مع بروز معطيات اقتصادية جديدة
صدور "آفاق التنمية في الجنوب"
- 2017
أصدرت، حديثا، مجموعة من الباحثين كتابا جديدا تعزّزت به رفوف المكتبات الجامعية، بعنوان "آفاق التنمية المحلية في الجنوب الجزائري، دراسة في واقع ورهانات التنمية المحلية في منطقة تيميمون"، ومن ضمن ما تضمّنه الكتاب أنّ الجزائر ظلّت على مدى خمسين سنة الماضية ولا تزال تعتمد في اقتصادها على ما يتمّ تحصيله من الجباية البترولية بما نسبته 97 بالمائة، وبالنظر إلى أنّ هذه الثروة غير متجدّدة فإنّ أغلب الخبراء يحذّرون من مغبّة الاستمرار في اعتمادها كمورد أساسي وحيد لتمويل التنمية، لاسيما مع بروز معطيات اقتصادية جديدة على الساحة العالمية أبرزها مسارعة الدول المتقدمة نحو مصادر جديدة للطاقة غير الأحفورية.
وتأكّدت توقّعات المحلّلين الطاقويين بنضوب النفط على مدى العقود الخمس المقبلة على أكثر تقدير مما سيوقع الاقتصاديات النامية ومن ضمنها الجزائر التي ما تزال تعتمد على إيرادات النفط لتمويل الواردات في أزمات اقتصادية خانقة ستكون تداعياتها الاجتماعية أخطر، خصوصا إذا علمنا أنّ 70بالمائة من القدرة الشرائية مرتبطة بالمحروقات ما يجعل معدل التضخم يرتفع والنمو ينزل إلى أدنى مستوياته. أمام هذا الوضع، تبدو في الأفق أمام الجزائر العديد من البدائل الممكنة والخيارات الحية إلى جانب الطاقة المتجدّدة، ومن ذلك "السياحة والفلاحة الصحراوية" التي لو أمكن الاهتمام بها وتوافرت الإرادة السياسية لذلك خصوصا مع اعتماد ولايات منتدبة حديثة في شكل مقاطعات إدارية، فإنها ستسهم في فك الاعتماد كلية عن هذه الثروة الزائلة.
فإلى جانب الموارد الباطنية، المواد الهيدرو كربونية مثلا، تزخر الصحراء الجزائرية بالعديد من الموارد الطبيعية والطاقات المتجددة التي يمكن استخدامها لغايات التنمية "الطاقة الشمسية، الرياح، والثروة النباتية ممثلة في ثروة النخيل، وكذا الصناعات التقليدية ذات الصيت العالمي، وعلى إمكانات ومعالم سياحية ضخمة غير مستغلة، إضافة إلى مؤهلات لا يستهان بها في مجالات الري والزراعة"، حيث يمكن أن تحقق نقلة نوعية في العملية التنموية، ولكون المساحة الشاسعة التي تمثلها تتجاوز (80 بالمائة) من المساحة الكلية للجزائر، فإن البعد الاستراتيجي التنموي الاستثماري الحي يستوجب إيلاءها اهتماما خاصا وعناية بالغة عند وضع أي مخطط تنموي وطني على المدى البعيد بدلا من الاعتماد على الثروة الزائلة غير المتجددة.
وتعدّ بلدية تيميمون واحدة من هذه المناطق المحورية والمهمة التي تحتوي على إمكانات ومعالم سياحية ضخمة غير مستغلة، إضافة إلى العديد من الصناعات التقليدية والحرفية، واحتوائها على مؤهّلات لا يستهان بها في مجال الفلاحة الصحراوية الواعدة، دون إغفال الاكتشافات الهيدروكربونية التي يمكن أن تحقّق نقلة نوعية في العملية التنموية فيها.
ولما لهذا الموضوع من أهمية بالغة ومساهمة منا في تطوير وإنعاش الفعل التنموي ضمن هذا الإطار الجغرافي الرحب - إقليم قورارة -، وتخليدا للذكرى الستين لثورتنا المجيدة المظفرة، واحتفاء بالذكرى الأربعين لتأسيس ولاية أدرار، وتفعيلا للنشاط التنموي للإدارة المحلية الذي تمّ إدراجه ضمن المخططات التنموية المحلية الهادفة إلى الترقية والتكفل بانشغالات المواطن، والتعريف بالموروثات الثقافية التي تزخر بها الولاية ومنطقة تيميمون على وجه الخصوص، إضافة إلى إشراك المجتمع المدني في تفعيل هذا النشاط مستقبلا.
تأتي إشكالية هذا المؤلف لتبحث ضمن الفرص المتاحة التي يمكن أن تسهم في عملية تنموية ناجعة في منطقة تيميمون لاسيما ضمن مجالات السياحة، الفلاحة الصحراوية، والصناعات الحرفية التقليدية، وللتحذير من التهديدات التي يمكن أن تشكل عائقا أمام أية عملية أو نقلة نوعية. ينقسم الكتاب إلى ثلاثة فصول، يتم تخصيص الفصل الأول للإطار المعرفي والنظري لدراسة التنمية والتنمية المحلية، أما الفصل الثاني فيتناول موضوع التنمية المحلية في الجزائر: الفرص والآفاق المنشودة، وأخيرا يتم الحديث في الفصل الثالث من الكتاب عن واقع وآفاق ورهانات الفعل التنموي في منطقة تيميمون.