بفضل التفكير الإبداعي

فنانو قسنطينة يبرزون "تأثير الفن والثقافة في نضال الجزائريّين"

فنانو قسنطينة يبرزون "تأثير الفن والثقافة  في نضال الجزائريّين"
  • 616
شبيلة. ح شبيلة. ح

أجمع المشاركون في الندوة التاريخية "الفن والثورة" التي احتضنها المتحف الولائي للمجاهد بقسنطينة، على أنّ قصة النضال التحرري من أجل استقلال الجزائر، تجسدت في تحف الفكر والفن الإبداعي؛ حيث اندلعت مواهب الفنانين والمثقفين في الكشف عن ألم الاستعمار الفرنسي، وتسليط الضوء على المعاناة اليومية التي يواجهها الشعب الجزائري. وبفضل التفكير الإبداعي الفني تمكنت الأعمال الثقافية من بعث رسائل قوية إلى العالم بأسره، تطالب بالعدالة والحرية للجزائر، وشعبها.

 

قال ثلة من الفنانين والمثقفين المشاركين في الندوة التي أحياها المتحف الولائي أول أمس بمناسبة الذكرى 68 لاستشهاد الفنان علي معاشي المتزامنة مع اليوم الوطني للفنان، إن القادة الثوريين فهموا بشكل مباشر، ضرورة النضال الثقافي متعدّد الأوجه؛ حيث بذلوا جهودا كبيرة في تشجيع الفنون المختلفة؛ كوسيلة للتعبير عن الحقائق والتضحيات في سبيل الاستقلال.

وقد ركّز هؤلاء الزعماء على دور المسرح والأغنية والسينما والأدب والشعر والفنون البصرية، في نشر الوعي، وتعميق الروح الوطنية بين الشعب؛ إذ كانوا يدركون أن الثقافة لها دور حيوي في شكل الهوية الوطنية، وبناء المجتمع.

وهكذا أصبح النضال الثقافي والفني، حسبهم، جزءاً لا يتجزأ من النضال العام من أجل الحرية والاستقلال. وأضافوا أن الأعمال الفنية والثقافية شكّلت نقطة التقاء للتضامن والتأمّل في قضايا العدالة والكرامة الإنسانية، كما هي الحال بالنسبة للأعمال المسرحية والأغاني الثورية الوطنية التي كانت جزءا لا يتجزأ من مسيرة النضال الجزائري، نحو تحقيق السيادة الوطنية. وساهمت، بشكل بارز، في تأكيد هوية الجزائر، وتوثيق الروح الثورية لدى شعبها، وتشجيع الدعم الدولي لقضيتها.

وأوضح الحضور أن الأعمال المسرحية البارزة مثل "نحو النور" و«مونسرات" و«أبناء القصبة" و«الخالدون" و«دم الأحرار"، كانت تسلّط الضوء على الواقع الصعب الذي عاشته الجزائر خلال فترة الحرب من أجل الاستقلال؛ ما جعلها تؤثر بشكل عميق، في الوعي العام المحلي والدولي، وتبرز صمود الشعب الجزائري.

وتجلى تأثير هذه الأعمال الثقافية أيضا، في الأغاني الوطنية؛ مثل "قسما" ، و«أيما عزيزان اور تسرو" ، و«قلبي يا بلادي لا ينساك" التي ترسّخت كرموز للصمود والوحدة الوطنية، وكانت محطّ جذب للأذهان والقلوب في عدة دول.

من جهة أخرى، أكد عدد من الفنانين بالندوة، أن الصور الفنية والرسومات الفنية لفنانين جزائريين مثل محمد إسياخم ومحمد خدة وشكري مسلي وعبد الله بلعنتر، نجحت في تجسيد عزيمة الشعب الجزائري، والكشف عن جرائم الاستعمار الفرنسي؛ ما جعلها صوتا مؤثرا يتردد في قلوب الناس وأذهانهم، ويعزّز التضامن الدولي مع القضية الجزائرية بكل روعة وإبداع.

وقد أبرز فيلم "السويقة" نفسه كتحفةٍ فنية، تجسّد بأسلوبٍ مبدعٍ، نضال أهالي قسنطينة خلال الثورة الجزائرية؛ فقد استحوذت مقتطفات منه تم عرضها بالمناسبة، على انتباه الجمهور، ليؤكد الحضور من فنانين ومجاهدين أهمية هذا العمل السينمائي البارز، الذي يعود نجاحه اللافت إلى جهود كاتب السيناريو عمار محسن، والمخرج مهدي عبد الحق، اللذين نجحا في إعادة تجسيد جوانب حيوية من تاريخ الثورة الجزائرية.

ومن جهته، شرح المخرج مهدي عبد الحق تفاصيل حول هذا العمل التاريخي، الذي وصفه بقصة تنبض بروح الثورة؛ إذ تدور أحداثه في حي "السويقة" بقسنطينة خلال عام 1958؛ بإبراز فيلمه لنضال أهالي الحي ضد الاستعمار الفرنسي من خلال أحداث واقعية، متحدثا عن التحديات التي واجهته في تجسيد الحياة اليومية، والبنية التحتية للمدينة في ذلك الوقت.

أما مدير المجاهدين امحمد بلحاج جلول، فأشاد في تدخّله بالفن الجزائري بكل تنوّعه، مؤكدا أنه قدّم شهادة فنية خالدة عن الثورة الجزائرية. وعبّر عن مشاعر الشعب الجزائري وتطلّعاته. كما ساهم في توثيق هذه الملحمة التاريخية للأجيال القادمة. وأبرز دور الشعر كسلاح ثقافي مؤثر؛ حيث نظّم الشعراء قصائد خالدة، تمجّد المقاومة، وتخلّد تضحيات الشهداء.