الساحة الفنية في حداد

سيد علي كويرات يرحل شامخا

سيد علي كويرات يرحل شامخا
  • 1615
دليلة مالك دليلة مالك
«الموت واقفا” مرادف للخلود، سيد علي كويرات رحل شامخا، أوّل أمس الأحد، ولا يختلف رحيله الأبدي عن أجمل المشاهد التي أداها في الفيلم الثوري ”الأفيون والعصا”، حيث مات واقفا وهي ميزة موت الشهداء، وهو المشهد الجاثم في مخيال كلّ جزائري لما يحمله من رمزية الصمود والعزّة، رجع إلى مثواه الأخير أمس بمقبرة وادي الرمان بالجزائر العاصمة بعد أن نال منه المرض.
يُعتبر سيد علي كويرات بحقّ العلامة الخصوصية للسينما والمسرح الجزائريين، ساهم بأدائه المتفرّد في شهرة العديد من الأعمال الفنية مازال بريقها متوهّجا لحدّ الآن. بشخصيته الجزائرية الصرفة، طبع أثره على كلّ الإبداعات التي قدّمها رفقة العديد من الفنانين البارزين من عمالقة الفنين الرابع والسابع، اختاره المخرج المصري الراحل يوسف شاهين ليكون واحدا من أبطال فيلمه ”عودة الابن الضال”، كما كان واحدا من صنّاع تتويج السعفة الذهبية من خلال فيلم ”وقائع سنين الجمر” للمخرج لخضر حامينة،  وترك كويرات، أحد أبرز الوجوه الفنية في المسرح والسينما، أعمالا سينمائية شكّلت ثمرة مسار فني حافل ناهز 60 عاما كرّسها من أجل خدمة الثقافة الوطنية. في برقية تعزية وجهتها وزيرة الثقافة، نادية لعبيدي لعائلة الفقيد، أشادت فيها بالمسار الفني الحافل وبنضال الممثل سيد علي كويرات، معتبرة إياه بـ"الممثل القدير والمتميّز”، وأكّدت أنّه ”برحيل الممثل سيد علي كويرات تكون الساحة الفنية قد فقدت أحد عمداء السينما والمسرح في الجزائر”، وأضافت أنّ المرحوم تألّق في أعمال عديدة من خلال أدائه أدوارا تروي أحداث ثورة نوفمبر المجيدة وغيرها من الأعمال التي ستخلد اسمه. وأعرب الوسط السينمائي والمسرحي الجزائري عن أسفه إثر رحيل كويرات الذي كرّس حياته للثقافة الجزائرية منذ أكثر من 60 سنة، وفي هذا السياق، اعتبر المخرج بشير درايس، منتج آخر أعمال كويرات كممثل سنة 2012 من خلال ”المفتش لوب”، أنّ وفاة سيد علي كويرات هي ”فقدان آخر المشاهير الكبار في السينما الجزائرية”، وأضاف أنّ الراحل ”كان نجما لا مثيل له في الفن السابع الجزائري خلال الخمسين سنة الأخيرة”، مذكّرا بـ«الاحترافية الكبيرة لفقيد الشاشة الكبيرة وروح الشباب التي تمتّع بها رغم تقدّم عمره”. ومن جهته، عبّر أحمد راشدي، مخرج العمل السينمائي الكبير”العفيون والعصا” - الفيلم الذي مكّن سيد علي كويرات من البروز - عن ”حزنه لهذا الفقدان الكبير للجزائر وللسينما والمسرح”، وأكّد أنّ الراحل تمنى دائما ”تتمة لفيلم العفيون والعصا” الذي ”عمل فيه مطوّلا”.
واعتبر مدير المسرح الوطني محمد يحياوي رحيل كويرات خسارة كبيرة للسينما والمسرح اللذين فقدا ”فنانا كبيرا بكاريزما وموهبة لا نظير لها”، فيما عبر المخرج الغوتي بن ددوش رفيق درب الفقيد منذ أكثر من 60 سنة عن أسفه لفقدان هذا ”الفنان الكامل ذو الحساسية الكبيرة والذي منح كلّ حياته للثقافة الجزائرية”، وأكّد بن ددوش الذي قدّم كويرات في ”حسان نية” 1982 و«الشبكة” 1975، أنّ الفقيد كان سعيدا جدا كلّما شرع في تصوير عمل جديد.
وذكّر المخرج والممثل مصطفى عياد بـ«المناضل الكبير للقضية الوطنية” الذي إلتحق بالفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني و«كرّس كلّ حياته للثقافة الجزائرية”. وبدا المخرج حاج رحيم شديد التأثّر وهو يعبّر عن حزنه لرحيل ”الصديق والفنان الشهم صاحب الخصال الإنسانية المتميّزة، عاشق الجزائر الذي يمكنه العمل في كلّ أساليب التمثيل”، وحيا الفنان الذي ينتمي لطينة حسان الحساني، رويشد وعلال المحب. من جهتها، قدّمت المطربة اللبنانية الشهيرة ماجدة الرومي تعازيها، عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي ”الفايسبوك” وكتبت ”أعزّي الشعب الجزائري الحبيب والعربي الكريم بوفاة الممثل القدير علي كويرات .. لنفسه الخلود في سماء الرب الاله ولكم من بعده طول البقاء مع بالغ تأثُّري وفائق احترامي وعميق محبتي”، ونشرت مقطعا من فيلم ”عودة الابن الضال”، وهو عمل جمعها معه سنة 1976.للإشارة، ولد الممثل الراحل سيد علي كويرات في 7 سبتمبر 1933 بالجزائر العاصمة، والتحق بالمسرح سنة 1950 إلى جانب فنانين كبار من أمثال محيى الدين بشطارزي، مصطفى كاتب ومحمد بودية وغيرهم. وبرز سيد علي كويرات كوجه سينمائي في 1963 من خلال فيلم ”أبناء القصبة” لعبد الحليم رايس وهو العمل الذي اقتبسه عن مسرحية بنفس العنوان. 
من بين الأفلام التي أدى فيها الفقيد أدوارا فيلم ”العفيون والعصا” لأحمد راشدي (1970)، ”وقائع سنوات الجمر”(1974)، ”هروب حسان طيرو” (1974)، فيلم ”عودة الابن الضال” (1976) للمخرج يوسف شاهين ثم فيلم ”الضحايا” (1982)، ”صحراء بلوز” (1991) للمخرج بوراس العيد، وكانت من بين آخر الأعمال التي شارك فيها الفقيد فيلم ”المفتش لوب” (2012)- المقتبس عن رواية الكاتب ياسمينة خضرا- للمخرج بشير درايس، وكان آخر عمل سينمائي أنتجه الفقيد فيلم ”ميستا” الذي قام بإخراجه كمال لعيش، وتوّج الفقيد خلال مسيرته الفنية بالعديد من الجوائز الوطنية والدولية.
وتوفي سيد علي كويرات عن عمر ناهز الـ 82 عاما إثر مرض عضال أدخله المستشفى شهر مارس المنصرم حيث أجريت له عدة عمليات جراحية.