محطات التواصل الثقافي بين الجزائر وموريتانيا

علاقات أسّستها الجغرافيا المشتركة وروابط الدين والعلم

علاقات أسّستها الجغرافيا المشتركة وروابط الدين والعلم
  • 180
 د. م د. م

«محطات التواصل الثقافي بين الجزائر وموريتانيا"، هو عنوان الندوة التي احتضنتها قاعة "آسيا جبار"، أوّل أمس، ضمن فعاليات الطبعة الثامنة والعشرين من صالون الجزائر الدولي للكتاب، وأبرزت عمق الروابط التاريخية والعلمية والروحية التي جمعت البلدين عبر القرون، من خلال القوافل التجارية، والطرق الصوفية، والرحلات العلمية.

بداية، أوضح الباحث الموريتاني يحيى ولد البراء في مداخلته أنّ العلاقات بين الجزائر وموريتانيا ليست وليدة الحاضر، بل تمتد إلى عصور بعيدة أسّستها الجغرافيا المشتركة وروابط الدين والعلم، حيث ساهمت رحلات الحج وطلب العلم والمراسلات بين العلماء في توطيدها. وأكّد أنّ الجزائر شكّلت مركزاً حضارياً بارزاً في العالم الإسلامي، امتدّ تأثيرها إلى عمق الصحراء الكبرى وموريتانيا، بفضل إشعاعها العلمي والزوايا التي انتشرت فيها.

أشار ولد البراء إلى الدور المحوري الذي لعبته القوافل التجارية العابرة للصحراء في دعم التواصل الإنساني والعلمي بين البلدين، كما استعرض أثر كبار العلماء الجزائريين الذين ساهموا في نقل العلوم والمعارف إلى بلاد شنقيط، على غرار أبو عبد الله الشريف التلمساني، وأبو يعلى الزواوي، وعبد الرحمن الأخضري، وأبو العباس الونشريسي، وعبد الرحمن الثعالبي.

كما أوضح أن مؤلفات هؤلاء العلماء، مثل "المختصر في المنطق" لمحمد بن يوسف السنوسي و«الموجز" للأخضري، ما تزال تُدرّس وتُتداول في موريتانيا إلى اليوم. كما تناول المتحدّث تأثير الطرق الصوفية الجزائرية، لا سيما القادرية والشاذلية والتجانية، في ترسيخ الروابط الروحية والفكرية بين البلدين، مبرزاً دورها في نشر التعاليم الإسلامية وتوحيد المرجعية الدينية في المنطقة. 

من جانبه، تحدّث الباحث الموريتاني ددوه بن عبد الله عن الحواضر العلمية الجزائرية مثل تلمسان، وتيهرت، وبسكرة، وتوات، وتندوف، والأغواط، التي كانت مراكز إشعاع علمي امتدّ أثرها إلى موريتانيا، مشيراً إلى دور الشيخ عبد الكريم المغيلي في نشر العلم والعقيدة ونقل الطريقة القادرية إلى غرب إفريقيا.

واختتم مدير الندوة خليل النحوي بالتأكيد على أنّ العوامل العلمية والثقافية والصوفية والتجارية أسهمت مجتمعة في ترسيخ العلاقات بين الجزائر وموريتانيا، مشدداً على أن هذا الإرث التاريخي العريق ما يزال يشكل جسراً متيناً للتعاون الثقافي والروحي بين الشعبين الشقيقين.