الملتقى الوطني "الفن المعاصر في ميزان النقد" بجامعة قسنطينة

سياقات فكرية مؤثرة والتفاتة لواقع الممارسة النقدية

سياقات فكرية مؤثرة والتفاتة  لواقع الممارسة النقدية
  • القراءات: 421
مريم. ن مريم. ن

تنظم كلية الفنون والثقافة بجامعة قسنطينة "صالح بوبنيدر"، الملتقى الوطني "الفن المعاصر في ميزان النقد" يومي 4 و5 نوفمبر القادم. ويطرح الملتقى سياقات الفكر في الفن المعاصر، ودور الفكر النقدي كعامل مؤثر، في الفنون المعاصرة.

جاء في ديباجة الملتقى: " على اعتبار أن التأمل الذاتي ممارسة شائعة جدا في الأدب والفن، فإن الفنانين المعاصرين يعبّرون عن مشاعرهم بوسائط مختلفة، وبتقنيات فنية عديدة. ومن هذا التنوع ظهرت حركات فنية مختلفة؛ مثل الانطباعية، والتكعيبية، والسريالية، والتعبيرية، والتجريدية… " . ومن ناحية أخرى، يجمع الفن المعاصر بين الفنانين الذين يمثلون أحيانا، وجهة نظر سياسية أو اجتماعية، أو مرتبطة بالهوية، أو مشوّهة، أو تتعلق بالوقائع الجارية؛ فهم يجرّبون ويبحثون ويتساءلون عن الوظيفة التمثيلية للأعمال الفنية المختلفة؛ إذ لم يعد الفن هنا رمزيا بالضرورة؛ لذلك يمكن القول إن الفن المعاصر يعكس التعبير عن رغبة الفنانين في الابتعاد عن غايات الفن التشكيلي الحديث؛ فلم يعد الفن المعاصر يمثل حقيقة مثالية كالتيارات الفنية التي سبقته؛ فالنقاد المعاصرون غالبا ما يتساءلون وينتقدون ويشيرون إلى تناقضات الواقع، خاصة ما تعلّق بأشكاله الفنية الجديدة؛ مثل الفن المفاهيمي، وفن البوب، وفن الشارع.
وأثناء مناقشة الفن المعاصر، كتب الدكتور محمد بلاسم في أساليب الفن المعاصر واتجاهاته قائلا: "مع مجيء عصر ما بعد الحداثة ومجيء ثورة الاتصالات والمعلومات وتداخل الأفكار والإيديولوجيات، يصبح تصفيف الفن وتحديد مخرجاته أكثر صعوبة. وفي هذه الحالة يتم إهمال الفنان. وينظَر إليه على أنه فنّي، غير حسّاس؛ لأن الفن في شكله الأصلي، هو تعبير عن الإدراك العاطفي الشديد للذات بغض النظر عن نوع كل فن؛ فإذا لم يتم التعبير عن ذلك الفنان (الشعور الذاتي) في عمله، فلا يمكن اعتبار ذلك جماليا. لكن من المدهش حقا، أن الجهود تُبذل لعزل الفنان عن "تعاطفه" . وينظَر إليه على أنه مجرّد حرفيّ غير حساس.
وعلى العكس من ذلك، يمكن أيّ فرد إبداء رأيه حول الفن؛ سواء من خلال زياراته للمعارض بالدرجة الأولى، أو بواسطة الاستقبال اليومي للأعمال الفنية، من خلال الإعلام ووسائطه المختلفة.
ومن ضمن ما جاء في الديباجة أيضا، أنه رغم ذلك وحتى إن كان هذا النقد سطحيا في كثير من الأحيان إلاّ أنه من اللازم أخذ بعين الاعتبار، مبرّراته؛ من أجل تحقيق التفكير، والمناقشة الرصينة؛ لبلوغ غايات الاستقبال الفني، وهو ما يعبّر عن التجربة الفنية في نواحيها المتباينة؛ كنوع من أشكال تحقيق عملية التلقي في الفن المعاصر.
وفي المقابل، فإن مهمة الناقد التشكيلي في إبداء وجهة نظره، وآرائه النقدية حول الأعمال الفنية. وعليه فإنه يُعد من الأفراد الذين يثرون مستقبل الفن.
وجاء أيضا: "هنا قد تعكس تيمة الناقد التشكيلي مفهومه بشكل بليغ، في تعامله مع المادة الفنية، وإبداء وجهة نظره، وآرائه النقدية حول الأعمال الفنية وإشكاليات الفن. وهي صفات لا تتوفر إلاّ في الأفراد الذين يثرون مستقبل الفن، وتصوّر الآخرين اتجاهه، وهو الشخص المسؤول عن التفكير الجيد والفعّال تجاه الظواهر الفنية المثيرة للاهتمام، والتي تعكس تأثيرات الفن على مشاعر وأحاسيس الأفراد الآخرين؛ حيث تمثل مراجعة التشكيلات الفنية نداء دائما لتنمية ملكة الإدراك لدى الناس".
ولا شكّ في أن الممارسة النقدية في مجال الفن المعاصر، حسب مضمون الديباجة، من بين أهم الإشكالات المطروحة في عصرنا الحالي؛ حيث تشكل علاقة الناقد بالعمل الفني إحدى أهم الآليات التي تبحث في دراسته وتحليله وفق معايير، يقوم من خلالها الناقد بالتطرق للجوانب الواقعية والمفاهيمية في العمل الفني، وهي المعايير التي تهتم خاصة بالنوعية في الإنتاج، وتحقيق الجودة؛ حيث تركز على قيمة العمل الفني في بيئته، ومقارنتها بفنون أخرى من نفس الجنس، ومنه توجيه الفنان بوصفه المنتج، إلى اقتناء مواضيعه التي تتلاءم مع أسلوبه الفني، وبيئته الاجتماعية بدرجة أولى.
وتتلخص أهداف الملتقى في تحديد سياقات ظهور الفن المعاصر، والتعرّف على التطورات الحديثة للفن المعاصر، والجوانب الجديدة التي يطرحها، مع التطرق لواقع الممارسة النقدية، ومدى فاعليتها في الرفع من مستوى الوعي لدى الأفراد، وكذا مناقشة تحديات النقد في مجال الفنون المعاصرة، ومستقبلها، في ظلّ تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وبالنسبة لمحاور الملتقى فستناقش "التأثير الاجتماعي للفن المعاصر على الأفراد" ، و«الأبعاد الجمالية للعاطفة والتفكير في الفن المعاصر" ، وأيضا "واقع النقد في مجال الفن المعاصر من خلال مؤسسات الفن " (البرامج والمقاييس). ومن المحاور أيضا هناك "النقد والتنوع الثقافي في التصميم" ، و«كيفية تأثير الخلفيات الثقافية المتنوعة على النقد في الديزاين، دراسة أمثلة من تصاميم مستوحاة من ثقافات مختلفة، وتحليلها نقديا" ، ناهيك عن "التمثيل والخطاب في الفن المعاصر السينما، والمسرح، والفنون التشكيلية، والموسيقى" و«نقّاد الفن المعاصر وأعمالهم النقدية في الجزائر".
للإشارة، آخر أجل لإرسال الملخصات 15 أوت. وآخر أجل لاستقبال المداخلات كاملة يكون في 29 سبتمبر. كما تم الإعلان عن أن المداخلات المقبولة ستُنشر في كتاب جماعي ذي ترقيم دولي.