شاركت ولاية عنابة مؤخرا في المهرجان الثقافي الوطني للمونولوغ والفنون المسرحية بتندوف، لتؤكد حضورها الملفت ، حيث استطاع عرض "عيد الميلاد" الذي قدمته جمعية الزهراء الثقافية للفنون المسرحية بعنابة، أن يصنع الحدث، ويجذب الأنظار بفضل رؤيته الإبداعية، وأدائه المتفرد.

وجاء تتويج عنابة من خلال فوز العرض بجائزتين وطنيتين، كان لهما وقع خاص داخل أوساط المسرح، هما جائزة أحسن سينوغرافيا التي حصل عليها الفنان مودا، بعد أن صاغ فضاء بصريا محكما، جعل من السينوغرافيا عنصرا حيّا في بناء العمل، وجائزة حليم زريبيع للأداء المتميز التي جاءت تتويجا لأداء فردي مكثف، ارتكز على حضور قوي، وتوظيف ذكي للغة الجسد والإيقاع الداخلي للمشهد المسرحي.

هذا النجاح لم يكن وليد الصدفة، بل نتاج مسار طويل من الاجتهاد الذي يميّز الفرق المسرحية في عنابة، والتي أثبتت مرة أخرى أنها قادرة على منافسة أبرز الأسماء الوطنية في هذا الفن. وقد شكلت مشاركة عنابة في تندوف محطة مهمّة أعادت تسليط الضوء على طاقاتها الشابة، وعلى قدرتها على تقديم أعمال ذات عمق فني، تحمل خطابا مسرحيا معاصرا، وتطرح رؤية مغايرة لأشكال التعبير الدرامي.

وغادرت جمعية الزهراء تندوف وهي تحمل معها جوائز، لكن الأهم أنها حملت اعترافا من الساحة الوطنية بتميز تجربة عنابة المسرحية، تجربة تتجدد مع كل مشاركة، وتمنح للمونودراما الجزائرية أفقا أوسع للتجريب والإبداع، وبذلك تؤكد عنابة مرة أخرى، أنها ليست مجرد مدينة مشاركة، بل مدينة تصنع الفعل الثقافي، وتوقّع حضورها على خشبات الوطن بكل جدارة.