الكاتب أكلي تاجر لـ"المساء":

للجزائريّين قدرة غير مألوفة على الصمود

للجزائريّين قدرة غير مألوفة على الصمود
الكاتب أكلي تاجر
  • 157
حاورته: لطيفة داريب حاورته: لطيفة داريب

❊ اليمين الفرنسي المتطرّف ينتعش من كراهيته للجزائر

❊ الفرنسيون يرَون استعمارَ بلدهم للجزائر صفحةً من التاريخ ونسوها 

أكّد الكاتب الفرانكو- جزائري أكلي تاجر، أنّ للجزائريين قدرة غير مألوفة على الصمود، مضيفا في حواره مع "المساء" : " طالما انتعش حزب اليمين الفرنسي المتطرّف من كراهيته للجزائر؛ كون كثير من مؤسّسي هذا الحزب كانوا منخرطين في منظمة الجيش السري، وقدامى "وافن. أس. أس" (الجناح العسكري للحزب النازي) والمتطوعين. وقال في نفس الصدد: "بالنسبة لهم، كلما كانت العلاقات متوترة مع الجزائر كلما كانت ذريعة لهم لتسليط الضوء على الهجرة، والمشاكل التي يمكن أن تنجرَّ منها". كما توقف محدثنا عند حصول ثلاثيته التي تناول فيها الاستعمار الفرنسي للجزائر، على جوائز.

❊ تحصّلت روايتك الأخيرة "بالخراب وبالمجد" على جائزة الكتاب الأوروبي والمتوسطي. كما نلت الجائزة الكبرى للرواية "ميتيس" ، عن روايتك "بالحب وبالحرب" ، وجائزة فيلنوف عن روايتك "بالجرأة وبالحرية" ؛ كيف تتعامل مع هذه الاستحقاقات؟

❊ الظفر بجائزة أدبية سواء كانت جائزة أدبية كبرى مثل جائزة الكتاب الأوروبي والمتوسطي، أو جائزة أكثر تواضعاً، يمنحنا دائما شعورا بالفرحة، والشرف، بالإضافة إلى أنّه يشكّل تقديرا للعمل. ومع ذلك لا أنفي أنّ نيلي الجائزة الأخيرة أثّر فيَّ بشكل خاص؛ لأنّني أشعر أنّها تلخّصني.. نعم لقد وُلدت بأوروبا، وتحديدا بفرنسا. قضيت طفولتي بباريس، وأعيش فيها؛ أي تربطني بها الجغرافيا، والعائلة، والوجدان. ثم هناك البحر الأبيض المتوسط، والجزائر طبعا؛ حيث ذكرياتي العائلية... ذكريات قضائي العطلَ هناك، واهتمامي الكبير بتاريخها العظيم؛ لهذا حينما كتبت ثلاثيتي "بالحب وبالحرب" و«بالجرأة وبالحرية" و«بالخراب وبالمجد" ، قمت بكثير من البحث، وتوصّلت إلى حقائق تاريخية لم أسمع عنها في المدرسة. ولا بدّ من القول إنّ بعضها لم يكن لامعا جداً، خاصةً خلال الحرب العالمية الثانية، وتحديدا تلك الجبهات الأمامية؛ أي معسكرات العمل المخصّصة للجنود الاستعماريين..

❊ هل ترى أنَّ نيل ثلاثيتك هذه الجوائزَ دليلٌ على اهتمام القارئ الفرنسي بتاريخ الاحتلال الفرنسي للجزائر تحديدا؟

❊ حينما كنت صغيرا لم يكن الجمهور الفرنسي يهتم كثيرا بالاستعمار الفرنسي للجزائر، بل عدّوه صفحة من التاريخ أرادوا نسيانها؛ فكيف يمكنك أن تروي هذا التاريخ لأطفال من آباء جزائريين، وأطفال من أبناء الأقدام السوداء في نفس الفصل؟! 

فعلا لم يكن هناك في السابق اهتمام بهذا الموضوع. ثم اكتشفت لاحقا من خلال جولاتي الأدبية، أنّ هناك جمهوراً لمثل هذه المواضيع.  

أعتقد أنّ ذلك يعود إلى العلاقة الخاصة التي تربط فرنسا بالجزائر؛ ففرنسا تشعر أنّها تفهم الجزائر، ومع ذلك هناك قطع ناقصة من "البازل" الخاص بهم، يبحثون عنها في كتبي؛ لأنني عندما أتحدث عن الجزائر فهي، أيضا، صفحات من تاريخهم الذي أسرده. 

❊ أي أنك بحثت في التاريخ لفهم أوجهه المختلفة، خاصة أنّك من مواليد فرنسا في سنوات الخمسينات؟

❊ بالرغم من أنّني وُلدت في فرنسا كما ذكرت، إلا أنني طالما كنت فخوراً بتاريخنا الذي اهتزّ بسبب العنف والخراب. 

للجزائريين قدرة غير مألوفة على الصمود! لقد اندثرت أقوام لأسباب أقل شراسة مما عاشه الشعب الجزائري طيلة 132 سنة من الاحتلال.

لم يحدث وأن أخفيت آرائي. الفرنسيون - ليس كلهم طبعا - لديهم علاقة غريبة بالتاريخ. كنا حينما نتحدث عن التاريخ نصل إلى مرحلة تسمى بنقطة "غولوين" ؛ أي أننا دائما ننتهي بالحديث عن الحرب العالمية الثانية، ولكن منذ بضع سنوات توجهت المحادثات إلى ما أسميه نقطة "دي زاد".

❊ نشهد في الفترة الأخيرة تصاعدا رهيبا لليمين الفرنسي المتطرف، ولحملاته المغرضة ضدّ الجزائر؛ هل أثّر هذا الوضع على يومياتك؟

❊ لطالما انتعش حزب اليمين الفرنسي المتطرف من كراهيته للجزائر. الكثير من مؤسّسي هذا الحزب كانوا منخرطين في منظمة الجيش السري وقدامى "وافن. أس. أس" (الجناح العسكري للحزب النازي) والمتطوعين. 

بالنسبة لهم، كلما كانت العلاقات متوترة مع الجزائر كلما كانت ذريعة لهم لتسليط الضوء على الهجرة، والمشاكل التي يمكن أن تنجرَّ منها. نحن جميعا على دراية بهذه الحجج، لكن احذروا.. فصعود اليمين المتطرف ليس مشكلة فرنسية فقط، بل كل أوروبا مصابة بها. 

تسألينني إن كنت أشعر بالتوتر في حياتي اليومية؟ نعم حتما؛ لأن القنوات الإخبارية لا تتوقف عن الحديث عن الجزائر التي لا تطأطئ رأسها.  في السابق كان هناك نوع من ضبط النفس عندما يتعلق الأمر بالجزائر، لكن الآن الجميع يعبّر كما يشاء. وأكثر ما يدهشني أنهم يتحدثون عن الجزائر وكأنها بلد توقف في 1962، في وقت لم تطأ قدم أحد منهم الجزائر المتطورة اليوم.