محمد الأمين بحري ضيف منتدى المسرح
لماذا المسرح لا يتبادل مع باقي الفنون؟
- 1331
تناول العدد الجديد من منتدى المسرح الوطني الجزائري، موضوع "المسرح والتبادل بين الفنون: إشكالات الجمود وإكراهات الانفتاح"، على منصة "الفايسبوك"، بتنشيط البروفسور محمد الأمين بحري، الذي دعا المعنيين إلى العمل معا، حتى يروج كل فن لفن آخر، مشيرا إلى أن الأمثلة الموجودة في الجزائر لا تتعدى بين فنين، على غرار الرواية والمسرح.
قال الأستاذ بحري "نشهد في عصر عالمية الفنون وفي جميع الدول المتقدمة فنا واقتصادا ومعرفة، أن أي إنتاج فني مهما كان جنسه (رواية، قصة، مسرحية، معزوفة موسيقية، فيلم سينمائي، لوحة رسم تشكيلي...)، من تلك المنجزات، ينشأ بين أهل فنه أولا، ثم يسافر عبر بقية الفنون الأخرى، تستثمر قصته وتكيفها مع آليات وطبيعة الفن النوع الفني الجديد ارتحل إليه، ليكتسب جماهير جديدة تضاف إلى جمهوره الأصلي".
تابع "الأمثلة لا تحصى عن تجليات القصة والرواية والشعر والأوبرا قديما وحديثا، في سائر الفنون، وما فعلته كارمن وسينيور أباتي، ودون جيوفاني، أو ميديا، سواء كموسيقى أو أوبرا أو رقصات، صالت وجالت عبر كل الفنون وأضحت خالدة في ذاكرة كل الشعوب"، والمغزى من هذه الأمثلة، أنه حين تتداخل الفنون، فإن بعضها ينقذ بعضا، وتوسع من فئات جمهورها، ليستقطب جماهير الفنون الأخرى، وقد يتسبب هذا التبادل الفني للمادة في صنع صيتها العالمي، وتساءل الباحث محمد الأمين بحري "لماذا لا يحدث تقاطع وتلاقح الفنون عندنا، حيث يأخذ كل منها بيد الآخر، فنشاهد عناوين، وشخصيات، ومادة فنية عابرة لكل أنواع الفنون؟، وما هي إكراهات التبادل بين الفنون؟".
أشار بحري "لماذا يولد لدينا العمل في حقله الفني (مسرحية، قطعة موسيقية، رواية، لوحة فنية،...) ويموت في ذلك الحقل نفسه، دون أن تعاد ولادته، أو نرى إشعاعه ينبعث في فن آخر، ويتم ترجمته إلى ميدان فني مجاور، فينفتح على جماهير سائر الفنون لتتبادل الفنون أفكارها، ونرى الإنتاج كل مرة بتقنيات فنية مختلفة، حسب كل لون فني يعيد بعثه؟ وتابع يقول في المقابل "لماذا تقوم بلدان الغرب بإنجاح المشاريع الفنية، حتى الفاشلة منها، لتجعلها عالمية عن طريق تجريب توظيفها في الفنون المجاورة؟ بينما نرى عندنا أن العمل حتى لو نجح في مجاله الفني فإنه يموت فيه ولا ينتقل إلى غيره. وكأن التبادل بين الفنون بات شيئا محرما، واقتباس أو استلهام عمل من نوع فني مجاور فعل مشين ومثير للسخرية، والعلاقة بين الفنون باتت مقطوعة، والتعاون بين أهل الفنون معدوما".
أكد المتحدث أن التبادل بين الفنون متوقف، واقتصر على مظاهر مزدوجة بين فنين فقط، كما سبق أن شاهدنا، بعض قصص وروايات الطاهر وطار (الشهداء يعودون هذا الأسبوع، اللاز)، أو ما شاهدناه مؤخرا في مسرحية التحولات (عن رواية الحمار الذهبي لأبوليوس) لمسرح سوق أهراس (إخراج محمد فريمهدي)، أو مسرحية (سكورا) للمسرح نفسه، عن رواية الملكة لأمين الزاوي (إخراج علي جبارة واقتباس ملياني محمد)، وغيرها كثير... لكن لم نرَ أن التبادل قد تجاوز أكثر من فنين فقط.
لا يساهم الفنانون التشكيليون والسينمائيون وحتى الشعراء، والراقصون والمصممون، وقادة الأوركسترا، في إذكاء هذا التبادل والتداول الفني بينهم، للتعريف بأعمالنا والسير بها في باقي بلدان العالم في التظاهرات التي يشاركون فيها، لأننا نعلم أن بعض الفنون، كالموسيقى والرسم، أكثر سهولة في التنقل والمشاركة العالمية من بقية الفنون التي تعرف مشاركتها عندنا صعوبات جمة في تنقلها.
في هذا الشأن، دعا الأستاذ محمد الأمين بحري بقية الفنون والقائمين عليها، من ممارسين ومسؤولين، وحتى جماهير وهواة، بتبادل منتجاتهم ومنجزاتهم، حتى نراها في أفق فنية أخرى، ولا تبقى حبيسة مهدها التي ولدت فيه، ولا تموت فيه، لأن مفهوم العالمية وطريقها يبدأ من الانفتاح المتبادل بين الفنون، ثم بين جماهير تلك الفنون، فالانتشار كظاهرة فنية بين دول العالم، قبل أن نعتقد بأن كل فن يستطيع بمفرده أن يصل إلى نجاحه المأمول بمعزل عن غيره. إننا بهذه القطيعة نقتل إبداعاتنا حين نحبسها في فنونها، فلا تسمع بها جماهير الفنون الأخرى، ولا العالم في دول أخرى.
الجدير بالذكر، أن محمد الأمين بحري يشتغل أستاذا في النقد والأدب العالمي بجامعة بسكرة في رتبة بروفيسور، له عدة مؤلفات في النقد والترجمة والفكر، فائز بعدة جوائز وطنية ودولية، آخرها المرتبة الأولى في الجائزة الدولية "مصطفى كاتب للدراسات المسرحية"، من تنظيم المسرح الوطني الجزائري عام 2018.
له من النشاطات المستقلة، في العديد من المشاركات في الملتقيات الوطنية والدولية، وكتابة المقال النقدي في المسرح والسينما، والرواية بمجلات ودوريات وجرائد وطنية وعربية. كما كانت له عضوية لجان تحكيم في جوائز محلية ودولية في الرواية والمسرح، وفي اللجان العلمية لمجلات أكاديمية محكمة وطنية ودولية.