أحسن معمري يعرض برواق "محمد راسم"

لوحات عن سحر أعالي البهجة وخليجها

لوحات عن سحر أعالي البهجة وخليجها
الفنان أحسن معمري
  • القراءات: 69
لطيفة داريب لطيفة داريب

وفاء الفنان أحسن معمري للمحروسة لا شكّ فيه. والدليل مواصلته رسمَها، وعرض لوحاته في معارض فنية مثلما هو الأمر حاليا برواق "محمد راسم" ؛ حيث يعرض مجموعة من أعماله المنجزة بالأسلوب الانطباعي وبالألوان الزيتية، معظمها رسمها عن معالم ومناظر الجزائر العاصمة.

أهمّ ما يشدّ انتباه زائر معرض أحسن معمري، هو رسمه أعالي العاصمة، وبحرها؛ وكأنّه أراد بذلك أن يرسم الجزائر البيضاء من فوق؛ حتى يُظهر شموخها، وعزتها، وكذا من الأسفل؛ حيث تغرس قدميها في البحر، بالإضافة إلى لوحات أخرى عن معالمها، وعن الصحراء الجزائرية، التي كان لها نصيب، أيضا، من لوحات الفنان، وكذا مجموعة بورتريهات عن نساء البهجة وجمالهن.
ورسم الفنان مسمكة الجزائر، التي أظهر فيها البنيان المقابل للبحر بأسلوب انطباعي ساحر، يأخذنا إلى هذا العالم الذي لا يتوقّف عن الحركة. والدليل مجموعة من الصيادين يقومون بمهامهم بكلّ عزم. لوحة أخرى عن خليج البحر رسم فيها عدّة قوارب راسية في البحر، وأخرى تحمل أصحابها متّجهين إلى الصيد أو عائدين منه. كما أنجز الفنان لوحة عن هيجان البحر، واضطراب موجاته التي تصطدم بالأسوار. وفي أعلى اللوحة نجد كنيسة السيدة الإفريقية، ليعبرّ بذلك عن جمال خليجنا، الذي لا يفوته في البهاء إلاّ خليج ريو ديجانيرو، حسب الفنان.

ويبتغي الفنان رسم أعالي الجزائر العاصمة؛ حيث تصطفّ المباني على أطراف البحر المرصّع بالقوارب. وهناك في الأعلى نجد امرأة بالحايك تمشي مزهوّة بلباسها التقليدي، الذي لن تقبل بتغييره أبدا.  كما رسم أمعمري الشرفات التي يمكن أن نطلّ منها على العاصمة؛ مثل شرفات الأبيار، والتي تكشف لنا عن جمال المحروسة من مختلف الزوايا. كما يعرض لوحة عن ساحة الشهداء؛ حيث يطلّ الناس، وأغلبهم نساء، من شرفاتها، على خليج الجزائر المبهر. ولوحة امرتين تلبسان اللباس العاصمي، وتطلاّن من شرفات القصبة. ولوحة جميلة فعلا، رسم فيها الفنان زيارة نساء القصبة ضريح سيدي عبد الرحمن قبل يوم واحد من الاحتفال بالمولد النبوي الشريف. فعلا، استطاع الفنان أن يرسم لوحات انطباعية لكن بلمسة واقعية، فركّز على تفاصيل المباني، والأشجار، والخليج، وفي نفس الوقت لم يدقّق في ملامح الناس إلاّ في قلّة من اللوحات باستثناء البورتريهات.

وبالمقابل، أنجز أحسن عدّة لوحات عن معالم العاصمة؛ مثل لوحة عن البريد المركزي الذي بُني عام 1910 بالطراز المغاربي الجديد، الذي شُيّدت به الأميرالية، ومقر ولاية الجزائر. وكذا لوحة عن الأحصنة التي تزيّن منطقة ساحة الشهداء بالقرب من قصر رياس البحر، علاوة على لوحة "جامع كتشاوة" الشامخ. ورسم في هذا العمل نساء يرتدين الحايك؛ رمز الأصالة والتميّز.
ولم يتوقّف أحسن عند رسم العاصمة فقط، بل رسم عدّة لوحات عن الصحراء، وفيها سلّط الضوء على جمال الطبيعة، وعراقة التقاليد؛ مثل اللوحات التي رسمها عن فانتازيا، فدقّق في قوّة الأحصنة، وأناقة الفرسان، وحضورهم الطاغي، والذين مايزالون متمسكين بتراثهم العتيق والنفيس.

كما أُعجب معمري كثيرا بالتوارق، الذين لم تُغرهم مظاهر التمدن ولا بريق الحياة الرغدة، بل يواصلون امتطاء جمالهم، والاحتفال على طريقتهم الخاصة. كما رسم لوحة عن ترقي يجلس متأملا، وبالقرب منه امرأة تعزف على آلة الإمزاد، بالإضافة إلى لوحات أخرى عن مناطق مختلفة؛ مثل منطقة القبائل، التي رسم مناظرها الطبيعية الخلابة، وأناسها الذين يرتدون، طبعا، الزي المحلي.
وفضّل الفنان أن يعرض، أيضا، بورتريهات جاءت مختلفة عن اللوحات الأخرى؛ فقد حدّد فيها تفاصيل الأوجه؛ مثل المرأة التي ترتدي الزي الشاوي، وتتزين بالحليّ، وتحمل سلة من التين.  لوحة أخرى وهذه المرة عن امرأة صحراوية مزيّنة بالحلي الفضية. وثالثة عاصمية بالقرب منها عصفور "المقنين" وصندوق العروس. ولوحة عروس تنتظر أن تُزفّ إلى زوجها، وأخرى لامرأة تعزف على آلة الرباب.