اختتام مهرجان الجزائر للضحك

عروض ساخرة بنكهة جزائرية خالصة

عروض ساخرة بنكهة جزائرية خالصة
  • 283
دليلة مالك دليلة مالك

أسدل الستار، ليلة أوّل أمس، على فعاليات مهرجان الجزائر للضحك في دورته السابعة، بحفل ختامي 100% جزائري، احتضنه المسرح الوطني وسط أجواء من الضحك والتصفيق الحار، حيث اجتمع جمهور متنوّع من مختلف الأعمار لمتابعة كوكبة من الكوميديين الذين قدّموا عروضًا ساخرة تعكس واقع المجتمع الجزائري بأسلوب جريء ومبتكر.

شهد الحفل الختامي لمهرجان الجزائر للضحك مزيجًا من الفكاهة الراقية والنقد الاجتماعي اللاذع، ما جعله مرآة صادقة لواقع المجتمع الجزائري بكل تناقضاته. 

افتتح الأمسية الكوميدي آدم كاسوري، الذي فاجأ الحضور برؤية غير تقليدية للحياة الزوجية، إذ عبّر عن قناعته بأنّ "الزواج عن حبّ لا يدوم"، مقدّمًا تصوّرًا ساخرًا للعلاقة الزوجية يتعارض مع التوقّعات الرومانسية المتعارف عليها. وقد ركّز في عرضه على الفجوة العاطفية التي يعيشها مع زوجته التي تحبه بصدق، بينما هو يتعامل مع الزواج ببرودة محكومة بالعقل، لا بالعاطفة.

تنقل آدم بين موضوعات مثل الصراع الأبدي بين الكنة والحماة، والعادات الوهرانية المرتبطة بالزفاف، بأسلوب نقديّ ساخر، وبلغ ذروته حين سرد تجربة طريفة داخل الحمّام، كطقس شائع قبل الزواج، ليختتم عرضه بحكايات عن شهر العسل بأسلوب يُضحك ويبكي.

أما الكوميدي سامي ڨوڨام، فقد انتقل بالمسرح إلى قلب الأحياء الشعبية، حيث صوّر "الحومة" كمزيج من التحديات اليومية والفكاهة السوداء. لم يتردّد في القول "اللي يحب يدير فيلم على القرصنة، يجي لحومتي". استعرض أجواء التعايش بين العنف والتضامن، بين الموهبة والبطالة، حيث سلّط الضوء على مشكلة المخدرات بلهجة نقدية لاذعة، مستغلًا التهكّم كأداة للوعي. كما تناول الصور النمطية عن "المافيا" و"الملتحين"، معرّجًا على مواضيع حسّاسة دون الوقوع في التعميم. الجمهور تفاعل بشدّة مع انتقاداته الساخرة لبرنامج السكن "عدل"، لاسيما فيما يخصّ التوزيع الجغرافي غير المنصف. أنهى عرضه بمقارنة مرحة بين معلمي اللغة الفرنسية "المرنين" ومعلمي اللغة العربية "الأكثر صرامة".

بدوره، قدم خالد بن عيسى شهادة من نوع آخر، ليس من خلال التهكّم فقط، بل عبر تسليط الضوء على الجانب المظلم من الفن. استعرض مسيرته كممثل اشتهر بأدوار "الشرير"، خاصة في المسلسلات الرمضانية، التي تناولت مواضيع مثل العنف ضدّ المرأة، الفساد، والخيانة. تحدّث بصراحة عن كواليس هذه الأعمال، وما يحدث "خلف الكاميرا" من توترات وأخطاء وظروف صعبة لا يدركها الجمهور. كما تقاسم بعض المواقف الطريفة أو المحرجة مع معجبين ربطوا بين شخصيته في الدراما وواقعه الحقيقي.

أما سليمان دريس، فقد نقل الحضور إلى عالم الإدارة الجزائرية، حيث عبّر عن صراعه مع البيروقراطية بأسلوب تهكّمي لاذع. تحدّث عن تعدّد اللغات داخل بيته بين الأمازيغية والعربية والفرنسية والانجليزية، ما ولّد مواقف يومية كوميدية. كما روى تفاصيل طريفة عن خالته التي كانت تتفنّن في "إبعاد العرسان" عن ابنتها، بأسلوب مبالغ فيه. ومرّ أيضًا على تجربته في المعهد العالي لمهن فنون العرض بروح نقدية خفيفة الظل.

في فقرة أخرى، استحضر فارس بركات موضوع "الرجولة" الجزائرية، وتهكّم على الصورة النمطية التي تُفرض على الرجال، والتي تُصوّر الرجل الحقيقي على أنّه بارد المشاعر وقاسٍ. اعتمد فارس على أسلوب السخرية الذاتية، مسلّطًا الضوء على علاقته المعقّدة مع والدته.

أما هشام، الكوميدي الكفيف، فقدّم واحدة من أكثر العروض تأثيرًا، حيث استخدم إعاقته البصرية كمصدر للنكتة والوعي في آنٍ واحد. لم يتردّد في كسر الصور النمطية التي تُفرض على ذوي الاحتياجات الخاصة، مستعينًا بالسخرية اللاذعة والصدق العفوي. تطرّق هشام أيضًا إلى مواضيع تتعلّق بالعائلة، والمهور، والعلاقات العاطفية في الجزائر.