رحيل المخرج محمود زموري
- 1058
رحل صباح أمس، بإحدى مستشفيات العاصمة الفرنسية باريس المخرج السينمائي الكبير محمود زموري عن عمر ناهز 71 سنة بعد صراع طويل مع المرض.
الراحل من مواليد مدينة بوفاريك في 2 ديسمبر 1946 وسيصل جثمان الفقيد اليوم الأحد إلى الجزائر العاصمة حسبما علم لدى أقاربه ليوارى التراب بمسقط رأسه بوفاريك.
عرف المخرج والممثل زموري بمسار سينمائي ثري على غرار «سنوات التويست المجنونة» و«مائة بالمائة أرابيكا» و «بور بلان روج» وغيرها، وبذلك تفقد السينما الجزائرية برحيله مخرجا مميزا بأسلوبه ومواضيعه.
محمود زموري أحد أقطاب الفن السابع الجزائري الذي أثرى المشهد بأعمال ذات نكهة خاصة تحمل مواضيع أفلامه الجرأة والمشاكسة أحيانا، متبنيا في الكثير من أفلامه أسلوبا كوميديا يقارب الميلودراما.
اختار ابن مدينة البرتقال بوفاريك الهجرة المبكرة لكنه ظل وفيا لمدينته رغم طول الغياب حيث قضى محمود المعروف بطبعه المشاكس وصراحته أغلب سنوات عمره في فرنسا حيث اشتغل في عالم الأضواء كممثل وكاتب سيناريو ومخرج.
بدأ التمثيل عام 1977 في فيلم «فرنسا الأخرى» لعلي غانم ،ثم تبعته أدوار عدة في أفلام سينمائية وتلفزيونية فرنسية وأجنبية، كما مثل في بعض أفلامه كـ«مائة بالمائة أرابيكا» (1997) و«شرف القبيلة» (1993) المقتبسة عن رواية بنفس العنوان للراحل رشيد ميموني، كما مثل في فيلم «أبيض خشب الأبنوس» للمخرج الغاني شيخ دوكوري (1991)، إلى جانب عدة أدوار في التلفزيون.
ولج الراحل محمود زموري عالم الإخراج في بداية الثمانينات بفيلم «خذ 10000 عشرة آلاف فرنك وارحل» (1981) وفيلم «مائة بالمائة آرابيكا» (بطولة الشاب خالد ومامي)، وفيلم «سنوات التويست المجنونة» 1986 وفيلم «من هولييود إلى تمنراست» سنة 1991. وحافظ زموري في أغلب أعماله على الأسلوب الكوميدي الساخر والناقد.
وبرز هذا الميل أيضا في آخر أفلامه «حلال مؤكد» الذي عرض بقاعة ابن زيدون بالجزائر العاصمة في 2015 (حضرت «المساء» العرض والنقاش مع زموري)، وهو من إنتاج مشترك بين الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي وانتينيا للسمعي البصري وفنك للإنتاج بفرنسا وبدعم من وزارة الثقافة.
ويتناول الفيلم بعض العادات والتقاليد البالية في المجتمع، والتي بقيت سارية في وسط المغتربين.. وفي قصة الفيلم يجبر الأخ أخته التي عاشت بالخارج وسطم مجتمع غربي على العودة إلى قريتها بوطنه الأصلي لتزويجها من رجل لا تعرفه.
ورد المخرج عن الذين اعتبروا الفيلم نقدا لاذعا للمجتمع الجزائري لاسيما وسائل الإعلام الفرنسية بقوله «قدمت فيلما عن واقع مازال قائما في بعض المناطق»، معتبرا أن «فيلمه يفكّك مجتمع المغتربين وليس المجتمع الجزائري ككل».
وقد عرفت أعمال زموري السينمائية التي اهتمت كثيرا بموضوع الهجرة والظروف الاجتماعية للجيل الثاني من المهاجرين نجاحا جماهيريا. كما تطرق لقضايا ومسائل أخرى تهم الجزائريين رغم ما تثيره من جدل وردود متباينة. وقدم المخرج في مختلف أعماله مواقفه بكل شجاعة وبدون مجاملة.
للإشارة، فقد درس الراحل فن السينما بباريس وعرف بالإنسان المتوسطي وتميز بما يسمى «بالنيوواقعية» في السينما.