مسرحية "عودة الحراقة" لرشيد معامرية
عرض يفتقر للمنطق والصراع الدرامي
- 800
أخفق العمل المسرحي "عودة الحراقة" الذي يمثل مسرح بجاية الجهوي "عبد المالك بوقرموح" في المهرجان الوطني الـ12 للمسرح المحترف، في إيصال معاناة المهاجرين غير الشرعيين للجمهور المتلقي، سهرة أول أمس بمسرح "محي الدين بشطارزي" الوطني، ذلك أن قصة العرض الذي كتبها وأخرجها رشيد معامرية لم تكتمل أركانها ولم ترتبط أحداثها، وترك والوقائع للصدفة.
اختار المخرج الذي مثل أيضا في المسرحية وجسد دور "محمود"، قصة واقعية بسيطة إلى غاية السطحية، لم تلمس عمق معاناة هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين الذين يعرفون في الشارع الجزائري بالحراقة. ولأن هذه الظاهرة لم يهتم المسرح الجزائري كثيرا بها، كان بوسع رشيد معامرية الاشتغال عليها بدقة أكثر.
الصراع كان خاليا من محتواه، لأنه لم يتناول القضية الأساسية التي بني عليها العرض، وهي معالجة المشاكل الإنسانية والمأساة التي تواجه "الحراق" لما يصل إلى الضفة الأخرى. بل حدثت مناوشات بين "محمود" و«البوهالي" (سامي زبيلة) فيمن يأخذ الدمية الكبيرة، وهي إسقاط على المرأة الأوروبية، لم ترق إلى نتيجة درامية من شأنها أن تدهش المتلقي، واستند العرض على الكوميديا المبنية على دغدغة مشاعر الجمهور بطريقة فجة.
عرفت المسرحية محطتين هامتين وقويتين؛ الأولى تتعلق بمكالمة الولد "عبد جليل" لأبيه "البوهالي"، يترجاه بأن يعود، مبديا خوفه من ظاهرة خطف الأطفال المتفشية حديثا. أما الثانية فتتمحور حول قرار الإثنان بالعودة إلى الوطن، لكنهما وصلا بندوب وجراح، في إشارة إلى قضية تجريم "الحراقة" في الجزائر.
تفتقر قصة المسرحية إلى المنطق وغياب الصراع الدرامي الحقيقي، فالنص ارتكز على أشياء خارجية وليس على بعد الشخصيات. أما الديكور فقد تناسب مع الحكاية لأنه يتلاءم مع السياق الواقعي، ونجح في عكس الظروف المزرية التي يعيشها شخوص المسرحية، وقد شغل حيزا على الخشبة لكنه لم يوظف دراميا باستثناء بعض الأجزاء.
مسرحية "عودة الحراقة" للمسرح الجهوي بجاية "عبد المالك بوقرموح"، عن نص وإخراج رشيد معامرية المعروف فنيا باسم "البرادعي" وأحبه الجمهور في سلسلة "عيسى سطوري"، وتمثيل سامي زبيلة، صورايا سيمود، رشيد معامرية، موسيقى يوسفي عبد العزيز، سينوغرافيا جمال عمراني.
❊دليل مالك
مسرح قسنطينة الجهوي ... "سلالم الظلمة" علاقة ضبابية بين السياسي والمفكر
عرضت مسرحية "سلالم الظلمة" لمسرح قسنطينة الجهوي "الحاج الطاهر فرقاني"، المترشحة في منافسة مهرجان المسرح المحترف الثاني عشر، على ركح المسرح الوطني "محي الدين بشطارزي"، يوم الأحد المنصرم، حيث أراد مخرجها كمال الدين فراد أن يقارب علاقة السياسي بالمفكر وأي مصير ينتظرهما في ظل الجو الضبابي المطبق، وارتكز النص على إسقاطات واضحة، من خلال مجموعة من الحكايات يكون فيها الفكر المنتصر وطوق نجاة للمأزق السياسي المتأزم.
يخوض كاتب النص والمخرج كمال الدين فراد تجربة جديدة في هذين المجالين، بعد أن مارس التمثيل لسنوات طويلة، ويتواجد ممثلا في هذا العمل أيضا، واتكأ على فكرة المسرح داخل المسرح، لدواع فنية، فقد ضم العرض أربعة قصص مختلفة من حيث الزمن والمكان وحتى الشخوص، وتفكك الديكور وتغييره في كل حكاية، واستعانته بالإضاءة لتجنب تراكم الأمكنة وأزمنتها، فكرة ذكية لتهوية العرض.
غلب على العرض الإيقاع البطيء والرتابة أثناء الوصل والفصل بين كل قصة أو مشهد يروي تلك الحكاية، الأمر الذي جعل مدة المسرحية تفوق 100 دقيقة، غير أن النص الساخر جعل المتلقين يكملون العرض إلى النهاية، ورغم الرمزية التي اعتمدها المخرج وابتعاده عن التشخيص المباشر، إلا أن الإيحاء كان جليا لراهن جزائري متعثر.
وتجلى التنديد بالسلطة سينوغرافيا من خلال مشهد إسقاط كرسي الحكم، وهي فكرة مستهلكة في الأعمال المسرحية الجزائرية. وتبنى المخرج في الجزء الأخير من العرض الخطابية والمباشرة، تجلى في الحوار الذي جرى بين الشخوص والسينوغرافيا، في مثال جر كرسي الحكم بحبل.
❊دليلة مالك