شاطئ ريزي عمر
محطة للثقافة وللمرح في صيف عنابة

- 142

أضاءت فعاليات ثقافية وفكرية شاطئ ريزي عمر بعنابة أول أمس؛ حيث تحوّل المكان إلى فضاء يجمع بين المتعة والمعرفة، تحت شعار "صيفنا... لمّة وأمان".
جاء هذا النشاط في إطار تنشيط موسم الاصطياف بإشراف مديرية الثقافة والفنون لولاية عنابة، وبمشاركة المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية بركات سليمان، والجمعية الولائية لترقية وإدماج الشباب، ونادي السلام الرياضي العطف – غرداية، وبدعم من دار الثقافة محمد بوضياف.
وتضمّن البرنامج فقرات ثرية ومتنوعة، أبرزها نشاط المكتبة المتنقلة التي أتاحت للأطفال فرصة الاطلاع على الكتب والمطالعة في أجواء بحرية منعشة، إلى جانب مسابقات فكرية وثقافية، خلقت جوا من التنافس الإيجابي بين المشاركين.
كما استمتع الحضور بعروض بهلوانية وفقرات ترفيهية، من بينها فقرة "المهندس المرح" مع الفنان حاج إبراهيم محمد بن سليمان، التي مزجت بين التعليم والتسلية بطريقة مبتكرة.
ولم يقتصر النشاط على الترفيه، بل حمل، أيضا، رسالة توعوية مهمة، حيث نُظمت حملة تحسيسية للوقاية من مخاطر المخدرات والألعاب الإلكترونية، بمشاركة أساتذة ومختصين قدّموا نصائح عملية للأطفال وأوليائهم، بهدف تعزيز الوعي، وحماية النشء من السلوكيات السلبية.
وقد لاقى النشاط إقبالًا كبيرا من الأطفال والعائلات، التي وجدت في الفعاليات بديلًا ممتعا وهادفا عن الألعاب الإلكترونية، ومتنفسا ثقافيا في أجواء صيفية مرحة.
وأكدت هذه المبادرة أن الثقافة يمكن أن تخرج من جدران المؤسسات إلى الفضاءات المفتوحة، حيث يلتقي عبق المعرفة بنسيم البحر.
وفي هذا السياق، عانقت عنابة، ليلة أول أمس، موسيقى البحر ونور القمر، في سهرة فنية ساحرة، احتضنها شاطئ ريزي عمر على أنغام ليالي صيف عنابة الفنية، الموسيقية والغنائية.
السهرة التي جاءت بتنظيم مديرية الثقافة والسياحة والرياضة وتحت إشراف المجلس الشعبي وبالتنسيق مع جمعية لجنة الحفلات لبلدية عنابة، تحوّلت إلى لوحة فنية يتداخل فيها صوت الموج مع نغمات العود والكمان، ويذوب فيها عبق التراث مع روح العصر.
وعلى منصة تتلألأ تحت أضواء ملونة، افتتح الفنان جمال معوش الأمسية بباقة من الأغاني العصرية، التي أشعلت القلوب قبل الساحة. تلاه الفنان رابح عابد، الذي قدّم ألحانا تفيض بالبهجة والرقص، فتنقلت مشاعر الجمهور بين الحنين والفرح. غير أن اللحظة الأكثر دفءا كانت مع عودة فنان المالوف ناصر طبرقة، الذي غاب عن جمهوره فترة، ثم عاد حاملاً نبرة صوت تحمل رائحة الزمن الجميل، فأطلق توليفته المالوفية كما لو كانت دعوة للبحر نفسه، كي يرقص على أنغامها.
الجمهور الذي تنوع بين شباب متعطّشين للإيقاع وكهول يحفظون المالوف عن ظهر قلب، تجاوب بحرارة؛ يصفق تارة، ويشارك بالغناء تارة أخرى، حتى بدا الشاطئ وكأنه مسرح مفتوح، تتقاطع فيه الحكايات والأغاني والذكريات.
وفي الخلفية كانت الأمواج تتكسر برفق، كأنها إيقاع ثانٍ يرافق السهرة، فيما انعكس ضوء القمر على سطح الماء، ليضيف لمسة رومانسية تزيد المشهد بهاءً.
ليلة شاطئ ريزي عمر لم تكن مجرد حفل موسيقي، بل كانت احتفالًا بانصهار الأجيال والألوان الموسيقية، وتأكيدا على أن عنابة بموروثها الغني وحسها الفني، قادرة دائما على صياغة أمسيات تحفظها الذاكرة طويلاً.