ من خلال مشاركاتها في مسرحيات لمحيي الدين باشطارزي، ورشيد قسنطيني، وحبيب رضا، قبل أن تنضم للموسم العربي الأول لأوبرا الجزائر في 1947. وخلال عدة سنوات تم منح أغلب الأدوار النسائية لكلثوم. كما صار صوتها ضمن "ريبرتوار" المسرح الإذاعي، بالإضافة إلى تسجيلها خمسة أقراص في الأربعينيات والخمسينيات، من بينها "يا أولاد العربان"، و"عهد اثنين".

وبعد انقطاع عام 1951 بسبب حادث أبعدها عن الأضواء، عادت كلثوم وصعدت إلى خشبة المسرح، في اقتباس لمسرحية "أوتيلو" لوليام شكسبير، قبل أن تبتعد من جديد بين عامي 1956 و1963.

المسرح الوطني الجزائري والسينما

بعد استرجاع السيادة الوطنية التي تحتفل الجزائر هذه السنة بذكراها 60، استأنفت كلثوم نشاطها الفني، والتحقت في 1963 بالمسرح الوطني الجزائري؛ أول مؤسسة ثقافية يتم تأميمها بعد الاستقلال. وقد كان أول أدوارها في مسرحية "زواج عبر الهاتف" لمخرجها محيي الدين باشطارزي، وبمشاركة رشيد قسنطيني.

أما بداياتها مع الفن السابع فكانت في 1966 مع المخرج حمينة، الذي اختارها لأداء دور امرأة جزائرية مقهورة في فيلمه الشهير "ريح الأوراس"؛ حيث جسّدت معاناة المرأة إبان الاستعمار الفرنسي، وكان بمثابة إدانة صريحة لجرائم هذا الأخير في حق الجزائريين. وأدّت كلثوم في هذا العمل، دور امرأة يائسة، تبحث بدون جدوى، عن ابنها المسجون من طرف جيش الاستعمار الفرنسي، وهي تتجول بين السجون والمحتشدات رغم القهر والتهديدات، وهذا إلى جانب عدد من كبار الممثلين، على غرار مصطفى كاتب، وحسان الحساني.

وحاز هذا العمل على جائزة أحسن أول فيلم من مهرجان كان السينمائي الدولي بفرنسا، في نفس العام، وكانت كلثوم من مَثل الجزائر في تقديم الفيلم آنذاك.

وواصلت الراحلة تعاونها مع حمينة في أعمال من قبيل "ديسمبر"، و«حسان طيرو". كما مثلت في أعمال أخرى؛ على غرار "بني هندل" للمين مرباح، و"سنوات التويست المجنونة" لمحمود زموري، و"حسان طاكسي" لمحمد سليم رياض، و"حسان نية" للغوثي بن ددوش.

وشاركت كلثوم في حوالي عشرين فيلما، ميزت مسيرتها السينمائية كفنانة مبدعة. وكانت كتكملة لمسيرتها المسرحية التي ابتعدت عنها فيما بعد، مخلفة وراءها أكثر من سبعين عملا مسرحيا، فتحت المجال من خلالها واسعا، لدخول الإبداع النسائي في الفن الرابع.

وكان آخر أداء مسرحي لكلثوم في 1991 بعد تقاعدها من المسرح الوطني الجزائري، وهذا في مسرحية "البوابون"، إلى جانب رويشد، لتتوفى بعدها في 11 نوفمبر 2010 بعد مسيرة إبداعية طويلة وحافلة، فتحت، عبرها، المجال للأجيال اللاحقة.