نجحت في جذب الجمهور المحلي والعالمي

كيف تغيّر "توليوود" صناعة السينما الهندية؟

كيف تغيّر "توليوود" صناعة السينما الهندية؟
  • 140
م. ص م. ص

 شهدت الهند، مؤخراً، ظهور صناعة سينمائية تنافس بوليوود وتلفت الأنظار عالمياً، إنها توليوود. وكما تمثل مومباي مركز الأفلام الناطقة باللغة الهندية، صارت حيدر آباد في جنوب البلاد، مركز إنتاج الأفلام باللغة التيلوغوية، مستفيدةً من النجاح الكبير الذي حقّقته أفلام مثل "آر آر آر" و"باهوبالي"، حسب وكالة أسوشييتد برس.

تشمل "توليوود" جميع الأفلام المنتَجة باللغة التيلوغوية، والتي نجحت في السنوات الأخيرة في جذب الجمهور المحلي والعالمي بفضل أفلام أكشن مليئة بالحركة، وقصص أسطورية، والاعتماد على العناصر البصرية الضخمة والجذابة. وتمكنت من خلق هوية خاصةٍ بها منفصلة عن بوليوود؛ من خلال اعتمادها على عروض النجوم، والأعمال الملحمية واسعة النطاق.

وتنشط توليوود أساساً من مدينة حيدر آباد، التي تضم مدينة راموجي السينمائية. وهي منشأة تمتد على مساحة 674 هكتار، ما يجعلها أكبر مجمع استوديوهات سينمائي حول العالم، حسب موسوعة غينيس. وتضم المدينة استوديوهات ضخمة، وعشرات شركات الإنتاج، ومستودعات، وديكورات تصوير، ومرافق ما بعد الإنتاج. وتنتج نحو 300 فيلمٍ سنوياً، وهو رقم من الأكبر في البلاد، لكنّه يظلّ أقل من عدد الأفلام المنتجة في بوليوود.

وجذبت هذه الصناعة اهتمام جمهورٍ واسعٍ في الهند خلال فترة جائحة كورونا التي تزامنت مع التوسع السريع لخدمات البث التدفقي، ما سمح للعديد من الأفلام المنتجة بلغات غير الهندية، بالوصول إلى جمهور أوسع، بينما كان تركيز منتجي “بوليوود” منصباً على دُور العرض التي واجهت صعوبات متزايدة في جذب الجمهور، في ظل اعتمادهم على قصص مكرّرة، وإعادة إنتاج أعمال من لغات أخرى.

كما لفتت "أسوشييتد برس" إلى أن أحد أسباب نجاح توليوود هو قدرتها على توفير توازن نادر بين أفلام الحركة القوية والأفلام الحساسة المشحونة بدراما إنسانية حقيقية.  وقال صانع الأفلام تي في رافي نارايان الذي يعمل على فيلم سيرة ذاتية عن ناشط اجتماعي من القرن 18، "المتحدّثون بالتيلوغية يملكون اهتماماً كبيراً بالأفلام. إنهم يشاهدون ويتقبلون كل أنواع الأفلام. إنهم عشاق للسينما.. سواء كانت بميزانية كبيرة أو صغيرة، واقعية أو خيالية".

ما الذي يميز أفلام سينما التيلوغ؟

تتميّز أفلام توليوود بالمشاهد الحركية الكبيرة، والاستعراضية البصرية المعتمدة على المؤثرات. وغالباً ما تمزج بين الدراما العائلية والأكشن والأساطير. وتصدَّر بعدة لغات محلية بعد دبلجتها. كذلك، كغيرها من الأفلام الهندية، تتضمّن صوراً جذابة. وتعتمد على مشاهد الغناء والرقص في كثير من الأحيان.

في الوقت نفسه، تنتج الصناعة أفلاماً أصغر بميزانيات منخفضة تركّز على قصص متجذرة في الثقافة التيلوغوية. وغالباً ما تكون أحداثها في بيئات ريفية. وتتناول قضايا اجتماعية، وثقافات محلية، وعدم المساواة الطبقية. وتباع العديد من هذه الأعمال مباشرة إلى منصات مثل "نتفليكس" و"أمازون برايم" التي تحظى بانتشار واسع في الهند. ويملك نجوم توليوود مثل ماهش بابو، وألو أرجون، وبرابهاس، ورام شاران جمهوراً عابراً للأجيال، وغالباً ما تُربط مواعيد إصدار أفلامهم بمهرجانات دينية إقليمية. وتسبقها فعاليات؛ منها حفلات موسيقية، وعروض رقص، يحضرها عشرات الآلاف من الأشخاص. 

وفي دُور السينما بحيدر آباد، غالباً ما يرقص الجمهور، ويصفّرون أثناء عرض الأفلام، فيما تنتشر في شوارع المدينة اللوحات الإعلانية الضخمة التي تروّج لنجوم توليوود وأفلامهم. ونتيجةً لشعبيتهم الجارفة، تحوّل عدد من الممثلين في سينما التيلوغ إلى سياسيين مشهورين، أبرزهم النجم راما راو الذي تمكن عام 1983 من هزيمة حزب المؤتمر بقيادة رئيسة الوزراء إنديرا غاندي في الانتخابات المحلية، بعد تسعة أشهر فقط من تأسيسه حزباً، وهو الأمر الذي مكّنه من الوصول إلى مركز رئاسة الوزراء.

أسباب النجاح

ولفتت "أسوشييتد برس" إلى أنّ النجاح التجاري السريع لسينما توليوود خلال العقد الماضي، أعاد تشكيل مشهد صناعة الترفيه في الهند. ودفع بالسينما الإقليمية إلى المسرح العالمي. وينسب الكثيرون هذا النجاح إلى المخرج إس. إس. راجامولي صاحب فيلم "آر آر آر"، وهو ملحمة مدّتها ثلاث ساعات، تدور أحداثها في الهند تحت الاستعمار البريطاني. وصار هذا العمل أحد أكثر الأفلام نجاحاً في تاريخ البلاد. وحقّق انتشاراً عالمياً على منصات البث، وفاز بجائزة أوسكار لأفضل أغنية أصلية. وقبل ذلك، كان فيلمه “باهوبالي” بجزءيه الصادرين في 2015 و2017، قد حقّق أرقاماً قياسية. وأُعيد إصدار نسخة معدّلة منهما بعنوان "باهوبالي: ذا إبيك" في صالات السينما حول العالم في أكتوبر الماضي، فيما يُنتظر إطلاق فيلمه الجديد "فاراناسي" الذي يمزج بين السفر عبر الزمن والأساطير الهندوسية في عام 2027.

الإنتاج السينمائي في بوليوود يواجه أزمة اقتصادية تاريخية

تعتمد صناعة السينما التيلوغوية في أرباحها، على إيرادات دُور السينما، وحقوق التلفزيون، والموسيقى، والتوزيع الخارجي، وكذلك الشراكات مع العلامات التجارية. وتُعد في الوقت الحالي، ثاني أكبر صناعة سينمائية تحقيقاً للإيرادات في الهند بعد بوليوود. وعلى الرغم من سيطرة بعض العائلات البارزة ورجال الأعمال المؤثرين إقليمياً على توزيع الأفلام وعرضها، فإن حملات التسويق الضخمة ساهمت في انتشار الأفلام الناطقة بالتيلوغوية داخل الهند وخارجها. وغالباً ما يحقق النجوم أرباحاً كبيرة من اتفاقات تقاسم الإيرادات، ومن الإعلانات التجارية.