الدكتور مخلوف عامر في إصداره الجديد
لا مستقبل للحركات الإسلاموية
- 1124
يحاول الباحث الجزائري د. مخلوف عامر في كتابه "الدولة الإسلامية.. واقع تاريخي وهمي" والصادر حديثا عن دار العين، أن يقف على الهوة الفاصلة بين النظرية والممارسة في التجربة الإسلامية، حيث يرى أن الحركات الإسلاموية هيمنية بطبيعتها، ولا مستقبل لها تاريخيا، وكل ما تستطيع تحقيقه أنها تعوق المسيرة التاريخية، وفي تضييع الوقت خسارة يصعب تعويضها ويطول.
يقول الباحث الجزائري الدكتور مخلوف عامر في كتابه: "لقد هلّل كثيرون لانتصار الثورة الإيرانية، وابتهج الشاعر الجزائري مصطفى الغماري"، فكتب يومها ديوانه "خضراء تشرق من طهران"، ولكن قيادة الثورة يومئذ وبمجرد استيلائها على السلطة، شرعت في تصفية كل من تشتم فيه رائحة المعارضة، فكان هناك قتلى ومعوّقون ومهاجرون، واختزلت الجمهورية و"ديمقراطيتها" في سلطة المرشد الأعلى، وأخذت أطماعها تمتد إلى خارج حدودها، وهي اليوم تعيش مخاضا عسيرا، سينتهي يوما لا محالة بفشل الحاكمية الدينية مهما كان لونها". ويضيف: "كانت انتفاضة الخميني ضد الشاه باسم الدين، كما أنه في الجزائر، ومنذ أن فتح المجال للتعددية الحزبية كان قادة الأحزاب الدينية يوظفون الآيات القرآنية، وغالبا ما يكررون: "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتّبع ملّتهم"؛ ما يعني أن زعيم الحزب يصبح في المنطق الضمني معادلا للنبي، خليفة له أو نائبا يقوم مقامه.. هكذا تجتث الآية من سياقها، فيأخذ التحريف منحى جديدا".
ويلفت د. مخلوف إلى أن مبدأ الشورى "بقي موعظة أخلاقية لا أثر لها على المستوى العملي إلى غاية النموذج الإيراني أو الطالباني، فأما تركيا فمحكومة بعضويتها في حلف شمال الأطلسي، وتسعى للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وإذا ما استمر حزب العدالة والتنمية في السلطة وتم تحييد الجيش واستبعاده عن الساحة السياسية، فمن المحتمل على المدى المتوسط أو البعيد، أن يتجذّر خطابه نحو رؤية شمولية أحادية، يرى الحل في الإسلام وفي تطبيق الشريعة، وقد يعود إلى القول بالخلافة الإسلامية؛ إنها طبيعة الإيديولوجية الدينية التي تحتكر امتلاك الحقيقة ولو هي التزمت التقية مدة من الزمن.
وفي كل الأحوال، فإن المؤسسات الإدارية والهيئات المنتخبة في تركيا تسير اليوم بطرق ووسائل ليس لها من الإسلام سوى التسمية. إن أي حركة دينية تطمح بطبيعتها لأن تصبح سلطة مستبَدة؛ فهي مناقضة للديمقراطية".
ويرصد د. مخلوف لتاريخ ظهور جماعة الإخوان المسلمين في الجزائر عام 1962 عن طريق ما عرف يومئذ بجمعية القيم، وتسرّب فكرها والأحداث الإرهابية التي كانت وراءها، ويقول: "إنهم يدّعون خلافة إسلامية كفكرة طوباوية غير محددة المعالم، يتصورونها إمبراطورية تترامى أطرافها لتشمل الكرة الأرضية كلها، وينظرون إلى الصراع في فلسطين على أنه صراع يهودي إسلامي. ويضيف: "إن الإسلام في نظر الإسلامويين هو برنامج حزبهم إن كان لهم برنامج محدد حقا. ومن خالفهم إنما خالف الإسلام، فخرج من الملة. وصح أن وُصف بالكفر والإلحاد". كما يوضح د. مخلوف أن "النسبة الكبيرة من أتباع الإخوان المسلمين، تتشكل من الأميين الذين طُردوا من المدارس ومن الذين يعانون من مشاكل اجتماعية ونفسية، ويلجأون إلى الدين بدافع التعويض والتنفيس، ثم هناك التجار الكبار وأصحاب رؤوس الأموال الذين يدركون خطر العلمانية على مصالحهم، ويقومون بهذا النشاط السياسي عن قصد؛ فأما القادة والأمراء فيكونون عادة من خرّيجي الجامعات، والذين تلقوا تكوينا مستعجلا إما داخل البلاد أو خارجها".
وقد أصبح الجوّ في الجامعات الجزائرية مواتيا أكثر لنشاطاتهم؛ إذ يبدو أن معظم الإطارات تستقطب وتكون في المرحلة الجامعية؛ لأن الطلبة ظلوا فريسة التشتت والتبعثر في غياب منظمة طلابية قوية". ويوضح أنه إذا كان الإرهاب يشكل رأس الحربة فإن الجناح الموصوف بالمهادن أو المعتدل، يخفي دوما جمرة حية تحت رماده الهادئ، وهو يترقب الفرصة المناسبة التي تهب فيها العاصفة ليستعير لهيبها من جديد.
ويخلص د. مخلوف عامر إلى أنه لا مخرج ينتشل المجتمعات العربية من مستنقع التخلف والغيبيات والخرافات والفساد، إلا بالحسم في اتجاه ديمقراطي، لا انتخابوي تعددي شكلي، فالاتجاه الديمقراطي هو الكفيل بأن يخلّص الدين من الاستعمال السياسي، فلا يبقى سلاحا في أيدي الأصولية ولا متكأ للنظام أيضا؛ بذلك يتحرر الدين من مستنقع التدنيس ليرقى إلى أفق التقديس؛ فإما الديمقراطية وإما الشريعة، وكل مسعى توفيقي بينهما لا يزيد الوضع إلا انتكاسا وتدهورا.
يقول الباحث الجزائري الدكتور مخلوف عامر في كتابه: "لقد هلّل كثيرون لانتصار الثورة الإيرانية، وابتهج الشاعر الجزائري مصطفى الغماري"، فكتب يومها ديوانه "خضراء تشرق من طهران"، ولكن قيادة الثورة يومئذ وبمجرد استيلائها على السلطة، شرعت في تصفية كل من تشتم فيه رائحة المعارضة، فكان هناك قتلى ومعوّقون ومهاجرون، واختزلت الجمهورية و"ديمقراطيتها" في سلطة المرشد الأعلى، وأخذت أطماعها تمتد إلى خارج حدودها، وهي اليوم تعيش مخاضا عسيرا، سينتهي يوما لا محالة بفشل الحاكمية الدينية مهما كان لونها". ويضيف: "كانت انتفاضة الخميني ضد الشاه باسم الدين، كما أنه في الجزائر، ومنذ أن فتح المجال للتعددية الحزبية كان قادة الأحزاب الدينية يوظفون الآيات القرآنية، وغالبا ما يكررون: "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتّبع ملّتهم"؛ ما يعني أن زعيم الحزب يصبح في المنطق الضمني معادلا للنبي، خليفة له أو نائبا يقوم مقامه.. هكذا تجتث الآية من سياقها، فيأخذ التحريف منحى جديدا".
ويلفت د. مخلوف إلى أن مبدأ الشورى "بقي موعظة أخلاقية لا أثر لها على المستوى العملي إلى غاية النموذج الإيراني أو الطالباني، فأما تركيا فمحكومة بعضويتها في حلف شمال الأطلسي، وتسعى للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وإذا ما استمر حزب العدالة والتنمية في السلطة وتم تحييد الجيش واستبعاده عن الساحة السياسية، فمن المحتمل على المدى المتوسط أو البعيد، أن يتجذّر خطابه نحو رؤية شمولية أحادية، يرى الحل في الإسلام وفي تطبيق الشريعة، وقد يعود إلى القول بالخلافة الإسلامية؛ إنها طبيعة الإيديولوجية الدينية التي تحتكر امتلاك الحقيقة ولو هي التزمت التقية مدة من الزمن.
وفي كل الأحوال، فإن المؤسسات الإدارية والهيئات المنتخبة في تركيا تسير اليوم بطرق ووسائل ليس لها من الإسلام سوى التسمية. إن أي حركة دينية تطمح بطبيعتها لأن تصبح سلطة مستبَدة؛ فهي مناقضة للديمقراطية".
ويرصد د. مخلوف لتاريخ ظهور جماعة الإخوان المسلمين في الجزائر عام 1962 عن طريق ما عرف يومئذ بجمعية القيم، وتسرّب فكرها والأحداث الإرهابية التي كانت وراءها، ويقول: "إنهم يدّعون خلافة إسلامية كفكرة طوباوية غير محددة المعالم، يتصورونها إمبراطورية تترامى أطرافها لتشمل الكرة الأرضية كلها، وينظرون إلى الصراع في فلسطين على أنه صراع يهودي إسلامي. ويضيف: "إن الإسلام في نظر الإسلامويين هو برنامج حزبهم إن كان لهم برنامج محدد حقا. ومن خالفهم إنما خالف الإسلام، فخرج من الملة. وصح أن وُصف بالكفر والإلحاد". كما يوضح د. مخلوف أن "النسبة الكبيرة من أتباع الإخوان المسلمين، تتشكل من الأميين الذين طُردوا من المدارس ومن الذين يعانون من مشاكل اجتماعية ونفسية، ويلجأون إلى الدين بدافع التعويض والتنفيس، ثم هناك التجار الكبار وأصحاب رؤوس الأموال الذين يدركون خطر العلمانية على مصالحهم، ويقومون بهذا النشاط السياسي عن قصد؛ فأما القادة والأمراء فيكونون عادة من خرّيجي الجامعات، والذين تلقوا تكوينا مستعجلا إما داخل البلاد أو خارجها".
وقد أصبح الجوّ في الجامعات الجزائرية مواتيا أكثر لنشاطاتهم؛ إذ يبدو أن معظم الإطارات تستقطب وتكون في المرحلة الجامعية؛ لأن الطلبة ظلوا فريسة التشتت والتبعثر في غياب منظمة طلابية قوية". ويوضح أنه إذا كان الإرهاب يشكل رأس الحربة فإن الجناح الموصوف بالمهادن أو المعتدل، يخفي دوما جمرة حية تحت رماده الهادئ، وهو يترقب الفرصة المناسبة التي تهب فيها العاصفة ليستعير لهيبها من جديد.
ويخلص د. مخلوف عامر إلى أنه لا مخرج ينتشل المجتمعات العربية من مستنقع التخلف والغيبيات والخرافات والفساد، إلا بالحسم في اتجاه ديمقراطي، لا انتخابوي تعددي شكلي، فالاتجاه الديمقراطي هو الكفيل بأن يخلّص الدين من الاستعمال السياسي، فلا يبقى سلاحا في أيدي الأصولية ولا متكأ للنظام أيضا؛ بذلك يتحرر الدين من مستنقع التدنيس ليرقى إلى أفق التقديس؛ فإما الديمقراطية وإما الشريعة، وكل مسعى توفيقي بينهما لا يزيد الوضع إلا انتكاسا وتدهورا.