ندوة حول ”التراث في أعمال محمد راسم”
عبقرية نقل التفاصيل التراثية للجزائر العاصمة
- 734
نُظّّمت ندوة حول التراث في مؤلفات محمد راسم سهرة أوّل أمس الثلاثاء، بقاعة ”فرانس فانون” بديوان رياض الفتح في العاصمة، نشّطها الفنانان التشكيليان بن جلال وآمال ضيف الله، اللذان أبرزا عبقرية وإبداع أهم الرسامين في تاريخ الفنون التشكيلية في الجزائر.
في المستهل، قدّم بن جلال سيرة ذاتية لمحمد راسم في عجالة، حيث يمكن أن نكتشف سرّ عبقريته من خلال شغفه المبكر بالفن وتأثير عمه وشقيقه الأكبر عمر راسم، وكذلك رحلته إلى باريس ولقائه بالرسامين الكبار، مثل إتيان دينيه وجورج مارسيت. وأضاف المحاضر أنّ محمد راسم ترك قاعدة مرجعية للرسّامين المعاصرين، ومن واجب الذاكرة أن تقدّر أعماله، مشيرا إلى أنّ ”التراث ليس الماضي، بل هو الحاضر والمستقبل للتنمية المستدامة”. من جانبها، تطرقت آمال ضيف الله الفنانة المختصة في الإضاءة والمنمنمات، للبعد الواقعي في مؤلفات راسم الفنية.
وقالت إنه لم يكن ذلك النوع من الفنانين الذين يرسمون عبر إلهامهم أو خيالهم، مثلما كانت الحال مع الرسامين المستشرقين. وأكّدت أنه كان يعيد إنتاج التراث الثقافي والتاريخي من خلال تنفيذ جزيئات لتأثيراته الخارجية.
وواصلت المتحدثة في تقديم عرض مطوّل عن السمات التاريخية والتراثية لعمل محمد راسم. وقالت آمال ضيف الله إن راسم غالبًا ما ”يبالغ” في العناصر في العمل نفسه، لمجرد نقل معلومات عن التراث الباطني أو المعماري أو تذوّق الطعام، التي تعكس فترات مختلفة من الحياة في الجزائر العاصمة.
وتابعت تقول: ”كان فنانا لعادات وتقاليد الجزائر بامتياز، وكان يقوم بالكثير من البحوث التاريخية قبل تنفيذ لوحاته. والغوصُ في أعمال محمد راسم يخبرنا عن الجانب الاجتماعي والثقافي مع عملية إعادة إنتاج وفية”. وتقدّم آمال ضيف الله معرضا بقاعة ”فرانس فانون” ضمن معرض جماعي موضوعه ”على خطوات محمد راسم”.
كما قدّمت للجمهور مختارات من أعمال محمد راسم، بينما ركّزت على حضور التراث الثقافي والاجتماعي للجزائر، من خلال أعمال مثل محلات منطقة سيدي عبد الله والأسطح وأيضا ليلة رمضان، وقالت: ”يمكننا أن نتعرّف على تفاصيل تراث أمس من خلال المجوهرات التي ترتديها النساء أو تفاصيل العمارة أو اللباس.. محمد راسم اهتم بالتفاصيل، وخلّدها بأصالة كبيرة”.
وبالنسبة لآمال ضيف الله، فإنّ أعمال محمد راسم هي ”مراجع تاريخية مرئية”، نجدها في لوحة ”ليلة رمضان” مثلا، بالإضافة إلى الجانب الاجتماعي والثقافي للإعداد للشهر الكريم في القصبة، مسجدان اختفيا في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، هما مسجد عبدي باشا ومسجد ميزو مورتو، لكن محمد راسم أعاد إحياء هذين المسجدين اللذين كانا في القصبة”.