معرض بشير مداحي بـ"دار عبد اللطيف"
شكل آخر للسيراميك ونفاد جل المعروضات
- 598
تزين القطع الفنية الفخارية "دار عبد اللطيف"، حيث جلبت جمهور الزوار الذي اقتنى ما اشتهاه دون تردد، لذلك فإن أغلب هذه الإبداعات وضعت أمامها بطاقة مكتوب عليها "تم بيعه"، ففي هذا المعرض، الذي تجري فعالياته حتى نهاية هذا الشهر، تحت عنوان "السيراميك العصري" للفنان بشير مداحي، يمتزج التراث بالعصرنة، ليعطي قطعا من الديكور المبهر الذي لا وجود له في مكان آخر.
يقام المعرض في ثلاثة أروقة (غرف)، وفي مدخل المبنى يعرض مجسم من الطين، يبدو قطعة أثرية رومانية مهشمة للجزء العلوي من الجسم، وفي الرواق الأول تعرض مجموعة من القطع، أغلبها من الطين الأبيض، يقترح فيه الفنان أسلوبا لم يعتد الجمهور عليه، لكنه مبهر وراق وجذاب، فرغم لمسته العصرية، لكن يحمل في قوامه وفي تصميمه البديع، روح صناعة الطين والفخار من عمق التراث الجزائري.
من القطع المعروضة، هناك المزهريات والمصابيح الخاصة بالزينة الداخلية (بعضها عبارة عن جزء علوي من جسم الإنسان)، والقوارير الطويلة البيضاء، وفانوس الطين الأحمر الرائع وأغلبها بيعت، وبالرواق الثاني، توجد مزهرية "المرأة البدينة" بالطين الأبيض، تشبه مجسمات الإغريق، وكذا الكرة المضيئة والإناء ذو 3 رؤوس، وعلقت على الجدار أيضا أعشاش طينية للعصافير بالأبيض والأحمر، وفي الرواق الثالث، ازدادت التحف جمالا، وأغلبها فوانيس، هي عبارة عن قطع من الفطر أو مجسمات جسم إنسان، وشمعدانات ودعائم للتزيين بأحجام مختلفة، وأخرى بها ثقوب، وكلها توحي بسحر الصحراء.
زاد المكان الأثري، وكذا الإضاءة وسينوغرافية العرض المدروسة بعناية، في تثمين هذه التحف 40، التي لا تشبه أعمالا أخرى عرضت من قبل ما زاد من الإقبال عليها، وذلك يعكس أيضا قدرات هذا الفنان الشاب، الذي طوع الخزف والطين، وجعله يواكب العصر ويحمل خصوصية جزائرية بامتياز، تعكس الهوية وتلبي أيضا متطلبات عالم الديكور، وعلى أعلى مستوى من الإبداع والابتكار والتركيب والتقنيات المستمدة من خبرة الفنون التطبيقية.
يمكن القول، إن هذا الفنان استطاع أن يجدد في هذا المجال، ويخرج منه روائع للزينة والديكور بتفاصيل وحس راق، يعكس مدى وعيه بأهمية التراث ومتطلبات الجمهور الباحث عن قطع فنية مغايرة، وأشكال أخرى للزينة، ولا شك في أن هذه المساهمة الفريدة، قد يكون لها الأثر في النهوض بهذا الفن في بلادنا.
للإشارة، هذا المعرض هو الأول بالنسبة للفنان بشير مداحي، الحالم دوما بالتجديد في عالم الطين والخزف، بين من خلال هذه الأعمال، مدى تميزه، علما أنه اختار دراسة هذا التخصص الفني للحفاظ على هذا الموروث الثقافي وتطعيمه بوسائل تتماشى مع العصر، وهو ما يظهر في لمسته التجديدية البارعة.
الفنان بشير مداحي من مواليد 1993 بولاية البليدة، تخرج من ملحقة مدرسة الفنون الجميلة لعزازقة بولاية تيزي وزو تخصص فن الخزف، (2016- 2020)، ليشارك بعدها في العديد من الورشات الفنية المتخصصة في الخزف المعاصر، وينمي مهاراته، ليخرج بتجربة جديدة انعكست على تصاميمه الدالة عليه دون تكرار أو استسهال.