بوسعادة فضاء للتعبير الفني

سحر المدينة الفاتنة

سحر المدينة الفاتنة
  • 2603
ق.ث ق.ث

عرفت بوسعادة بمناظرها الأخاذة ذات الإشراق المتلألئ، إنها المدينة التي طالما ألهمت الفنانين، خاصة منهم الرسامين المستشرقين الذين جسدوها في روائعهم التي أبهرت العالم. تعتبر بوسعادة بوابة الجنوب وتوصف بأنها قطعة من الجنة، استقطبت الزوار من كل مكان، وظلت المكان السحري الذي يوحي بأساطير ألف ليلة. 

أدت كل هذه المقومات إلى اختيار هذه المنطقة لصناعة ديكور الأفلام السينمائية الأجنبية، على غرار «طاحونة فيريرو» التي صورت في فيلم «سامسون ودليلة» للمخرج الأمريكي سيسيل بدي ميل سنة 1949،  و«من الرجل لرجل» للمخرج الفرنسي كريستيان-جاك سنة 1948.

كما تم تصوير العديد من الأفلام الجزائرية بمنطقة الواحات وضواحيها بعد الاستقلال، مثل «ثلاثة مسدسات ضد سيزار» فيلم ويسترن الوحيد بحوزة السينما الجزائرية، في إطار إخراج مشترك بين انزو بيري وموسى حداد سنة 1966.

وفي سنوات السبعينات، تم تصوير جزء هام من فيلم «عطلة المفتش الطاهر» بمنطقة بوسعادة.

وأكثر ما ينسب إلى هذا الجزء من منطقة الحضنة، الفنون التشكيلية لتأثيرها على العديد من الفنانين الجزائريين والأجانب، خصوصا الفنان التشكيلي الفرنسي ألفانسو ايتيان دينيه الذي أصبح نصر الدين بعد اعتناقه الإسلام.

مستشرقون منبهرون

إضافة إلى هذا الفنان البارع في الأسلوب التصويري، فقد رسم قرابة عشرة مستشرقين رحالة آخرين من مختلف الجنسيات مدينة بوسعادة، فبعد دينيه جاء دور البلجيكي إدوارد فيرشافيلت (1874-1955) الذي كرس العديد من أعماله لهذه المدينة.

كما اهتم بتصوير هذه المدينة الفرنسيون، منهم ماكسيم نواري (1861-1927) وأوجين جيراراديه (1853-1907) وكونستان لوش (1880-1965) وجول توبين (1863-1932) والأمريكية جوانيتا غوسيون (1904-1999).

شكلت مدينة بوسعادة أيضا فضاء بالنسبة للفنانين التشكيليين  الجزائريين، أغلبيتهم من المنطقة، على غرار زهير دحماني وإبراهيم عبد الجبار وفاطمة تبوسي وعبد العزيز عبد المالك ولبصير محمد توفيق وبن صالح إسحاق ودبابي عبد النور وتركي مراد وسليماني سعيد وبن سالم سمير وعبد المؤمن محمودي.

ولتأثره بمدينة بوسعادة وضواحيها، غادر زهير دحماني فرنسا التي ولد فيها، ليهتم بأرض أجداده، حيث فضل وضع موهبته في خدمة الفنانين الناشئين وتدريس الفنون التشكيلية بدار الثقافة بالديس في بلدية اولاد سيدي ابراهيم.

  فضاء للمواهب الناشئة    

في هذا الشأن، صرح أحد فناني المنطقة إبراهيم عبد الجبار، بأنه من الواجب على الفنانين التشكيليين التحضير لمن يخلف جيل اليوم وتشجيع ودعم المواهب الشابة حتى تجد طريقها في هذا المجال.

وقد أوضح هذا الموظف بمتحف دينيه أن أغلبية إبداعات الرسامين المستشرقين، أنجزت على فترات مختلفة بمثلث «بوسعادة-الأغواط-بسكرة»، غير أن أكثر ما أثار شغف المبدعين هو «مدينة السعادة».

ومن أجل استمرار هذا الإرث لمدينة دينيه وتشجيع المواهب على العمل، تتكفل ورشة للرسم بتأطيرهم على مستوى نفس المتحف الوطني ايتيان دينيه ببوسعادة.

من جهتها، أكدت أستاذة الرسم أسمهان زهاني، أنه توجد طاقات معتبرة من الشباب العباقرة، مما يؤكد السحر الذي تمارسه هذه المنطقة على سكانها، ولا أحد ـ حسبها- يدري فربما يرقد في طفل بوسعادي دينيه آخر، مشيرة إلى أن البنات يشكلن الأغلبية ويتميزن بـ «إرادة قوية».