زيواني، سعيدي وأوليفار بأوبرا الجزائر
لقاء إبداعي بامتياز

- 235

انطلقت الدورة الرابعة عشرة من المهرجان الثقافي الدولي للموسيقى السيمفونية، الخميس 17 أفريل 2025، بحفل كلاسيكي راق جمع بين جوقين من قارتين متباعدتين جغرافيا متقاربتين إبداعيا فكان أن التحم الجوق السيمفوني الجزائري وأوركسترا الغرفة "سيمون بوليفار" الفنزويلي ليمنحا جمهور أوبرا الجزائر "بوعلام بسايح" لحظات مهرّبة من المتعة الهادئة الباعثة على التمعن والحلم.
في المستهل، اعتلت المايسترو زهية زيواني ركح الأوبرا لتقود الأوركسترا السمفونية المشتركة، في عزف جميل لافتتاحية "غيوم تل" للموسيقار الإيطالي جواكينو روسيني، اتّسم بالهدوء والقوّة في آن واحد، وتراقصت ألحان الآلات الوترية والنفخية في تناغم جميل، ففي كل موعد سيمفوني منذ أربعة عشرة طبعة، كانت ليلة الافتتاح فرصة لتجديد التأكيد على عالمية الموسيقى وتكريس المهارات وتميّز الإبداع الفني.
ولا يمكن أن لا تحضر فسطين في كلّ محفل فني جزائري، حيث ارتفع صوت الفنان الجزائري حسان كشاش بالقصيدة المقاتلة "عابرون.. في كلام عابر" لمحمود درويش مؤكّدا أنّ الشعر يصوغ قضايا الوجود الفردي والجماعي، ومما جاء فيها "منكم السيف ومنا دمنا، منكم الفولاذ والنار ومنا لحمنا، منكم دبابة أخرى ومنا حجر، منكم قنبلة الغاز ومنا المطر، وعلينا ما عليكم من سماء وهواء، فخذوا حصتكم من دمنا.. وانصرفوا، وادخلوا حفل عشاء راقص.. وانصرفوا وعلينا، نحن، أن نحرس ورد الشهداء.. وعلينا، نحن، أن نحيا كما نحن نشاء !".
تلاه صوت جزائري آخر لا يقل تميّزا بالأغنية الأيقونة "زهرة المدائن" للسيدة فيروز، فكان أن سمت ندى الريحان بروح الأغنية وكان مرورها على ركح دار الأوبرا مميزا تميز المايسترو لطفي سعيدي الذي أبدع كذلك في افتتاحية "العقعق اللص" للإيطالي روسيني، قبل أن يتبعه المايسترو الفنزويلي إنلويس مونتيس أوليفار بـ "تنهدات اسبانيا" للموسيقار ألفاريس، مضفيا على أوبرا الجزائر نفحات لاتينية جميلة وراقية، وعلى نفس الإيقاع اقترح المايسترو لطفي سعيدي "تومبور ديغراناديروس" لشابي ورافق السوبرانو سيرين خياري في مقطوعة "دا تومباست" لهندل أتبعها برقصة 2 لماركاز، جمع السوبرانو سيرين خياري والتنور بلال صحراوي في مقطوعة "برنديري" لفيردي.
"أجواء فنزويلا" أمتع فيها المايسترو إنلويس مونتيس أوليفار مثلما قادت المايسترو زهية زيواني "رقصة النار" من مقطوعة "الحب لساحر لفايا، ليأتي الدور على الحوزي الجزائري بقيادة المايسترو لطفي سعيدي بصوت أندلسي عذب، أضفى على الأجواء لمسة رقيقة رقة صوت لمياء أيت عمارة التي أجادت في "عيني شكات مع قلبي"، "يا بلارج" و"نار البين قدات" التي قدّمت بطبع سيمفوني ومسحة لاتينية ترجمتها آلة "المراكاس" التي تناغمت مع الحوزي العاصمي بامتياز.